"الزميتة ".. طبق قبائلي يحضر لإعلان حملة جز الصوف في مثل هذه الفترة من كل سنة يكون مربو المواشي قد انهوا حملتهم الخاصة بجز الصوف التي تمس رؤوس المواشي التي يقارب أو يفوق سنها الحول حيث يقوم الفلاحون بجز صوف أغنامهم قبل حلول فصل الصيف في حملة متعبة تستغرق أحيانا شهرين كاملين بالنظر إلى أنها تتطلب الصبر والدقة والقوة البدنية الجيدة وتحتاج أيضا إلى التضامن بين الفلاحين خاصة الذين لديهم عدد كبير من الرؤوس . و الحملة بقدر ما هي شاقة تعد شيقة أيضا لان بعض المناطق تشهد مع كل عودة لها أجواء مميزة يصنعها نشاط الفلاحين الذين يسابقون بزوغ الشمس وحركية النسوة التي ينشغلن بتحضير أشهى الأطباق لأزواجهن وضجيج الأطفال في الحقول. فمنطقة توبو الواقعة على بعد نحو 5 كلم عن بلدية اليشير بولاية برج بوعريريج لا يزال أهلها متمسكون بعادة إحياء حملة جز الصوف حيث يجمعهم الطبق الرئيسي الذي يطلق عليه إسم ( الزميتة ) و يقدم للفلاحين المشاركين في "التويزة" قبل موعد الغذاء . يقول عمي محمد المسعود بن عامر فلاح في العقد السادس من العمر وهو من منطقة توبو أن هذا الطبق تحضره النسوة للفلاحين وهو عبارة عن خلاصة دقيق القمح الناتج عن الطاحونة اليدوية يخلط مع الزبدة والقليل من القمح ويستحسن أن يكون الدهن طبيعيا أي زبدة البقرة يقدم مباشرة للفلاحين خلال الصباح قبل موعد الغذاء في حدود الساعة العاشرة . ويؤكد أن هذا الطبق يمنح الحيوية والنشاط ويؤخر الإحساس بالجوع . ويشترط تقديم الطبق كما أوضح في صحن كبير ويفضل أن يكون مصنوعا من الطين ، ويلتف حوله المشاركون في عملية "التويزة" وتعد تلك الفترة وقتا مستقطعا لا أكثر، لأن العمل يستمر إلى غاية المغيب ثم يليه الغذاء الذي يكون مميزا ، والكسكسي فيه سيد الأطباق ، حيث يقوم احد الفلاحين بنحر خروف من رؤوس مواشيه لإطعام المتطوعين في "التويزة" وكلما يحين دور كل واحد يقوم بالمثل دون تردد لان الكرم ميزة أهل هذه المنطقة . وفي مثل هذه الظروف يتجاوزون الخلافات وينصب الاهتمام حول هدف واحد وهو إنجاح الحملة التي تستمر غالبا على مدار شهرين كاملين. هذه عادة سكان قرية توبو إحدى قرى ولاية البرج والوضع ليس نفسه بالنسبة لقرى أخرى من الوطن التي تمر فيها الحملة مرور الكرام إلى درجة أن النساء تنوب عن الرجال في مثل هذه الظروف كما هو الحال بالنسبة لقرى أعراش اث يعلى التي دخلت فيها المرأة العالم الرجالي بكل احترافية فهي التي تقوم بالجز ثم استخلاص الصوف لاستعماله في النسيج لصنع البرانس الرجالية والأفرشة والوسائد أو بإعادة بيعه في الأسواق والمساهمة بعائداته في مصاريف البيت لأنها تؤمن بإرادتها في تحقيق ما لم يحققه الرجال . هذا ويمكن القول في الأخير إلى أنه مهما قل الاهتمام بعادة حملة جز الصوف إلا أن مربي المواشي بصفتهم أهل الحرفة تجدهم يضبطون عقارب ساعاتهم كلما يحين الربيع استعدادا للعملية، التي تظهر فيها القطعان عارية كأحد مؤشرات قدوم فصل الصيف. كهينة دحاك