البيوت التقليدية القبائلية تصنع التميز العمراني لقرى تيزي وزو تتميز البيوت التقليدية القبائلية بطابعها المعماري القديم و الجميل الذي لا يزال يحظى باهتمام العائلات في تيزي وزو، و يجذب الزوار، فبالرغم من أن هذه البيوت تفتقر إلى العديد من الإمكانيات ، إلا أن العديد من العائلات لا تزال تقطن بها و تحرص على ترميمها بشكل مستمر، نظرا لخصوصيتها و هندستها المعمارية الفريدة من نوعها.و تزيد من جمال هذه البيوت القبائلية، تلك النقوش و الرموز الأمازيغية التي تزين جدران الغرف من الداخل، في حين تتشابه البيوت من حيث شكلها الخارجي، و ما يزيد من جمالها وقوعها في المرتفعات الجبلية وسط مناظر طبيعية ساحرة، كالحقول و البساتين التي تضم أشجار البلوط و الزيتون و شجيرات الرمان و المشمش و غيرها من الأشجار المثمرة . و يفضل عادة كبار السن الذين يبحثون عن الراحة والهدوء والسكينة والمتمسكين بكل ما هو تقليدي خاصة بعد التقاعد، العودة إلى هذه البيوت و قضاء بقية حياتهم فيها، بعيدا عن صخب المدينة و ضوضائها، كما أن الحنين يشدهم إليها لاسترجاع ذكريات الزمن الجميل، في حين يحافظ الشباب على كنز الأجداد، و تقضي فئة منهم معظم أوقاتها بها، خاصة خلال عطل نهاية الأسبوع أو العطل السنوية. قريتا «ثابورث» و آث القايد تتحديان رياح العصرنة قرية «ثابورث» الواقعة وسط سلسلة من التلال الخضراء في مرتفعات بلدية إيفيغا بدائرة عزازقة، خير دليل على تمسك السكان المحليين بمنازلهم التقليدية المصنوعة من الطين والأحجار و القرميد ، و لا تزال صامدة أمام كل العوامل المناخية والطبيعية إلى غاية يومنا هذا، كما أنها شاهدة على تاريخ المنطقة القديم. كما تعتبر قرية آث القايد ببلدية أقني قغران في دائرة واضية، 45 كلم جنوب تيزي وزو، و التي صنفت ضمن المعالم التاريخية والثقافية للمنطقة منذ سنة 2006 ، تحفة فنية رائعة، نظرا للطريقة التي شيدت بها بيوتها المتلاصقة تحت سفح جبال جرجرة الشامخ، ورغم الظروف المعيشية الصعبة بالمنطقة، إلا أن هناك عائلات رفضت مغادرة منازلها التي نشأت و ترعرعت فيها، و لا تزال متشبثة بها وتحرص على ترميمها في فصل الربيع من كل سنة ، حتى لا تنهار. من جهة أخرى يفضل ضيوف جرجرة من السياح، لاسيما الأجانب منهم، زيارة قرى تيزي وزو، من أجل التمتع بجمال بيوتها التقليدية ذات القيمة التراثية والثقافية و التعرف على النمط العمراني لمنطقة القبائل عن قرب.ومن بين الخصائص التي تنفرد بها البيوت التقليدية القبائلية ،أنها تكون باردة في فصل الصيف و دافئة في فصل الشتاء، خاصة الغرف التي تقع عند مدخل البيت، نظرا لسمك جدرانها، كما أنها تكون متلاصقة ببعضها البعض، و متشابهة ولها واجهة واحدة ، و يحافظ البيت التقليدي على أسرار أهله، فهو مصمم بطريقة تجعله لا يطل على الجيران و لا يطل الجيران عليه. لا تحتاج البيوت التقليدية القبائلية إلى مواد بناء كبيرة لتشييدها، بل كل ما تحتاج إليه مواد محلية بسيطة تستخرج من الطبيعة تتمثل في الحجارة والطين و الحشائش اليابسة و القليل من الإسمنت لتبليط الأرضية، بالإضافة إلى مادة الجير لدهن الجدران و القصب وأعمدة من الخشب للسقف الذي يغطيه القرميد.ويحتوي هذا السكن التقليدي الذي يتوسطه فناء متوسط الحجم، على ثلاث غرف، منها ما يسمى ب «الدارف»، وهي غرفة مخصصة لاستقبال الضيوف جدرانها تزينها أشكال هندسية رائعة بألوان زاهية ،تشبه تلك التي تزين الأواني الفخارية . أما الطابق العلوي فيحتوي على غرفة نوم واحدة «ثغرفاتس»، ومن الجانب الآخر من البيت هناك قاعة أخرى كبيرة لكل أفراد العائلة، تخصص للنوم والطبخ و الأكل تعرف باسم «ثزقى» ، و تعلوها غرفة أخرى صغيرة يطلق عليها اسم «ثعريشث» ، و تضم «إكوفان» التي تخزن فيها العائلات المحاصيل الزراعية كالتين المجفف و القمح ، إضافة إلى السميد لفصل الشتاء البارد، هذا بالإضافة إلى تخصيص جزء آخر من الغرفة لتربية المواشي يسمى ب «أدينين». وتوجد على اليمين طاولة بنيت بالحجر و الطين تسمى «أذكان» توضع فوقها الأغطية، و كذا صندوق كبير من الخشب أو الحديد، تخبئ داخله ربات البيوت الأشياء الثمينة كالحلي الفضية و لباس العروس و البرنوس القبائلي. و يتوسط «ثزقى» الموقد «الكانون» الذي يستعمل للطهي و التدفئة و السمر، حيث يجتمع حوله أفراد العائلة في أيام الشتاء الباردة ، و تنهمك الجدة في سرد الحكايات الشعبية القديمة «ثيموشوهى»، في جو حميمي يغمره الدفء العائلي، و يسوده الضحك و المرح و الحب والحنان لنسيان برودة الطقس .