تشهد قضايا الخلع تزايدا معتبرا بالمجتمع الجزائري، حيث تسجل محاكم شؤون الأسرة عبر الوطن، أكثر من 5 آلاف قضية سنويا، حسب إحصائيات وزارة العدل، ترفعها سيدات كسرن طابوهات العادات و التقاليد و قررن دفع ثمن فك الرباط المقدس لأزواجهن، حتى و إن أثمر أبناء أبرياء يتحملون عواقب انهيار أسرهم و فقدان الأمان و الاستقرار و هم في زهرة العمر. تعددت الأسباب و الدوافع و النتيجة واحدة، خلع و عواقب وخيمة، قد تصل إلى حد السقوط في قبضة الانهيار العصبي، و حتى الانتحار بالنسبة لبعض الأزواج «المخلوعين»، في حين يضع المجتمع الزوجات اللائي يلجأن إلى مخالعة أزواجهن في قفص الاتهام في كل الحالات تقريبا و تصوّب نحوهن نظرات استنكار و إدانة. ملف من إعداد : إلهام.ط انتشار الظاهرة ،و بالأحرى انفجارها، يربطه حقوقيون باستغلال ثغرات قانونية و يدعون إلى وضع إجراءات و تدابير للحد منها و تقييدها، في حين يرجعها علماء اجتماع إلى انهيار قيم المجتمع و مشاكل اجتماعية متراكمة، كتدخل أفراد العائلة في حياة الزوجين و أزمة السكن أو استيلاء الزوج على راتب زوجته الموظفة، في حين شدد أستاذ مختص على تجرد فئة من النساء من أنوثتهن، و بعض الرجال من شيم و خصال الرجولة .بالمقابل يربطها نفسانيون و أطباء مختصون في الأمراض العقلية باضطرابات في الشخصية و عقد نفسية متجذرة منذ الطفولة، أو التربية الخاطئة و غياب الثقافة الجنسية، لكن يمكن أن يلاحظ المرء من خلال شهادات بعض الأطراف المعنية، بأن الخلع قد يرتبط بأسباب واهية، بالإمكان تجاوزها و التغاضي عنها من قبل الزوجات و كذا الأزواج، حتى لا تتهاوى أركان البيوت، فالكثير من الحقوقيين و رجال الدين يرون بأن الخلع بالنسبة للمرأة ، يعادله الطلاق التعسفي بالنسبة للرجل، فكلاهما يتم دون موافقة الطرف الآخر، و يؤدي إلى أبغض الحلال الذي يهتز له عرش الرحمان. إن المادة 84 من قانون الأسرة الجزائري الصادر في 1984 ، كانت تنص على موافقة الزوج كشرط أساسي لإصدار حكم الخلع، في حين يلغي قانون الأسرة المعدل هذا الشرط، فتنص المادة 54 ، استنادا للأمر رقم 05 02 المؤرخ في 27فيفري سنة 2005 ، على ما يلي «يجوز للزوجة دون موافقة الزوج أن تخالع نفسها بمقابل مالي. إذا لم يتفق الزوجان على المقابل المالي للخلع، يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم». و الملاحظ أن هذه المادة لم تقدم تعريفا واضحا للخلع أو آثاره، و ركزت على المقابل المادي الذي تفتدي به الزوجة الراغبة في مخالعة نفسها، لتحصل على حريتها و هذا المبلغ يتفق عليه الطرفان مسبقا، و إذا لم يتفقا يحدده قاضي شؤون الأسرة، على ألا يتجاوز قيمة الصداق الذي دفعه الزوج لها، في حين يربطه البعض بقيمة الصداق المتداول لدى رفع قضية الخلع.المؤكد أن العديد من النساء، خاصة الموظفات الميسورات الحال، استسهلن إجراءات الخلع و أقبلن عليه، مثل شابة و أم لطفلتين رفعت قضية خلع، لأن زوجها لم يسمح لها بزيارة أختها المتزوجة المقيمة بولاية ساحلية، قبل أن تحضر له وجبة الغذاء، لكن الكثيرات لجأن إليه حفاظا على الأسرار الزوجية، و حتى لا يضطررن للكشف عن المستور و نشر الغسيل المتسخ، على غرار زوجة أخرى شاهدت بمحض الصدفة صورا و فيديوهات مخلة بالحياء في هاتف زوجها النقال تجمع بينه و بين صديقه الذي يزورهما باستمرار في بيت الزوجية، لكن هناك فئة كبيرة من النساء لجأن إلى الخلع لأنهن لا يستطعن الحصول على حكم بالتطليق، بالرغم من أنهن ضحايا إهمال أو خيانة أو عنف الأزواج، و ذلك لأن القانون يحتم على الزوجة الضحية، أن تقدم لقاضي شؤون الأسرة ضمن ملف دعوى التطليق، حكما جزائيا يقضي بإدانة الزوج كدليل مقنع على تعسفه في حقها، و إلا سترفض الدعوى. و المعروف أنه من الصعب على أي زوجة أن تحضر الشهادات و الشهود و الوثائق و القرائن لتحصل على حكم جزائي يدين شريك حياتها، ما يفسر النسبة المحدودة في أحكام