انتقد أساتذة وباحثون، حرص بعض الجزائريين للحصول على الفتاوى من الخارج، كما أجمعوا على ضرورة العودة إلى المرجعيات الدينية المحلية والعلماء من أجل الأخذ برأيهم في الجانب الفقهي، مع الدعوة إلى تحصين الشبان من بعض التيارات الغازية والتي تتسلل عبر فتاوى مستوردة لا تتماشى مع الواقع الجزائري، يتم استيرادها كالسلع، مؤكدين على ضرورة الاحتكام للعرف باعتباره عنصرا مهما في إصدار الأحكام الشرعية، وذلك خلال مشاركتهم في ندوة النصر. رئيس جمعية العلماء المسلمين عبد الرزاق قسوم أصبحنا نستورد الفتوى من جهات مختلفة كما نستورد السلع أكد رئيس جمعية العلماء المسلمين عبد الرزاق قسوم أن بعض التيارات الغازية تسللت إلى مجتمعنا الجزائري، وذلك بسبب وجود بعض الشوائب التي علقت بالعقيدة الإسلامية، وكذا التوجه إلى استيراد الفتاوى من الخارج. وصرح رئيس جمعية العلماء المسلمين عبد الرزاق قسوم في حديث للنصر، أن حماية المجتمع الجزائري أمر صعب جدا، وذلك أن العقيدة حاليا تعاني من ترسبات وشوائب علقت بها كالشعوذة والدروشة، وأنه ينبغي في البداية تنقيتها من هذه المظاهر السلبية التي زادت من الوضع تعقيدا، والأخذ بما أسماه ب «الأصح من الحياة المدنية»، وهو ما يسمح بتطوير المجتمع فضلا على الابتعاد إلى ما يدعو إليه أنصاف العلماء والفقهاء. وأوضح العضو في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين قائلا: «هناك تيارات غازية تسللت إلى المجتمع الجزائري عبر بعض الفتاوى التي أصبحنا نستوردها من جهات مختلفة كما نستورد بعض السلع الأخرى، حتى ولو كانت بعيدة عن واقعنا وهو ما ساهم في تشويه العقيدة الصحيحة، لذلك المطلوب حاليا هو العمل على تنقية العقيدة الصحيحة من هذه الشوائب، وتحصين الشباب والأجيال من هذه المظاهر السلبية من خلال العودة إلى الذات الوطنية». الدكتور محمد بوركاب أستاذ بجامعة الأمير عبد القادر يجب العودة إلى المرجعيات الدينية المحلية للأخذ بالفتوى شدد الأستاذ بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية محمد بوركاب على ضرورة مراعاة خصوصيات المجتمعات في إصدار الفتوى، كما أكد على أنه ينبغي العودة إلى المرجعيات الدينية في البلاد بدل الحصول عليها من الخارج. وأوضح الأستاذ محمد بوركاب في تصريح للنصر على هامش الملتقى الوطني حول تفعيل العقيدة الإسلامية في الاستنهاض الحضاري، الذي احتضنته جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بمناسبة المولد النبوي، أن لكل مجتمع خصوصيات تجعله مختلف على مجتمعات أخرى، ولهذا يوجد ما يعرف في الفقه الإسلامي بالعرف، والذي بعد أحد أهم ركائز إصدار الفتوى لدى الفقهاء. وأضاف الأستاذ بوركاب أن الفتاوى التي يصدرها علماء دول أجنبية قد لا تكون صالحة في حالة الجزائر وما يعيشه مواطنوها، وذلك راجع لجهل هؤلاء الفقهاء أو العلماء بالعادات والتقاليد المحلية، وهو ما يجعلهم يصدرون أحكاما شرعية هي أقرب للتطبيق في مجتمعاتهم، مؤكدا على أهمية العودة إلى المرجعيات الدينية في الجزائر وعلمائها للأخذ بالفتاوى، ولهذا لا يجب أن يخلط بين الثوابت في التشريع التي لا تحتمل إلا وجها واحدا، والمسائل المستنبطة من نصوص ظنية الدلالة. عميد جامعة الأمير عبد القادر السابق عبد الله بوخلخال الفتاوى المستوردة حاولت تفتيت الجزائر في وقت سابق أكد الدكتور وعميد جامعة الأمير عبد القادر السابق عبد الله بوخلخال أن الفتاوى المستوردة حاولت تفتيت الجزائر قبل 30 سنة، وبالمقابل اشترط في أن يكون العالم مدركا بالعلوم العصرية من أجل إصدار أحكامه الفقهية، مع ضرورة ارتباط هذه الفتاوى بالمكان والزمان والعرف. وأوضح الدكتور عبد الله بوخلخال في تصريح للنصر أن الفتوى مرتبطة أساسا بحياة الإنسان، ولذلك يجب على المفتي أن يكون عالما بالعلوم العصرية إلى جانب الشرعية منها، وذلك حتى تتماشى أحكامه الفقهية مع الواقع المعاش عموما، وتكون متنفسا له ولا تضيق عليه، وهو أمر لا يتناقض مع تعاليم الدين الإسلامي الذي يصلح لكل زمان ومكان، كما أنه يراعي أعراف المجتمعات على اختلافها. وتابع عميد جامعة قسنطينة للعلوم الإسلامية السابق، أنه لحد الساعة لا تزال بعض الفتاوى ترجع بالإنسان إلى الخلف وذلك لأن من أطلقها يعيشون بعيدا عن الواقع، فضلا على أن أي فتوى يجب أن تكون مرتبطة بالزمان والمكان والعرف الذي تصدر لأجله، ولهذا فإن أي حكم شرعي يصلح في الجزائر لن يكون بالضرورة يصلح للتطبيق في أماكن وبلدان أخرى والعكس صحيح، مؤكدا على أن الأصلح هو العودة إلى علماء البلد من أجل الاخذ بالفتوى في الأمور المختلف عليها، وذلك لأن العلماء يأخذون دوما بالواقع المعاش وخصوصية الناس والمجتمعات. كما شكك ذات المتحدث في أهداف بعض الفتاوى المستوردة من الخارج والغرض منها، مؤكدا أن البعض منها حاول منذ حوالي 30 سنة تفتيت الجزائر، واليوم تفعل فعلتها في الكثير من الدول الإسلامية والعربية من خلال ترويجها للفكر المتطرف والتكفيري، والترويج للخلافات المذهبية وتسييسها، مقابل ترك القضايا الجوهرية جانبا.