اضطرت وزارة التربية الوطنية إلى الاستعانة بالأساتذة المستخلفين لسد العجز في التأطير، الناجم عن استفادة عدد هام من الأساتذة من التقاعد المسبق والنسبي، وكذا عدم التحاق أزيد من 4 آلاف أستاذ جديد بمناصبهم بسبب بعد مقر العمل، في انتظار تفعيل القوائم الجهوية والقائمة الوطنية للأساتذة الاحتياطيين، بعد إحصاء دقيق للمناصب الشاغرة. كشفت مصادر مطلعة من وزارة التربية الوطنية عن تلقي مدراء التربية عبر الولايات ترخيصا لتوظيف الأساتذة المستخلفين، لتجاوز حالة العجز التي صاحبت الدخول المدرسي الحالي، مما عطل الانطلاق الرسمي للدروس عبر عديد الأقسام وفي مختلف الأطوار التعليمية، جراء تخلف ما لا يقل عن 4200 أستاذ ناجح في مسابقة التوظيف المنظمة نهاية شهر جوان الماضي بمناصبهم، لأسباب تتعلق أساسا ببعد المؤسسات التعليمية التي عينوا بها عن مقر السكن، لذلك تم اللجوء مجددا إلى صيغة الاستخلاف لسد الشغور المؤقت إلى حين تفعيل القوائم الجهوية الاحتياطية ثم الوطنية للأساتذة الناجحين في المسابقة ثم القائمة الوطنية، تنفيذا لتعليمات صارمة وجهتها المسؤولة الأولى على قطاع التربية للمدراء الولائيين، لضمان تأطير كافة الاقسام وتمكين التلاميذ من حقهم في التمدرس بطريقة منتظمة ومستمرة إلى غاية عودة الأمور إلى نصابها، علما أن وزيرة القطاع شددت على تمسكها بصيغة الاستخلاف لمواجهة حلات الشغور الناجمة عن العطل قصيرة المدة، كالعطل المرضية والأمومة. وتعكف حاليا مصالح الوصاية على إحصاء المناصب الشاغرة وسط تقديرات من قبل نقابات التربية بتجاوز عددها الإجمالي 10 آلاف منصب، بسبب تزامن انطلاق الموسم الدراسي الجديد مع خروج عدد هام من الأساتذة على التقاعد النسبي والمؤقت، في انتظار استغلال القوائم الاحتياطية الجهوية ثم الوطنية، التي ستسمح بتوظيف الأساتذة من خارج الولاية، في حال إصرار الناجحين في مسابقة التوظيف المقيمين بنفس المنطقة على عدم استلام المناصب في الآجال المحددة قانونا، وهي 15 يوما بعد تلقي الاستدعاء للالتحاق بالقطاع. وتحفظت بعض التنظيمات النقابية عن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة، التي تمنح مهلة للأساتذة الجدد لاستلام المنصب قبل شطبهم من القائمة، لكونها تستغرق الكثير من الوقت، وتجعل التلميذ يدفع ثمن تأخر انطلاق الدروس، وفق ما أكده رئس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني مزيان مريان، الذي تساءل عن سبب تأخر مصالح وزارة التربية عن إحصاء العدد الفعلي للمناصب الشاغرة رغم مرور أزيد من 15 يوما عن الدخول المدرسي، في وقت ما تزال عديد المؤسسات التعليمية تشتكي قلة عدد الأساتذة، مما أثار انشغال الأولياء.وفسر من جهته مسعود بوديبة رئيس المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني في تصريح «للنصر» تعطل عملية استغلال القوائم الاحتياطية والجهوية، بضرورة احترام مراحل تطبيق النصوص القانونية، التي تفرض على مديريات التربية منح المعنيين مهلة 15 يوما للفصل في قرار الالتحاق بالمنصب من عدمه، وهي نفس الطريقة المعتمدة بالنسبة للقوائم المحلية والجهوية والوطنية، بهدف سد الباب أمام الطعون التي قد تستهلك وقتا أكثر، إلى حين الفصل فيها، وبحسب المصدر فإن إشكالية العجز في التأطير تخص مختلف الأطوار التعليمية، مشيرا إلى أن وزارة التربية حرصت على تخصيص دورات تكوينية في فترة الصائفة لفائدة عدد هام من أساتذة التعليم الابتدائي الجدد، ويعود ذلك حسب تقديره إلى بروز معطيات بشأن وضعية الطور الابتدائي من حيث جانب التأطير، لكونه الأكثر تضررا من صيغة التقاعد النسبي والمؤقت، فضلا عن أنه يحصي العدد الأكبر من الأساتذة والتلاميذ، مقارنة بالطورين المتوسط والثانوي، وكشف المتحدث أن بعض الولايات لجأت إلى تقليص العدد الإجمالي للمناصب بإدماج قسمين في قسم واحد، للتخفيف من آثار النقص في التأطير، غير أن ذلك تسبب في ظهور إشكالية الاكتظاظ الذي تعاني منه عديد المؤسسات التعليمية. وتنتظر التنظيمات النقابية انطلاق سلسلة اللقاءات الثنائية في الأيام القليلة المقبلة مع وزيرة التربية لطرح المشاكل العالقة، واقتراح الحلول المناسبة، لضمان موسم دراسي مستقر وهادئ وفقا لما يسعى إليه كافة الفاعلين في القطاع.