التطليق بمحاكمنا، و بالمقابل تسجل انفجارا في قضايا الطلاق بالدرجة الأولى و تليها قضايا الخلع. و اللافت أن بعض الأزواج، حتى و إن رغبوا فعلا في تطليق زوجاتهم لسبب أو آخر أو حتى دون سبب، لا يرفعون دعاوى طلاق لتجنب دفع النفقات و التعويضات الناجمة عن ذلك، بل يشددون الحصار على زوجاتهم و يسلطون عليهن كل أشكال العنف و الاضطهاد، حتى يدفعن لهم ثمن حريتهن بعد رفع قضايا خلع، خاصة و أن الفصل فيها أسرع بكثير من قضايا التطليق، كما أكدت للنصر نائبة جمعية راشدة الأستاذة المحامية فوزية بلحوت سلطاني . علما بأن فك الرابطة الزوجية بالخلع مستمد من الشريعة الإسلامية، لكن أسبابه و دوافعه تظل في أغلب الأحيان غير تلك المعلن عنها من قبل أحد طرفي معادلة الزواج، حيث أكدت الناشطة الحقوقية و المحامية كوثر كريكو، بأنها تبقى في طي الكتمان، داعية إلى تدخل المشرع الجزائري لوضع جملة من الإجراءات و الشروط من أجل الحد من الظاهرة و تقييد الزوجات حتى لا ينسقن وراءها،و نفس الشيء بالنسبة للطلاق، كما هو الشأن في العديد من الدول العربية، في حين يرى طبيب الأمراض العقلية و العصبية الدكتور نصر الدين تيطاح بأن الوقاية من الظاهرة تبدأ بالاهتمام أكثر بالتربية ، و التركيز على دور الأسرة و المدرسة ، أما أخصائي الأمراض النفسية الدكتور لخضر عمران، فيشدد على تكوين مختصين في الاستشارات الزوجية و الأسرية،لمعالجة المشاكل و الخلافات في وقتها قبل أن تتفاقم و تصل إلى أروقة المحاكم. إلهام.ط نساء ينقلن تجاربهن لهذه الأسباب خلعنا أزواجنا إنهن شابات في مقتبل العمر، كن يحلمن و هن يدخلن القفص الذهبي بحياة زوجية سعيدة، هادئة و مستقرة، يغمرها الحب و التوافق و الانسجام، لكنهن وجدن أنفسهن في جحيم لا يطاق، بعد أن اكتشفن بأنهن ضحايا أزواج مثلوا بمهارة أدوار العشاق المتيمين و الأوفياء في فترة الخطوبة. لقد تهاوت أمام أعينهن الدامعة تماثيل فرسان الأحلام و كل الأماني الوردية و المشاريع المستقبلية، لتصبح المعاناة عنوانا بارزا في يومياتهنالكئيبة و الوجع قدرهن، فوجدن في الخلع طوق نجاة، فالسيدة وداد لم تستطع أن تثبت لقاضي شؤون الأسرة بحكم جزائي بأنها ضحية عنف زوجها الذي حول جسدها إلى خريطة من الكسور و آثار الضرب و الجرح و الكدمات، فرفض دعوى التطليق التي رفعتها، فلجأت إلى الخلع ، و السيدة حنان قررت أن تكتم سر زوجها الشاذ جنسيا درءا للفضيحة، فرفعت دعوى خلع، و السيدة نبيلة اكتشفت بعد زواجها بأن زوجها مصاب بمرض عقلي و نفسي و كاد يقتلها من فرط الغيرة و الشك، فلجأت لنفس الحل، و قد رصدت النصر شهاداتهن. السيدة وداد: الخلع أنقذني من جحيم زوجي «أحببته منذ نعومة أظافري عندما كنت أشاهده في التليفزيون أو عندما يزور أمه جارتنا، و كبر حبه معي و عندما أصبحت صبية يافعة رفضت كل عروض التعارف التي كنت أتلقاها من الشبان، تزوج مرة و مرتين و ثلاث و لم أيأس ، قررت أن أنتظر و انتظر التفاتة منه، مهما كلفني الثمن، ربما لأنني تأثرت كثيرا بأغاني أم كلثوم و الأفلام المصرية و الهندية التي كنت أتابعها. و في أحد الأيام شاء القدر أن يجمعنا في أحد الملتقيات بالجامعة، التفت حوله مجموعة كبيرة من الطالبات، لكنه كان يحدق بي وحدي ، طلب مني رقم هاتفي، فقدمته له دون تردد، تحدثنا مرتين، و تقدم لطلب يدي من أخي الكبير لأنني يتيمة، فرفض، لأنه أكبر مني ب 18 عاما، و مشهور بتعدد الزوجات، لكنني صممت على الارتباط به، رغم أنني حملت رقم أربعة في قائمة زوجاته. تزوجنا رغم معارضة أفراد عائلتي، بعد أن وعدني بأنه سيسمح لي بمواصلة دراستي و العمل بعد التخرج. بعد مرور شهر واحد من زواجنا، أصبح شخصا آخر، لم يعد ذاك الوجه التليفزيوني المشرق الذي عشقت ثقافته و طريقته في توجيه و نصح المشاهدين ، لقد شرع في تهديم حياتي و طموحاتي مع سبق الإصرار، فقد منعني من مواصلة دراستي و الخروج و منع قريباتي و صديقاتي من