الدبلوماسية الجزائرية تعتبر دبلوماسية شراكات لا تحالفات قال أستاذ العلوم السياسية بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية الدكتور فاتح خننو، أن الجزائر تشكل ووفق دبلوماسيتها العقلانية التي تشتغل في إطار مبادئ ونهج لا يتغير وثابت، قد حققت نموذج استقرار في منطقة الفضاء المغاربي، مما جعلها -كما أضاف -محل اهتمام وتقدير من القوى ، سواء الإقليمية أو الدولية الكبرى، مؤكدا أن الدبلوماسية الجزائرية محركة للملفات دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول ،و أضاف أن الجزائر نموذج للوساطة بمعنى أنها محل ثقة، لأن لها إرث من الوساطات الناجحة، ولها أيضا تجربة المصالحة الوطنية التي تسوق في مختلف دول العالم. وأكد الدكتور فاتح خننو، أن الدبلوماسية الجزائرية تعتبر دبلوماسية شراكات وليست تحالفات، لذلك تحتفظ الجزائر بعلاقات قوية مع مختلف الفاعلين الإقليميين والدوليين، مما جعل المواقف الفرنسية والأمريكية -كما قال- تشيد بالدور الجزائري الحاسم والهام في منطقة الفضاء المغاربي، مشيرا في هذا الصدد إلى تقرير لمجلس الشيوخ الفرنسي والذي أكد أن الجزائر تضطلع بدور حاسم في استقرار منطقة الأورو متوسط ، إضافة إلى إشادة السفير الأمريكي الجديد، جون ديروشر بالدور الريادي للجزائر في حفظ الأمن الإقليمي ، وتأكيده أن الجزائر صدّرت مكسب السلام لجيرانها، وأوضح فاتح خننو في تصريح للنصر ، أمس، أن الدبلوماسية الجزائرية أيضا دبلوماسية محركة للملفات ولا تقف موقف المتفرج منها ولكنها في نفس الوقت تحترم مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مما أعطاها رصيدا وزخما كبيرين في الترويج والتسويق لخطاب الدولة الجزائرية، سواء في مجال تجربتها في مكافحة الإرهاب أو في مجال تجربتها في المصالحة الوطنية، كما أشار إلى أن الدبلوماسية الجزائرية، أيضا تشتغل بالتوازي مع القوة الصلبة وهي الجيش الوطني الشعبي الذي يضطلع بتأمين الحدود وتحصين الأمن القومي الجزائري، في ظل الإقليم المضطرب بإيقاعات مختلفة، وهي ثنائية مقدسة «دبلوماسية – جيش»-كما قال- تشتعل بها الدولة الجزائرية . وأضاف المتحدث ذاته، أن المنطقة بكاملها والشرق الأوسط بكامله يمر بتحول جيوستراتيجي معقد وأن التحديات ليست سهلة ولكن الجزائر لديها الإمكانيات وجاهزة لمواجهة التحديات المختلفة ، مبرزا أن نموذج الاستقرار مهم لجلب الاستثمارات وخلق شراكات مع كل الفاعلين الآخرين ، وأوضح أنه عندما ننظر إلى الجوار الملتهب نجد أن الدولة الوحيدة التي تدعو إلى حلول سلمية وسياسية هي الدولة الجزائرية ، وقال أن الغرب سواء فرنسا أو الولاياتالمتحدةالأمريكية أو الدول الأوروبية تعلم، أن عامل الاستقرار في منطقة الفضاء المغاربي، مكونه الأساسي هو الجزائر لاعتبارات استراتيجية ، مؤكدا في نفس الإطار، أن الجزائر دولة تحظى بإمكانيات إستراتيجية سواء على المستوى الجيو ستراتيجي والجغرافي و التاريخي والاقتصادي والثقافي تثير الغيرة على حد تعبيره. محدثنا أبرز أن الدبلوماسية الجزائرية هي محركة للملفات، فمثلا عندما وقعت الأزمة في الخليج، لم تقف الجزائر واقفة، بل تحركت، حيث يقوم مساهل حاليا بجولة شرق أوسطية ، موضحا في السياق ذاته أن الجزائر تقف على مسافة واحدة اتجاه كل الفاعلين في الأزمة الخليجية، لأن الجزائر تؤمن دائما بالعمل العربي المشترك وتنبذ النزاعات وتجنح إلى الحلول السياسية والسلمية. وأضاف الأستاذ في نفس الإطار، أن الجزائر في الأزمات البنيوية التي تحصل على مستوى الفضاءات الجيوسياسية المختلفة لا تبقى في موقف المتفرج وإنما تحرك ملفاتها، شرط احترام سيادة الدول، لأن من النقاط المهمة التي تعتمد عليها فلسفة الدولة الجزائرية عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وبخصوص الأزمة الليبية ، نجد -كما قال- أن الليبيين يؤكدون أن الدولة الوحيدة التي لها رؤية واضحة تجاه ليبيا هي الجزائر، ولفت إلى أن الجزائر وفي إطار رسم إستراتيجيتها أيضا ساعدها في ذلك تنويع الشراكات الإستراتيجية ، فالجزائر لديها علاقات مع الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا ولديها أيضا علاقات مع أمريكا وروسيا وإيران وتركيا وغيرها، فتنويع الشراكات الاستراتيجية مع كل الفاعلين الإقليميين والدوليين -كما أضاف- ساعد الجزائر على أنها تبلور تصور استراتيجي اتجاه الملفات المشتعلة في المنطقة، موضحا أن الدول الغربية مثل أمريكاوفرنسا تعرف أحجام الدول ، وفي الفضاءات الجيوسياسية مثل الفضاء المغاربي، أمريكا تعرف أن الجزائر هي التي تؤثر في المنطقة، مشيرا إلى أن العلاقات الجزائريةالأمريكية قوية تاريخيا ، وأن الجزائر تعتبر شريكا استراتيجيا . و يرى أستاذ العلوم السياسية بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية، أن المنطقة تمر اليوم بأعقد لحظة تاريخية، وقال أن إعادة رسم الخرائط الجغرافية الجديدة بعد 100 سنة من سايس بيكو، أصبحت حقيقة جيو استراتيجية ، مضيفا أن الرهان كبير، لذلك تتحرك الجزائر بقوة لحفظ الحدود وتأمين الأمن القومي، على خلفية التحولات الاستراتيجية المعقدة التي تمر بها الفضاءات الجيوسياسية في المغرب العربي والشرق الأوسط برمته.