التجار يستخرجون التصاميم القديمة و أسعار ملابس الرضع تنافس ملابس الكبار تشهد سوق الملابس التهابا في الأسعار منذ الأيام الأولى من رمضان، لتزيد أعباء وحيرة رب الأسرة الذي لم يستفق بعد من صدمة أسعار الخضر و الفواكه التي تضاعفت في شهر يعرف بشهر الرحمة، ليواجه صدمة أخرى سببها تحليق الأسعار عاليا مبتعدة عن القدرة الشرائية للمواطن الجزائري. و في جولة سريعة بين محلات بيع الملابس و الأسواق الشعبية بقسنطينة، أوقفتنا أثمان السلع المعروضة التي رغم قلة تنوعها و محدودية العرض لا سيما في ملابس البنات، تعرف ارتفاعا ملفتا وصفه الكثيرون بغير المعقول، لما سجلوه من تضاعف رهيب في أسعار العديد من الملابس و التي أكدت إحدى الأمهات أنها اشترت قميصا لابنتها بنفس التصميم و نفس نوعية القماش ب750دج في شهر جوان، و تفاجأت اليوم و هي تقصد ذات المحل بسعره المضاعف أكثر من مرتين، حيث عرض اليوم ب1750دج أي بزيادة 1000دج و هو ما اعتبرته بالجنوني و غير الإنساني في حق العائلات البسيطة التي لم تعد ميزانياتها قادرة على تلبية كل حاجيات أفرادها لا سيما في هذه الفترة التي تصادف فيها شهر رمضان بالدخول المدرسي و الاجتماعي بالإضافة إلى عيد الفطر. مذبوحين في العيد أو في عاشوراء و الملفت في سوق الملابس هذا الشهر، تهافت الزبائن عليها منذ الأسبوع الأول من رمضان عكس السنوات الماضية التي ارتبطت بها عادة شراء كسوة العيد بالأسبوعين الأخيرين و هو ما أرجعته إحدى الزبونات التي التقيناها بمحل بسوق الملابس بحي ديدوش مراد (لاري دي فرانس) إلى إصرار الآباء و الأمهات بشكل خاص على عدم تفويت فرصة الاختيارات الكثيرة، بدل انتظار آخر رمضان الذي "تقل فيه الخيارات و تنقص فيه السلع و تلتهب فيه الأسعار أيضا "تقول السيدة ربيعة (45سنة) مستشهدة بالمثل الشعبي القائل"مذبوحين في العيد و لا في عاشوراء" إشارة إلى ترسخ عادة شراء كسوة العيد و الدخول المدرسي في الأسر الجزائرية و لا فرق إذا تأخروا أو بكروا في اقتنائها طالما أنهم سيفعلون ذلك لا محالة ، على حد تعبيرها. و تكرر ذكر نفس المثل الشعبي على لسان عدد من المواطنين الذين سألناهم عن سبب التهافت المبكر لشراء كسوة العيد، رغم المصاريف الإضافية التي يفرضها عادة شهر رمضان، حيث اعتبر الكثيرون لجوءهم إلى شراء ملابس أطفالهم في بداية رمضان سيمنحنهم فرصة اختيار أكبر و اعتقادا منهم بأن الأسعار لن تعرف صعودا جنونيا في بداية الصيام باعتبار المواطنين يقبلون على شراء الأكل أكثر من أي شيء آخر. و يبدو أن حسابات الأغلبية كانت خاطئة لأن التجار فكروا بطريقتهم و حددوا أسعارهم الشبه موّحدة قبل قدوم الشهر المبارك و إلا بما نفسر تراوح الأثمان بين 1750دج و 2200دج لكل غرض حتى الكنزات العادية و ال"تي شارت" الذي عادة لا يزيد سعره عن ال1000دج، سجل هو الآخر ارتفاعا ملفتا . و علقت إحدى السيدات كانت تنتظر ابنتها ذات ال14ربيعا