زيارتي . و كلما كان يخرج صباحا يغلق الباب خلفه و يأخذ المفتاح، فوجدت نفسي في سجن كئيب و هو السجان، و بعد شهرين تحول إلى وحش شرس أصبح يشك في كل تصرفاتي و تعميه الغيرة عندما يجدني أشاهد فيلما في التليفزيون، أو يسمعني أتحدث في الهاتف، و لم يلبث أن كسر التلفاز و استولى على هاتفي و أصبح يشتمني و يشتم أهلي و والدي المتوفين و يصفني بأبشع الصفات، و إذا نطقت بكلمة واحدة يغتصبني ثم يشبعني ضربا مبرحا، و بالتدريج أصبح جسدي النحيل خريطة من الكسور و الجروح و اللكمات و الكدمات... لو كان الحب الذي كنت أدخره له بحرا لجفت آخر قطرة منه تحت هول الصدمات و النكسات التي عشتها معه. و الطامة الكبرى أنه كان يتركني دون مؤنة لأسابيع إذا عبرت عن سخطي و احتجاجي أو طلبت منه أن يطلقني و يرحمني من عذابي، كم تمنيت الموت قبل أن يعود ليصب أكوام عقده و أمراضه النفسية علي. بعد عامين من السجن و الجحيم، أخبرني جلادي بأن موعد زفاف أحد أبنائه قد حل و علي أن أحضر حفل الزفاف في بيت العائلة الكبيرة، لم أصدق و أعربت له عن موافقتي و فرحتي. و في اليوم المنشود اغتنمت فرصة انشغاله بالضيوف و لذت بالفرار إلى منزل أختي، و رغم اكتشافي بأنني حامل لم أتردد في رفع دعوى خلع لأسترجع انسانيتي و كرامتي، رغم أنه هددني بالقتل، لقد بعت كل ما أملك من كتب و ملابس و اقترضت مبلغا ماليا من أختي لأسدد له مقابل الخلع». إ.ط السيدة حنان: شذوذ زوجي أوصلني إلى الخلع « تزوجت بعد قصة حب ملتهبة، أو هكذا تصورت، من شاب تتوفر فيه كل الشروط و المقاييس التي كنت أحلم بها، و مضت الشهور الأولى من زواجنا بسرعة، فقد كنا متفاهمين و منسجمين في كل شيء حتى أدق تفاصيل حياتنا الزوجية، لدرجة أن الكثير من أصدقائنا و أقاربنا كانوا يحسدوننا، فمن النادر أن تجد زوجين يرفلان في كل ذلك الوئام و السعادة هذه الأيام. و في أحد الأيام قال لي زوجي بأنه يريد أن يستضيف صديقا له يقيم بألمانيا، و يريد أن يقضي عطلة نهاية السنة بمسقط رأسه، بالطبع وافقت، رغم التزاماتي الكثيرة، فأنا أدرس و أعمل في نفس الوقت و أقوم بكل أشغال البيت بنفسي. بعد أيام حضر الضيف، فاستقبلناه بحرارة ببيتنا و قمت بواجبات الضيافة على أحسن ما يرام، كان وسيما جدا و أنيقا و لبقا، و أغدق علينا بالهدايا أنا و زوجي. و طالت مدة الزيارة امتدت من أسبوعين إلى شهر، و حاولت قدر المستطاع، ألا أبدو منزعجة، رغم أن هذا الضيف ، يقيد حريتي في بيتي ، كما أنني أضطر لتحضير وجبتي الفطور و الغذاء له ، قبل الذهاب باكرا للعمل أنا و زوجي. و استأذن الضيف ذات مساء، لكي يسافر لزيارة أخيه بمدينة مجاورة، فشعرت بالارتياح و الحرية ببيتي و تمنيت صراحة ألا يعود، فقد كنت ألاحظ في نظراته إلى زوجي شيئا غريبا ، لكنني كنت أتغاضى عن ذلك و أبرره بصداقتهما القوية و الطويلة. و بعد أسبوعين طرق الضيف بابنا ليلا، فاستقبله زوجي بالأحضان مرحبا، و كتمت غيظي، إرضاء لزوجي، و استقبلته كأول مرة يدخل بيتنا بحرارة، و مكث مطولا بيننا و كأنه لا يريد العودة من حيث أتى، و صبرت و تحملت. و شاء القدر أن يجعلني أرى الحقيقة ، كما هي صادمة و موجعة ، نسي زوجي ذات مساء هاتفه النقال في المطبخ، و خرج مع صديقه، و عندما فتحته وجدت مجموعة كبيرة من الصور و الفيديوهات المخلة بالحياء، ليس لرجل و امرأة ، بل لزوجي و الضيف، التقطت ببيتي و فراشي . شعرت بأنني سأموت من هول الصدمة و القهر، أيعقل أن يكون زوجي الجامعي الإطار السامي الذي يتمتع بمكانة مرموقة في المجتمع، مثليا و شاذا جنسيا ؟!!، أغمي علي، و عندما استرجعت وعيي، جمعت بعض ملابسي و كتبي في حقيبة و توجهت إلى منزل أهلي، اتصل بي في اليوم الموالي، و قال لي بأنه متمسك بعلاقتنا و طلب مني العودة إلى البيت و وعدني بأن يطرد ضيفه. فكرت طويلا و طرحت على نفسي هذا السؤال المصيري: هل أستطيع فعلا أن أعود إليه و أعيش معه تحت سقف واحد ما تبقى من عمري بعد كل الذي شاهدته؟ و كان الجواب حاسما قاطعا: «لا و ألف لا»، أرغمت نفسي على الاتصال به لأحدد موعدا للقائنا بحديقة عمومية.شعرت و أنا أنظر إلى وجهه الشاحب، بأن جمرة الحب الذي كان انطفأت، و كل ذكرياتنا الجميلة ذابت و تلاشت، لتعوضها ذكرى بشعة ، فطلبت منه أن يطلقني، انهار أمامي باكيا متأسفا معتذرا، فاحتقرته أكثر، و تأكدت بأنه لن يطلقني. توجهت مباشرة إلى مكتب محامية و طلبت منها الشروع في رفع دعوى خلع، سألتني عن الأسباب، فلم أرد مراعاة للعشرة و الرباط المقدس الذي كان و داسه زوجي بسبب رغباته الحيوانية .» إ.ط السيدة نبيلة: زوجي انتحر بعد صدور الحكم « خشيت أن يفوتني قطار الزواج، إذا لم أوافق على الارتباط بذلك الشاب الوسيم و الغامض الذي كان ينتظرني كل مساء أمام الثانوية، دون أن يحاول الاقتراب مني، فبعد مرور خمسة أشهر من نظرات الإعجاب المتبادلة و الانتظار، أرسل أخته و هي شابة في العقد الثاني من العمر، لتلعب دور «مرسول الحب» بيننا، طلبت مني أن أحدد موعدا ليحضر مع أفراد العائلة لطلب يدي من أهلي. شعرت بدوار غريب من فرط الدهشة، هل يعقل و نحن في القرن 21 أن يكلف شاب أخته بالتحدث إلى الفتاة التي وقع في حبها و يرغب في الزواج منها؟! بصراحة راودتني الكثير من التساؤلات حول هذا الموقف، هل يمكن أن أوافق أنا أستاذة مادة الاجتماعيات المرموقة بأشهر و أرقى ثانوية بمدينتي على خطوبة تقليدية، كخطوبة جدتي في زمنها الغابر؟ نظرت إلى المرآة المدسوسة في حقيبة يدي، و أنا أدعو الفتاة للركوب معي في سيارتي، فصرخت في وجهي تلك الشعيرات البيضاء الهاربة من تحت الخمار، عمري 36 عاما و أقترب بسرعة صاروخية من غول الأربعين.دلتني الفتاة على الحي الذي تقطن فيه، فتوجهنا نحوه و في الطريق وجدتني أغرقها بالأسئلة حول اسم و سن و وظيفة شقيقها ، فأخبرتني بأنه يدعى توفيق، تاجر في الأربعين من عمره، لم يسبق له الزواج و لديه شقة مؤثثة و مجهزة على أحدث طراز و سيارة فارهة. طلبت منها مهلة للتفكير و رقم هاتفها. منذ ذلك اليوم لم يعد ينتظرني أمام الثانوية، ما جعلني أشعر بوخز في القلب، أخبرت والدتي، فشجعتني على الموافقة حتى لا يفوتني القطار، و ذكرتني بأخواتي و قريباتي و صديقاتي اللائي تزوجن و أنجبن. و تحدثت بدورها إلى أبي و إخوتي، ففرحوا و هللوا، أخيرا سيتخلصون من مشروع عانس، فأنا لست بارعة الجمال، مظهري مقبول نوعا ما، و لحد الآن لم يطلب يدي سوى شيخ مطلق. بسرعة قياسية أتممنا كل الإجراءات و دخلنا القفص الذي ظننته ذهبيا خالصا، فاكتشفت أنه سجن خانق و قاتل.لقد اكتشفت بأن زوجي شخص غير سوي بكل المقاييس، كان يتصرف بشكل غريب معي و مع كافة المحيطين بنا ، حتى والديه و إخوته. و يعاني من نوبات هلوسة و هذيان و أحيانا ينطوي تماما على نفسه و لا يراني حتى و أنا أمامه كأنه في عالم آخر، و سرعان ما يصبح عدوانيا و عنيفا. كان يضربني ضربا مبرحا كمجنون، و يتهمني في شرفي و أخلاقي ، ثم يركع و يعتذر و هو يبكي كطفل صغير، و بعد عدة محاولات أخبرتني أخته بأنه مريض نفسيا و عقليا و علي التكفل بعلاجه. و شخص الأطباء إصابته بالذهان، بكيت كثيرا و صرخت لأنني ضحية احتيال و غش، فلا أحد أخبرني بالحقيقة قبل الزواج، لقد قذف به أفراد أسرته بعيدا عنهم، و تخلصوا من عبء ثقيل و تركوني أتحمله لوحدي. صبرت و تحملت كثيرا و لم أخبر أفراد أسرتي حتى لا أصدمهم، أديت دور الممرضة و حرصت على أن يأخذ أدويته في الأوقات المحددة و لعبت دور الزوجة المحبة و الحنون، لكنه زاد تعنتا و جنونا بمرور الأيام و السنوات و ضربني ذات ليلة و أنا نائمة حتى كسر ذراعي و أسناني الأمامية، فأدركت بأنه يمكن أن يقتلني . استيقظت عندئذ إرادتي النائمة، و قررت الخروج من سجن الزوجية، طلبت منه أن يطلقني فضحك و قهقه و تركني و خرج، كررت الطلب مئات المرات دون جدوى . توجهت إلى مكتب صديقتي المحامية و كلفتها برفع قضية خلع، و تنفست الصعداء عندما صدر الحكم دون أن أضطر لشرح الأسباب حتى لأفراد أسرتي. و انتقلت للعيش و العمل بجنوب البلاد، حيث يقيم أخي، لأبدأ صفحة أخرى من حياتي، و بعد شهرين اتصلت بي أختي لتخبرني بأن توفيق انتحر شنقا» . إ.