أحتل الصف السادس عالميا و توّجت ب 6 ألقاب إفريقية أحيانا يكون الاختلاف أمرا مساعدا، ومحفزا لشق طريق النجاح في اختصاص يقل عدد ممارسيه، غير أن هذا الاستثناء لم يجن منه الرياضي سيد علي بودينة سوى الشق السلبي، حيث أن نقاط الظل في احتراف رياضة غير معروفة كرياضة التجديف، جعل طموح البطل الجزائري والإفريقي يُختصر، رغم أن طاقة كبيرة كامنة بعضلاته المفتولة، تحاول دفعه للتغلب على التهميش وقلة الإمكانيات التي يطالب بتوفيرها خاصة وأن أولمبياد طوكيو لم يتبق عن انطلاقه سوى العامين. نبدأ بالسؤال المعتاد، كيف يقدم الرياضي سيد علي بودينة نفسه للجمهور وقراء النصر؟ سيد علي بودينة، رياضي وعضو المنتخب الوطني للتجديف، أبلغ من العمر 28 سنة، وأمارس هذا النوع من الرياضة منذ سنة 2006، تحت لواء نادي سباق نوتيغ الجزائري، وانضممت إلى المنتخب الوطني عام 2008، عندما كنت في فئة الأصاغر، وتحصلت على ثلاث ميداليات ذهبية في دورة تونس خلال أول بطولة عربية أخوضها، لأواصل مشواري بنجاح في هذا المجال إلى يومنا هذا. هل لك أن تشرح لنا نوعية الرياضة التي تمارسها ؟ رياضة التجديف من الرياضات البدنية الممتعة، التي لا تحتاج إلى القوة الجسدية فقط، وإنما إلى تعاون من مجموع الأفراد الذين يمارسونها، ويمكن ممارستها بشكل فردي أو جماعي، وهي رياضة للرجال والنساء، كما أنها رياضة للمحترفين والهواة، ورياضة التجديف هي إحدى الرياضات المائية التي تمارس في مياه الأنهار أو البحيرات الكبيرة، باستخدام القوارب أو الزوارق المخصصة خصيصا لها، ومن شروط ممارستها أن تكون المياه ساكنة ومحمية من الهواء، كما أن التجديف لديه أدواته الخاصة التي تميزه عن الرياضات الأخرى. التجديف أخذ كامل وقتي ولكنه لم يحرمني من إكمال دراستي كيف اخترت رياضة التجديف، رغم أنها لا تحظى باهتمام كبير في الجزائر؟ ولجت عالم التجديف صدفة، حيث كنت أرغب بممارسة رياضة الألواح الشراعية، ولكن والدي نصحني بتركها، والاتجاه صوب رياضة التجديف، التي تنبأ لي بالتألق فيها، كونه لمس لدي الموهبة في هذا المجال، الذي قلما يختاره الشباب الجزائري، الذي يفضل ممارسة كرة القدم أو السباحة أو رياضات أخرى أكثر شعبية. كيف استطعت التوفيق بين الدراسة وممارسة رياضة صعبة مثل التجديف الذي يتطلب تضحيات جسام ؟ كان من الصعب أن أوفق بين الرياضة والدراسة، خاصة وأنني كنت أطمح للوصول إلى المستوى العالي في عالم التجديف، ولكن بفضل التضحيات الكبيرة التي قدمتها، وبفضل مساعدة أسرتي، التي وقفت إلى جانبي نجحت في الوصول إلى مبتغاي، أين تحولت إلى بطل جزائري في رياضة التجديف، بدليل الألقاب المحلية والخارجية التي أمتلكها، إضافة لحصولي على شهادة البكالوريا وولوجي الجامعة التي ظفرت فيها بشهادة ليسانس، قبل السفر لثلاث سنوات كاملة، إلى فرنسا لتطوير إمكاناتي أكثر، والتحول إلى رياضي محترف. حصلت على عدة ألقاب وطنية في آخر السنوات، حدثنا عن ذلك، وماذا عن تتويجاتك العربية والقارية ؟ الحمد لله منذ عام 2008، وأنا بطل الجزائر في الاختصاص الفردي، حيث توجت بألقاب عديدة، والفضل في ذلك يعود لممارستي رياضة السباحة على مدار 10 سنوات كاملة، حيث بدأت صغيرا وقبل حتى تجاوز سن الرابعة ودأبت على ذلك إلى غاية وصولي سن المراهقة (14 سنة)، وهو ما ساعدني بعدها كثيرا في رياضة التجديف، في ظل تمتعي بلياقة بدنية قوية، فكما تعلمون هذا النوع من الرياضة، يحتاج إلى مجهودات جبارة، وأنا كنت من بين أقوى الرياضيين الجزائريين، إلى درجة أنني لم أجد أي منافسة على المستوى المحلي. أتربع على عرش الاختصاص الفردي بالجزائر منذ سنة 2008 وبخصوص تتويجاتي القارية، فأنا بطل إفريقيا في ست مناسبات كاملة، كما تأهلت إلى أولمبياد ري دي جانيرو الماضية، ووصلت إلى الدور ربع النهائي، رغم معاناتي من قلة الإمكانات وسوء التحضير، كما حصدت المرتبة الثامنة في بطولة العالم لأقل من 28 سنة بهولندا، مع إنهاء بطولة العالم الأخيرة في الصف السادس، رغم مشاركة نجوم الصف الأول. ما سر تألقك في هذا النوع من الرياضة الذي لا تمتلك فيه الجزائر أي تقاليد ؟ أولا من يريد النجاح في أي مجال، عليه أن يحب ما يقوم به، وأنا كنت مولعا منذ صغري برياضة التجديف، حيث ضحيت كثيرا من أجل الوصول إلى أحلامي، والحمد لله حققت جزءا كبيرا منها، في انتظار الأفضل مستقبلا، كما لا يجب أن أغفل عن دور المدربين الذين عملت معهم، حيث قدموا لي الكثير، وساهموا بقسط وافر في تطوير إمكاناتي ومؤهلاتي، إلى درجة جعلتني قادرا على مزاحمة نجوم كبار في هذا النوع من الرياضة، التي لا تمتلك فيها الجزائر أي تقاليد. والدي نصحني بترك رياضة الألواح الشراعية و ولجت عالمي هذا صدفة ! حققت إنجازا غير مسبوق في أولمبياد ريو بالوصول إلى الدور ربع النهائي، كيف تم التعامل مع هذه النتيجة، وهل يمكن أن نراك فوق منصات التتويج بأولمبياد طوكيو؟ للأسف الشديد بعد العودة من البرازيل، لم أحظ بالمتابعة المطلوبة من قبل القائمين على شؤون الرياضة الجزائرية، كما لم أتلق أي تشجيع لمواصلة التألق في رياضة التجديف، التي لا تمارس بكثرة في الجزائر، وتعرف عزوفا غير مبرر. لقد حزّت خرجة المسؤولين في نفسي كثيرا، وحطمت معنوياتي، سيما وأنني حققت نتيجة لا بأس بها في ريو دي جانيرو، رغم افتقادي للدعم المطلوب، وعدم امتلاكي لأدنى الحاجيات، أنا الآن بحاجة إلى المساعدة، كوني لم أشرع بعد في التحضير للتحدي المقبل، والمتمثل في أولمبياد طوكيو، التي لم يعد يفصلنا عنها سوى سنتين فقط، كما لا اعتبر نفسي الضحية الوحيد، باعتبار أن كافة الرياضيين بحاجة إلى الاهتمام والرعاية، من أجل النجاح في رفع راية الجزائر عاليا في كبرى التظاهرات العالمية، التي يحضر لها الرياضيون المحترفون على مدار أربع سنوات كاملة، وليس في آخر لحظة، كما يحدث لنا في الجزائر، وهو ما يحول دون اعتلائنا منصات التتويج. ما هي الرسالة التي توجهها إلى القائمين على شؤون الرياضة في الجزائر ؟ أتحدث عن نفسي، لقد توجت بعدة ألقاب قارية، ولا أود الاكتفاء بالهيمنة إفريقيا فقط، بل أبحث عن التألق في التظاهرات العالمية، على غرار الأولمبياد وبطولات العالم، ولذلك أتمنى أن أحظى بدعم المسؤولين، والمتمثل في توفير التربصات اللازمة، لأن الوصول إلى مرحلة التنافس وحصد الألقاب في المستوى العالي، يتطلب التحضير الجيد، وهو ما نفتقده في الجزائر. كيف تقيّم رياضة التجديف في الجزائر ؟ نمتلك طاقات شبابية كبيرة، يحسدنا عليها الكثير من بلدان العالم، ولكن لسوء الحظ لم نستثمر فيها، من أجل تكوين نجوم وأبطال قادرين على رفع العالم الجزائري عاليا في المحافل الدولية، أنا أحزن كثيرا عند رؤية ما وصل إليه الغرب في مجال الرياضة، حيث أنشأوا مراكز التكوين وفي عدة مدن، ولم تعد تقتصر على مراكز تكوين كرة القدم فقط، بل امتدت لعديد الرياضات الأخرى، أنا أتمنى لو نحظى بنصف هذا الدعم، من أجل إعداد رياضيين من المستوى العالي، ولكن الأماني شيء والواقع شيء مغاير، يجب الإقرار بأننا نسبح عكس التيار، ويكفي النظر إلى مركب 5 جويلية، الذي يعيش إهمالا كبيرا للتأكد من المأساة التي تتخبط فيها الرياضة الجزائرية. مركب 5 جويلية يعاني الإهمال و حاله يلخص واقع رياضاتنا المرير هل شرعت في التحضير للتحديات المقبلة ؟ لقد شرعت منذ فترة في الاستعداد للاستحقاقات المقبلة، وكلي أمل في التألق، وإهداء الجزائر الألقاب، أنا أستهدف التأهل إلى ألعاب طوكيو المقبلة، وقد تحسم الأمور خلال شهر سبتمبر من السنة القادمة ببطولة العالم بالنمسا، ولذلك سأحاول أن أحضر لها بشكل جيد، للتواجد في الأولمبياد مجددا، ولكن هذه المرة برغبة أكبر في اعتلاء منصات التتويج. في ختام الحوار، ما هي البلدان المعروفة في هذا النوع من الرياضة ؟ رياضة التجديف منتشرة بقوة في عدة بلدان، على غرار أستراليا وانجلترا ونيوزيلندا وأمريكا وكندا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، حيث يمتلكون عدة نجوم بسطت هيمنتها على مختلف البطولات العالمية، وهنا أود أن أحدثكم عن نظرتهم لنا، حيث يروننا بعيدين كل البعد عن المستوى المطلوب، كما أنهم يتفاجؤون في كل منافسة بوجود رياضي من الجزائر، أنا أسعى جاهدا لفرض نفسي معهم، رغم صعوبة المأمورية.