التي كانت منهمكة في تجريب ملابسها في غرفة القياس بإحدى محلات حي سيدي مبروك العلوي " شيفون ب2200دج و الله مصوا دمنا"إشارة إلى نوعية رديئة من "تي شارت" الحاملة لرسومات أبطال المسلسلات و التي لم يقل سعرها عن 1450دج. نقص العرض و اعتبر البعض أن الذكور أكثر حظا هذا العام من الإناث لما عرفته سوق الملابس الرجالية من تنوّع كبير في السلع المحلية و المستوردة، عكس الفتيات اللائي بخلت عليهن المحلات من حيث عدد العروض و نوعية الملابس لا سيما بالنسبة للفتيات التي تتراوح أعمارهن بين الخامسة و ال13سنة، و هو ما عكسته الموديلات القديمة التي أعاد أصحاب الكثير من المحلات استخراجها من "الأرشيف" على حد وصف إحدى الزبونات التي علقت ضاحكة "اعتقد أنه لا توجد سلع جديدة و كل شيء أرشيف قديم". و استطردت أخرى منتقدة نوعية التصاميم" استغرب من أين أحضروا هذه الفساتين التي تليق للعروض المسرحية" لكثرة البهرجة و التعدد غير المتناسق في الألوان في الفستان الواحد. و أرجع بعض الباعة الذين تحدثنا إليهم نقص التنوّع و بالتالي نقص فرصة الاختيار إلى قلة العرض بسوق الجملة، و قال بائع في العقد الثالث من العمر بإحدى "بازارات"حي سان جان سابقا، أن ما يحدث في سوريا و ليبيا أثر بشكل واضح على سوق ملابس الأطفال بسبب تراجع عمليات الاستيراد، مما شجع عودة تجار الكابة من جهة و انتعاش السوق المحلية التي غلبت عليها السلع المقلدة. و برر أحد التجار سعر ملابس الأطفال التي تراوحت بين 2200و 7000دج إلى غلائها بأسواقها الأصلية بفرنسا أو إيطاليا و تركيا أيضا. شبر قماش ب3000دج و إن كانت محلات ملابس الرضع و الأطفال التي لا تزيد أعمارهم عن الرابعة قد عرفت أكثر من غيرها تنوّع تصاميم آخر صيحة والمغرية في آن واحد، إلا أن الأسعار الملتهبة أفسدت فرحة العيد بالنسبة للكثيرين، حيث علق أحد المواطنين الذي كان رفقة زوجته و طفلته الرضيعة "شبر قماش ب3000دج هذه قمة الجشع". و تمنى آخر لو بقيت الأمهات على حرفة الخياطة مثلما في السابق و قال "كانت الوالدة تخيط ملابسنا في العيد و كنا نفرح و نستمتع بأجوائه أكثر من أطفالنا المدللين و غير الراضين دائما". و إذا كان ثمة من يتهافتون على شراء كسوة العيد في الأيام الأولى من رمضان حتى تكون لهم فرصة أكبر للاختيار و الانتقاء، فإن ثمة من يعيشون هذه الأيام على أعصابهم لتصادف عيد الفطر مع الدخول المدرسي و ما يفرضه ذلك من مصاريف إضافية كثيرة و التي لا يكفي مرّتب شهر واحد لتسديدها مثلما قال أحد المواطنين الذي أسر لنا بأن دخله لا يزيد عن 28000دج و لديه ثلاثة أطفال متمدرسين، احتار كيف يوّزع راتبه بين المصاريف الضرورية الأكل و تسديد فاتورة الكهرباء و الغاز التي قال أن آخر أجل لتسديدها قبل ال17من الشهر الجاري و بين تلبية طلبات أطفاله بمناسبة العيد، خاصة و أن موعد استلام مرتبه القادم لن يكون قبل الرابع من شهر سبتمبر حسبه.