ط الناشطة الحقوقية الأستاذة المحامية كوثر كريكو 3 بالمئة من الزوجات فقط يخالعن أزواجهن دون سبب وجيه «إن الخلع منصوص عليه في الشريعة الإسلامية و قانون الأسرة الذي أدرج مادة عادية تتعلق بالخلع، مستمد من الشريعة الإسلامية، و الخلع بالإرادة المنفردة للمرأة بمقابل مالي تدفعه للزوج يقابله الطلاق بالنسبة للرجل بإرادته المنفردة،و كلاهما ينهي العلاقة الزوجية، و الملاحظ أنهما في ارتفاع رهيب بمجتمعنا، حتى أن محكمة شؤون الأسرة بقسنطينة، اضطرت إلى تخصيص ثلاث جلسات في الأسبوع للبت في مئات الدعاوى المتراكمة، و جميع الجلسات مكتظة بالمتقاضين،و الملاحظ أنه لا يوجد إشكال في تطبيق المادة 54 من قانون الأسرة المعدل في 2005 المتعلقة بالخلع على مستوى القضاء، فإذا لم يتفق الزوجان على المقابل المادي، يحدده القاضي استنادا إلى قيمة صداق عرائس المنطقة ، و يتم الفصل في الدعوى خلال ستة أشهر كأقصى تقدير. و من باب تجربتي الميدانية و ما أرصده في المجتمع أن عددا كبيرا جدا من الرجال يطلبون الطلاق دون سبب، أو لأتفه الأسباب، في حين أن 2 إلى 3 بالمئة من النساء يرفعن دعاوى خلع من أجل الخلع أي دون سبب وجيه. و أغلب الزوجات تدفعن إليه دفعا من قبل الأزواج، حتى لا يدفعن لهن لو طلبوا هم الطلاق، تعويضا عن الطلاق التعسفي و نفقة و مصاريف أخرى، حيث يتمادون في الضغط على الزوجات و تعنيفهن و عدم الإنفاق عليهن و على أبنائهن، إلى أن يقررن طلب التطليق، لكنه يرتبط بتقديم أدلة مقنعة في حالة إلحاق ضرر جسيم بها و إهمالها و هجرها في المضجع، أو أن الزوج يقضي عقوبة إثر ارتكابه لجرائم لها علاقة بالشرف، و على الزوجة أن ترفق ملف الدعوى بأحكام جزائية نهائية صادرة في حق زوجها، و تبقى سلطة التقدير للقاضي، فقد لا يأخذها بعين الاعتبار و يرفض الدعوى و يحدث ذلك في عشرات دعاوى التطليق بعد طول انتظار. كل هذه الصعوبات، تدفع بشريحة واسعة من الزوجات إلى افتداء أنفسهن بالمال و مخالعة أزواجهن، كآخر حل بعد أن فاض الكيل، خاصة إذا كن موظفات و ميسورات. و بالتالي فإن حقوق المرأة موجودة و يضمنها قانون الأسرة الجزائري من الناحية النظرية، لكن من الناحية التطبيقية هي صعبة المنال، ففي حالة الطلاق مثلا، قد يتخذ طليقها من التعويض و زيارة و نفقة الأبناء إذا كانت حاضنة، ذرائع لجرها إلى المحاكم. بالنظر بعين الاعتبار لكل هذه المعطيات، أقول كمحامية و ناشطة حقوقية بأن الأسرة تبنى على ركيزتين هما الرجل و المرأة و لابد من وضع قيود إجرائية و موضوعية، حتى لا يستغلان سهولة إجراءات الطلاق و الخلع لهدم بيتهما و بنية الأسرة، الخلية الأولى في المجتمع لأتفه الأسباب، و عليهما بالتفكير مطولا و البحث في كل الحلول الممكنة من أجل إعادة المياه إلى مجاريها، قبل الإقدام على خطوة للهدم بدل البناء. لقد تم تعديل قانون الأسرة الساري المفعول في سنة 2005 و نحن الآن في سنة 2017 ، و هناك تغييرات في النظام الاقتصادي و الاجتماعي و أجيال جديدة و مستجدات في كل الأصعدة، و بالتالي لا بد من تدخل المشرع لوضع قيود و شروط بالنسبة لفك الرابطة الزوجية بالطلاق و الخلع، كما في البلدان العربية ، سواء بتشديد الإجراءات التي تعتبر سهلة حاليا، أو فرض مصاريف إضافية و إطالة مدة الفصل في القضايا، لإعطاء فرصة للزوجين لإعادة النظر ومراجعة قرارهما، أو تدخل بعض الأطراف ليتم الصلح بينهما، خاصة إذا كان لديهما أبناء، و هذا لا يعني أننا نريد أن نهضم الحق في الطلاق أو الخلع، بل نريد الحد منهما، بعد أن تفشيا بشكل مرعب في مجتمعنا في السنوات الأخيرة. و ألتمس من المشرع من جهة أخرى، أن يضع بعض النصوص و القيود بالنسبة لإبرام عقد الزواج، حتى لا يتزوج إلا من هو مؤهل لذلك من مختلف النواحي و أدعو من جهة أخرى إلى تنظيم ملتقيات تجمع بين الأئمة و القضاة و علماء الاجتماع و علماء النفس و غيرهم، من أجل دراسة أسباب تفكك الأسر الجزائرية و طرق مكافحته لدرء ما يمكن درءه من مخاطر داهمة». إ.