وصفان دار بحري بالطقطوقة والطبول وبودباغ يناجي سيدي راشد وصفان دار بحري بالطقطوقة والطبول في آخر ليلة من خرجة سيدي راشد، حيث تمايل الحضور على زفة العرس العيساوي، ومناجاة سيدي راشد ليكون حاضرا في مجلس الصوفية مع مواويل محمد رضا بودباغ الذي جاء من بعيد ببرية وبخور لتحلى القعدة على أنغام الطبول. كانت ليلة آخر مشوار خرجة سيدي راشد مع العيساوة القسنطينية، حيث توافدت العائلات بأعداد كبيرة على قصر الثقافة مالك حداد لتتبع الهدوة التي أبدع في تقديمها أحفاد الشيخ بركة بن صالح الأب الروحي لدار بحري. فرقة الوصفان احتلت الركح والقاعة فبمجرد دخولها دوت الزغاريد وتمايل الحضور على وقع الطبول، وغرقت القاعة في التهوال لفترة كانت طويلة بالنسبة للمنظمين الذين أربكهم هذا الجو. وصفان دار بحري الذين يشكلون طقوسا إفريقية أمتعوا الجمهور بعرض موسيقي شيق وأغاني مستمدة من التراث الفني الذي عمر في الجزائر منذ خمسة قرون، وتواصل تراث الجد بركة بن صالح مع الموروث الثقافي الديني الذي يقدم مزيجا صوفيا في ثوب عربي إسلامي. وطبع هذا الإيقاع الصورة المفعمة باللوحات الفنية الإفريقية العربية في الآداء والمضمون الذي ترتكز عليه الأهازيج المصاحبة للإيقاع. العرض كان بمثابة نموذج للهدوة التي تختصر التراث الصوفي، حيث أبدع وصفان دار بحري في تمثيل هذه التراجيدية التاريخية للتراث بإيقاعات الطبول والطقطوقة وحتى الحركات الإنشادية التي لم تخرج عن النسق الفني للعيساوة، وهي مقدمة في شكل مناجاة للجد الأكبر بصورة فيها الكثير من المعاني التي تجسدها الكلمات. السهرة الأخيرة حملت عدة أطباق، فبالإضافة الى التكريمات التي خصصتها جمعية أبناء الطريقة العيساوية لمن ساهم في بعث هذه التظاهرة، كانت أيضا مناسبة لابراز الدور الفني لهذه الاحتفالية الدينية السنوية. وكان نجم السهرة الفنان محمد رضا بودباغ الذي تجاوب معه الجمهور الساهر، خاصة أثناء آدائه لموال جديد خصه للرجل الصالح سيدي راشد، الذي تحمل الخرجة اسمه تبركا بأعماله، فكانت السهرة فضاء حقيقيا لروح التراث الفني الأصيل، حيث تفنن المطرب محمد رضا في مناجاة سيدي راشد بترانيم خفيفة على وقع الآلات الموسيقية التي بعثت الدفء في القاعة، وكان طيلة عرضه حريصا على الاستجابة لطلبات القاعة. وأسدل الستار على هذه الخرجة بتوزيع بعض الهدايا الرمزية على المشاركين وكذلك درع الخرجة وهو عبارة عن تمثال نحاسي يرمز الى مضمون الخرجة ويمنح للفرق المشاركة التي ساهمت في اثراء هذه التظاهرة الفنية التي انعشت الأجواء الرمضانية بمدينة الجسور على امتداد خمسة أيام. ع. مرزوق