"القرصة" و"الطمينة" والزلابية "فال "يرتبط باستمرار الأفراح تحافظ العائلات الجزائرية على العديد من العادات والطقوس المرتبطة بفرحة فوز أبنائها في الامتحانات، حيث تسارع الأمهات مباشرة بعد إطلاق زغاريد نشوة النجاح إلى توزيع الحلويات على الأهل والجيران والأقارب. لكن رغم العصرنة التي طغت على جميع جوانب الحياة إلا أن أغلبهن تتمسكن بل وتحرصن على أن تكون حلاوة "الفال" بما تحمله من دلالات ورموز من صنع المنزل، وإن اختلفت أشكالها وتسميتها من منطقة إلى أخرى، وما يصاحبها من اعتقادات يحمل بعضها الكثير من الطرافة. ففي منطقة شرق البلاد تحضر الأمهات عادة طبق "القرصة" التقليدي الذي يعرف في مناطق أخرى بأسماء مختلفة : " كالغرايف" في منطقة الشاوية و " البغرير" في الجزائر العاصمة و هو طبق يحضر في كثير من المناسبات في مدينة قسنطينة و ضواحيها ، كالزواج مثلا لكنه في مناسبة النجاح له نكهة خاصة و دلالة أخرى ." نحن نحضر القرصة لأنها خفيفة لنأمل أن يكون عقل الطفل دائما خفيفا" بمعنى سريع الفهم كما قالت لنا إحدى الأمهات وهي متأكدة من هذه النتيجة التي توارثتها عن جدتها. و بالنسبة لبعض العائلات القسنطينية فتحضير القرصة يتعلق باعتقادات أخرى، كالتي تحدثنا عنها الحاجة زهور: " القرصة بأعينها الكثيرة تدفع العين عن منزل الصبي أو الفتاة الناجحة في الامتحان ، كما أنها طبق حلو يزيد من حلاوة النتيجة و يجعل فأل النجاح مستمرا" ، و للبعض الآخر من العائلات طقوس خاصة في تحضيرها، فتعمد بعض السيدات أثناء تحضير العجينة إلى رمي قطعة منها لتلتصق عاليا في السقف ، كما تقول السيدة سليمة التي تحصل ابنها هذه السنة على شهادة التعليم المتوسط : " أثناء تحضير عجينة القرصة وقبل تحويلها إلى عجينة شبه سائلة، أقوم برمي القليل منها سريعا نحو سقف المطبخ ، ليواصل ابني طريق التقدم و النجاح ، و يصعد نحو القمة كما تصعد هذه العجينة". عائلات أخرى تفضل أن تشتري حلويات جاهزة و توزعها على الجيران و الأقارب و التي غالبا تكون طبق " الزلابية " لأنها حلوى تقليدية ارتبطت في المفهوم الشعبي بالأفراح والأعراس ولا يختلف على مذاقها الكثير من الناس. و في مناطق أخرى من الوطن يتم الاحتفال بالنجاح تقليديا وفق عادات المنطقة و طقوسها الخاصة ، كما تفعل العاصميات اللاتي يحضرن ما يعرف ب "الخفاف" أو كما يسمى في الشرق "السفنج" و هو نوع من الحلويات التي تحضر بالطحين و تتميز هي الأخرى بالخفة و الحلاوة لأنها تنقع في العسل قبل أن تقدم للأقارب و الجيران الذين ينتظرون نصيبهم من هذا الطبق الحلو مباشرة بعد سماعهم بخبر النجاح. أما في منطقة الشاوية و مناطق أخرى من شرق البلاد، تقوم السيدات غالبا بتحضير " الطمينة " أو "الرفيس" الذي يحضر بالدقيق المحمص، التمر أو " الغرس" و الزبدة ، و يتم تحضيره مباشرة بعد إعلان نتائج الامتحانات ليتم تفريقه على الأقارب و الجيران ، كتعبير سريع عن فرحتهم التي يتقاسمونها بالحلاوة مع الجيران و الأقرباء .لتبقى نشوة التلميذ بالنجاح حلاوتها الخاصة التي تغطي على مذاق كل الحلويات .