ط الطبيب و استشاري العلاقات الزوجية الدكتور نصر الدين تيطاح صراع الصوّر النموذجية بين الأزواج يقود إلى الخلع «بين 10 و 15 بالمئة من السيدات اللائي يقصدن عيادتي، طلبا للاستشارة يعانين من مشاكل زوجية و يفكرن في رفع دعاوى خلع، لأن أزواجهن يرفضون أن يطلقوهن، و أخريات حصلن على الحكم بالخلع، و اللافت أن 90 بالمئة منهن جامعيات و موظفات ميسورات الحال، و يشعرن بالاكتفاء الذاتي و الاستقلالية المادية، و يتميزن بشخصية أقوى من شخصية الزوج، و بالمقابل يقصد عيادتي رجال خلعتهم زوجاتهم و هم في حالة يرثى لها من الشعور بالخزي و العار، و حتى الانهيار العصبي. خبرتي كطبيب في الأمراض العقلية و النفسية و استشاري في العلاقات الزوجية، جعلتني أتأكد بأن نسبة كبيرة من الرجال في هذا العصر ضعاف الشخصية أمام زوجاتهم، و عندما لا يجدون ميكانيزمات لإخفاء ذلك و إثبات الذات و الإقناع في حال النقاش، يعمدون إلى ضربهن، و هذا الضرب هو في الواقع عقوبة للذات. عندما يتزوج الرجل لديه صورة نموذجية لشريكة حياته، لكن المرأة المعاصرة ترفضها عادة، لأن لديها شخصية ذات ملامح معينة و صورتها الخاصة، فيريد أن يفرضها عليها، مستغلا السلطة التي تخولها له العادات و التقاليد و القيم الاجتماعية السائدة، و تلك الصورة يكتسبها الرجل خلال مراحل النمو من أفراد عائلته و المدرسة و الشارع و المجتمع عموما، كما يضفي عليها العادات و التقاليد و القيم التي يتشبع بها، و يحدث نفس الشيء بالنسبة للمرأة، و عندما يتزوجان يبحثان لدى الطرف الآخر عن تلك الصورة النموذجية المرسومة في ذهنيهما، و إذا لم تتجسد، يحدث صراع الصور الذي قد يقود إلى صراعات زوجية و أشكال العنف المختلفة التي قد تتفاقم و تصل إلى حد فك رباط الزوجية، سواء بالطلاق أو الخلع.لاحظت أيضا من خلال الحالات التي تلجأ إلى طلب الاستشارة بعيادتي، بأن السبب الثاني الذي يدفع الزوجات إلى مخالعة أزواجهن جنسي، لأن التربية الجنسية لا تلقن بطريقة علمية للنشء، و لا تزال طابوها إلى غاية اليوم في مجتمعنا، حيث أن نسبة كبيرة من هؤلاء الزوجات يشتكين من انعدام التوافق الجنسي مع أزواجهن، و هذا ما يجعلهن يركزن أكثر على النقائص الأخرى لديهم كنقص الإمكانيات المادية و مشكل السكن و غيرها. و المؤسف أكثر أن عددا معتبرا من الزوجات اصطدمن بإصابة أزواجهن بعجز جنسي مزمن، و التزمن بالصمت و الكبت و تحملن لسنوات نظرات الاتهام التي يصوبها نحوهن أفراد عائلة الزوج لأنهن لم ينجبن، و الكارثة أن هناك سيدات يحملن صفة متزوجات، لكنهن في الواقع تزوجن على الورق فقط، و أزواجهن في أغلب الأحيان من شريحة المثليين ، فظاهرة الشذوذ الجنسي منتشرة بشكل مرعب في بلادنا و تحتم على الزوجات المخدوعات رفع قضايا الخلع، حفاظا على الأسرار الزوجية و لتجنب تفجير الفضيحة. السبب الثالث للجوء إلى الخلع، يتعلق بالمشاكل الاجتماعية، كأزمة السكن و الصراعات مع الحماة أو أخوات الزوج و عدم الإنفاق على الزوجة و الأبناء و رفض عمل الزوجة ...و هناك حالات قليلة جدا لسيدات يلجأن إلى الخلع لأنهن يعشن علاقات غرامية مع أشخاص آخرين. علما بأن 7 بالمئة من الاستشارات الرجالية في عيادتي، تتعلق برجال خلعتهم زوجاتهم، يعترفون بأنهم يشعرون بالإهانة و الخزي و العار و ينقص احترامهم و تقديرهم لأنفسهم و يعيشون حالة تذبذب في العمل و مختلف جوانب يومياتهم و ينظرون إلى المستقبل نظرة تشاؤمية، و يحتاج إلى مساعدة و دعم نفسي ليتكيف مع واقعه الجديد». إ.