عودة سريعة إلى حظيرة الكبار بعودته السريعة إلى حظيرة الكبار يكون شباب باتنة قد أثبت بأن الأندية العريقة لا تموت، وصعوده إلى الرابطة المحترفة الأولى بعد موسم واحد من سقوطه، لا يمكن وصفه سوى بالطبيعي والمنطقي لفريق فاق عمره (77)سنة، كما جاء كنتيجة حتمية للمجهودات الجبارة والتضحيات الكبيرة لكل الأطراف الفاعلة لأسرة الكاب. وإذا كان الأنصار قد اعتبروا صعود فريقهم بمثابة معجزة، بالنظر لحالة اللاإستقرار التي ميزت مشواره والمشاكل بالجملة التي صادفته، فإن حقيقة الميدان أكدت بأن سطوع نجمه كان منتظرا ومستحقا، ولو أن الأمر لم يكن سهلا. ف "الكاب" أكد هذا الموسم جدارته وأحقيته في توقيع شهادة الارتقاء في مجموعة صعبة، نظرا لطبيعة لقاءاتها الساخنة والقوية، وتعدد الفرق الطموحة التي تفتحت شهيتها مع مرور الأسابيع في ظل وجود 3 تذاكر في المزاد. ركوب القطار المؤدي إلى الرابطة المحترفة الأولى، لم يكن ضربة حظ، بل كان مخططا له بعد رحلة متعبة، فهو نتاج تضحية كبيرة للاعبين والطاقم الفني والمسيرين، هؤلاء الذين رسموا معالم النجاح منذ المقابلة الافتتاحية، ما ساعد الفريق على اكتساح دروب المنافسة بقوة وثبات، من خلال حمل مشعل التحدي ورمي مشاكله الداخلية خلف ظهره. فرغم تضييعه لقب الدوري لفائدة السنافر جراء عديد العوامل، واكتفائه بالمرتبة الثالثة برصيد 51 نقطة، إلا أن الإنجاز الكبير لشباب باتنة وعودته السريعة إلى مكانته الحقيقية، جعل أنصار الفريق يعيشون أجواء احتفالية مميزة، إذ وبمجرد أن تلقت الإدارة تهان المكتب الفيدرالي بمناسبة صعود الفريق رفقة السنافر و النصرية، تحولت معاقل الشباب ومعها مختلف الساحات والأحياء الشعبية، والشوارع الرئيسية منها ممرات بن بولعيد وساحة المسرح الجهوي، إلى فضاءات للتعبير عن الفرحة والابتهاج بهذا الحدث، في صورة حية كسرت جدار الصمت وملأت فراغ المدينة. فعلى مدار الأيام الأخيرة وإلى غاية العودة من المحمدية بنتيجة التعادل في جولة إسدال الستار، نجح عشاق اللونين الأزرق والأحمر في صنع طقوس احتفالية، وأعراس وفق تقاليد المنطقة، من خلال الأغاني الشاوية ذات الطبوع المختلفة، المرفقة بدوي البارود والمفرقعات و الزرنة و البندير، بالإضافة إلى منبهات السيارات والشاحنات في مواكب تعجز الكلمات عن وصفها. هذه الصورة التي تعكس تعلق "الشواية" بفريقهم، جعلت المحيط العام للفريق وقدامى اللاعبين والمسيرين يطالبون بضرورة استئناف الأعراس عقب إسدال الستار على فعاليات البطولة وذلك على مدار 7 أيام، مع نحر "ذكر الماعز" وفق وصية يقال بأنها لأحد عشاق "الكاب" تركها قبل وفاته، وهذا لإزالة "العين" وإبعاد النحس الذي ظل يلاحق الفريق كلما ارتقى إلى مصاف الكبار، ومن ثمة وضع حد لركوب المصعد بين القسمين الأول والثاني. 4 مدربين تعاقبوا في موسم متميز يعد هذا الموسم الأكثر تميزا بشهادة العارفين بخبايا الفريق، ليس بتحقيق الصعود فقط، بل للأحداث التي عرفها مشوار الكاب. فبالإضافة إلى حجز مكانة ضمن "ترويكا" المقدمة قبل 3 جولات من نهاية البطولة، شارك الشباب ولأول مرة في تاريخه في منافسة كأس "الكاف" رغم انتمائه للقسم الثاني، وخرج بشرف كبير على يد النصر الليبي. كما أن فوزه في مباراة "الديربي" على الجارة المولودية في مباراة العودة بهدف يتيم لبوحربيط، فك بواسطته شفرة سيطرة دامت 20 سنة من طرف البوبية، كما شكل أيضا حدثا مميزا في مسار الفريق الذي تعاقب كذلك على عارضته الفنية 4 مدربين، ترك كل واحد منهم بصماته على مسار الصعود. فباستثناء بوعراطة الذي تولى تدريب وتحضير الفريق خلال فترة التحضيرات الصيفية، وانسحب قبل انطلاق البطولة جراء خلافات مع الإدارة، يبقى يعيش، بوفنارة، و تبيب من المساهمين في تحقيق هذا المكسب، كل حسب الفترة التي قضاها على رأس العارضة الفنية. نتائج مقبولة وسذاجة الفريق فوتت عليه اللقب أجمع المتتبعون على أن شباب باتنة كان بإمكانه الظفر باللقب، لو لا تهاون لاعبيه وسذاجتهم التي كلفتهم تضييع نقاط على قدر كبير من الأهمية بملعب أول نوفمبر، خاصة أمام سريع المحمدية، وأولمبي المدية. وقد سجل الفريق 14 انتصارا وتعادل في9 مناسبات آخرها في المحمدية، مع 7 أنهزامات، وهي حصيلة مكنته من خطف الصف الثالث، ما يجسد غياب منافسة حقيقية على المراتب الأولى. وبالمختصر فإن شباب باتنة وفى بوعده وعاد إلى حظيرة الكبار، ووفق في تجسيد حلم أنصاره والتأكيد على أنه بشيء من الإرادة و "النيف" وكثير من التحدي، يمكن تجاوز كل الصعاب، ليستعيد بذلك الكاب ما أضاعه الموسم الفارط في ظروف خاصة، وهي أحسن هدية لعشاقه وأنصاره وجمهوره العريض.