ط الأخصائي النفساني الدكتور لخضر عمران يجب تكوين استشاريين أسريين متعددي الاختصاصات «للأسف ظاهرة الخلع أصبحت متفشية بمجتمعنا و غالبا الأسباب الحقيقية الكامنة وراءها يتم التكتم عليها، لهذا أعتقد بأنه من الضروري القيام بدراسات متخصصة للكشف عنها، لنتمكن من رصد الحلول و الحد من هذا النزيف الأسري. حسب الحالات التي لجأت إلي لتطلب التكفل و الدعم النفسي، فقد لاحظت بأن الغالبية العظمى من الزوجات لا يلجأن إلى الخلع، إلا كآخر حل، بعد أن يستنفدن كل طاقتهن على الصبر و التحمل و يرفض أزواجهن أن يطلقنهن و تعجزن عن إثبات بأنهن ضحايا اعتداءات الأزواج و تعسفهم، لتحصلن على أحكام بالتطليق، و في كل الحالات فإنهن يتحملن و كذا أبنائهن تبعات الخلع، لأن المجتمع لا يزال يضع هذه الشريحة من النساء في قفص الاتهام و الإدانة. في مقدمة الأسباب التي ذكرتها لي هؤلاء السيدات، مشكل عدم التكافؤ الثقافي و الاجتماعي بينهن و بين أزواجهن، حيث أن العديد من الإطارات الجامعيات و خوفا من السقوط في قبضة العنوسة، يوافقن على الزواج من عمال بسطاء مستواهم التعليمي جد محدود ، ما يفتح الباب على مصراعيه للغيرة و الحقد و الصراعات، و تأتي المشاكل الجنسية في المرتبة الثانية ضمن الدوافع التي تقود إلى الخلع ، حيث أن الكثيرات لا يتحملن شذوذ أزواجهن أو ضعفهم أو انحرافهم الجنسي، و قد صادفت حالات عديدة لشابات تزوجن على الورق فقط. كما أن هناك زوجات ضحايا أزواج مدمنين على الكحول و المخدرات، يمتنعون عن الإنفاق عليهن و على أبنائهم و يعاملونهن بعنف شديد، في حين تأتي المشاكل الاجتماعية في مرتبة متأخرة ، لأن الجزائريات يصبرن على الفقر و أزمة السكن و حتى الخيانة الزوجية ، و لا يتحملن العنف و الشذوذ الجنسي و كذا اكتشاف بعد الزواج، بأن نصفهن الآخر مريض عقليا و نفسيا. علما بأن هناك حالات نادرة لسيدات يلجأن إلى الخلع لأنهن أردن استرجاع حريتهن و لو بالمال، لأنهن مستقلات ماديا و نفسيا و لم يستطعن التكيف في الحياة الزوجية. لهذا أدعو الجهات المعنية بألا تكتفي بمطالبة المقبلين على الزواج ، بإحضار شهادات طبية تثبت سلامتهم جسديا و عضويا، بل يجب أن تحتم عليهم الخضوع للكشف عن حالتهم النفسية و إجراء اختبارات لتحديد ملامح شخصيتهم، و دراسة مدى التوافق و التكافؤ مع الطرف الآخر، مع حثهم على التفكير مطولا قبل اتخاذ قرار إبرام عقد الزواج، لتجنب التفكك الأسري. و أدعو من جهة أخرى إلى وضع برنامج من أجل تكوين استشاريين أسريين، من مختلف الاختصاصات كأطباء و نفسانيين و مختصين في علم الاجتماع و غيرهم، لمرافقة الأزواج في كل مراحل حياتهم الزوجية و مساعدتهم على حل مشاكلهم و بالتالي إنقاذ الأسر من الانهيار». إ.ط أستاذ علم الاجتماع الدكتور نجيب بولماين القوانين الجديدة شجعت النساء على رفع دعاوي «أرى بأن القوانين الصادرة مؤخرا ببلادنا أعطت للمرأة صلاحيات شجعت العديد من الزوجات على اللجوء إلى الخلع، خاصة و أن العلاقة الزوجية بين الكثير من الزوجات و الأزواج لم تعد مبنية على أساس سليم كالسابق. أقول هذا لأنني أصبحت أرى بأن عددا متزايدا من الرجال فقدوا هيبتهم و قيمتهم و مكانتهم داخل الأسرة، و أصبحوا يتدخلون في شؤون منزلية لا تعنيهم ، و يطمعون في رواتب الزوجات الموظفات أو يأخذون منهن مصروف الجيب عندما تكلفنهم بإحضار الراتب من حساباتهن البريدية أو البنكية ، كما ينتظرون ما تشترينه لهم من هدايا ، و يضعون بذلك أنفسهم محل إدانة و حتى قذف . الرجل في الماضي كان رب الأسرة ، بكل ما تعنيه الكلمة ففي يده الضبط و الربط و يحسب لدخوله و خروجه من البيت ألف حساب و يخشاه الكبار و الصغار، و لم تكن الزوجة تأكل أمام زوجها أو ترفع صوتها أمامه ، أما اليوم فقد فقد الكثير من مكانته الأسرية و الزوجية و الاجتماعية، و أصبح يدخل و يخرج من البيت دون أن يبالي به أحد، و سيان إن تكلم أو صمت، إلا من رحم ربك. إن مجتمعنا خضع لتغيرات كثيرة أثرت على شريحة كبيرة جدا من الرجال، فخسروا الكثير من الشيم و الخصال، و اهتزت شخصياتهم و اعتراها الضعف، في حين أصبحت فئة واسعة من النساء موظفات و مستقلات ماديا، يملكن البيت و السيارة و غير ذلك من المظاهر و الماديات، و بالمقابل فقدن أنوثتهن و جوهرهن، فغاب التوازن في العلاقات بين الجنسين و غاب الاحترام و التقدير و سادت الفوضى في حالات عديدة. هذه المعطيات أدت إلى تفشي الخلع، كظاهرة اجتماعية فالمنطلق مادي دائما تقول المرأة للرجل الذي فقدت احترامها له «أعطيك نقودا و نتهنى منك» .إنني أدق ناقوس الخطر في ما يتعلق بهذه الظاهرة و كل الآفات الاجتماعية التي اجتاحت مجتمعنا و أدعو الجهات المعنية إلى إعادة الاعتبار للمدرسة و الاهتمام بالتربية الإسلامية و التنشئة السليمة لأبنائنا و إعادة تنظيم المجتمع و الأسر وفق قيم مجتمعنا و ديننا و نشر ثقافة التلاحم الأسري. مع وضع كل شخص في مكانه و مكانته، فالرجال قوامون على النساء في المسؤوليات و المهام، و إذا حدث العكس ينهار التوازن العلائقي و الأسري و يغيب الاحترام و تبرز الصراعات، ما يقود إلى تفكك الخلية الأولى في المجتمع تدريجيا.لابد من عقد ندوات و تنظيم ملتقيات لمناقشة كل المشاكل النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية التي تعترض الأزواج و الزوجات و تسليط الضوء على الحقوق و الواجبات الزوجية و كذا المسؤوليات و طرق تكوين الأسرة السليمة في المجتمع السليم». إ.ط نائبة رئيسة جمعية راشدة فرع قسنطينة فوزية بلحوت سلطاني عنف الأزواج والمشاكل الجنسية من أهم من الأسباب « إن أغلب السيدات اللائي حضرن إلى جمعية راشدة فرع قسنطينة، و تم توجيههن إلي، باعتباري المسؤولة عن الشباك القانوني، و كذا اللائي قصدني مكتبي باعتباري محامية، تعرضن للعنف بمختلف أشكاله و أضرار مادية و معنوية لا تحتمل من قبل أزواجهن، و لأنهن يعجزن عن إثبات تلك الأضرار بأحكام جزائية تدين الأزواج، كما ينص القانون، للحصول على التطليق الذي يتطلب إجراءات طويلة، يضطررن لرفع دعاوى الخلع، و بالتالي فإن انفجار هذه الظاهرة الاجتماعية، سببه الأول هو عنف الأزواج إلى جانب تراكم أسباب أخرى جنسية و نفسية و اجتماعية مختلفة . و أؤكد بأن الحالات التي قصدتني، و سردت علي فصولا من معاناتها في بيت الزوجية، لم تقرر اللجوء إلى الخلع، إلا بعد بلوغ مرحلة متقدمة من اليأس و عدم القدرة على تحمل المزيد من الضرب و الاضطهاد و الذل و الهوان، و تتمسك هؤلاء السيدات بهذا القرار، حتى عندما أخبرهن بعواقب القرار، مثل مغادرة بيت الزوجية و عدم الحصول على النفقة و دفع المقابل المالي للأزواج، صدقوني بعضهن فقيرات و عاطلات عن العمل، فيضطررن لبيع حليهن أو الاقتراض لدفع المبلغ، و الخروج من فوهة بركان حرقن به أعمارهن و شبابهن. أود أن أشير إلى أن الزوجات اللائي قصدن في السنوات الأخيرة الشباك القانوني للجمعية بدأن يكسرن بعض الطابوهات التي كانت تخفي الحقيقة بالغربال، و أصبحن يتحدثن بصراحة عن مشاكلهن و نسبة كبيرة منهن، أكدن بأن في مقدمة الأسباب التي جعلتهن يلجأن إلى الخلع، رغبتهن في كتم أسرار زوجية خطيرة ، مثل تعرضهن للاغتصاب من قبل أزواجهن و هو جرم لا يعاقب عليه القانون الجزائري، إلى جانب اكتشافهن بأن أزواجهن شواذ جنسيا أو لديهم مشاكل جنسية أخرى. للأمانة لا بد أن أؤكد بأن الزوجات اللائي يقصدن الجمعية، ينتمين إلى مختلف الأعمار و الشرائح الاجتماعية، و يحملن إلى جانب آثار العنف الجسدي، الكثير من العنف النفسي، و قد وجههنا العديد منهن إلى الشباك النفسي للجمعية من أجل التكفل بهن ، فقد لاحظنا بأنهن يعانين من أعراض الانهيار العصبي و الاكتئاب المزمن، و رغم ذلك يخشين الطلاق و الخلع و عواقبهما. و من لجأن إلى الخلع قلن لنا بالحرف الواحد» من يتهمنا و يلومنا عليه أن يعيش مكاننا ثم يحكم»، فمثل هذا القرار لا يتخذ إلا بعد سنوات طويلة من العذاب و الصبر و التفكير».