مصير مجهول ينتظر أبناء القذافي أعلن أمس مسؤولون في المجلس الانتقالي للمعارضة أنه تم اعتقال ثلاثة من أبناء الزعيم الليبي معمر القذافي في العاصمة طرابلس، وهم سيف الإسلام والساعدي ومحمد نجله الأكبر الذي سلم نفسه رفقة أسرته لمقاتلي المعارضة. وفي ظل التساؤلات الكثيرة المطروحة حول المصير المحتمل لأبناء العقيد الذين رفضوا التخلي عن مساندة والدهم إلى آخر دقيقة، وما إذا كان سيتم محاكمتهم وفقا للقانون، تعهدت المعارضة بحمايتهم ومعاملتهم معاملة جيدة، وذلك فيما يبقى مصير أبنائه الآخرين غير معروف ومنهم خميس قائد أحد أهم الألوية المدافعة عن طرابلس، وعائشة التي وردت أنباء أول أمس عن اقتحام المتمردين لمنزلها في العاصمة. عمليات الاعتقال تلك جاءت إثر التسلل المفاجئ وسيطرة قوات المعارضة ونجاحها في اقتحام قلب العاصمة طرابلس، وهو ما ساهم في فداحة الخسائر البشرية حيث قال مسؤول حكومي إن القتال هناك ليلة أول أمس قد خلّف مقتل 376 شخصا في كلا الجانبين وإصابة حوالي 1000 آخرين.من جهتها أكدت الجنائية الدولية نبأ اعتقال سيف الإسلام القذافي وهو ما أعلنته متحدثة باسم مكتب الادّعاء في المحكمة، فيما قالت مصادر إعلامية أمس أن المعارضة المسلحة تتفاوض مع محكمة "لاهاي" على إجراءات تسليم سيف الإسلام الذي اعتقل في وقت متأخر من مساء يوم الأحد، وكان المدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو قد نجح في إقناع المحكمة بإصدار أوامر اعتقال في حق القذافي وسيف الإسلام ومدير المخابرات الليبية عبد الله السنوسي شهر جوان الماضي، وذلك بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بعد أن أحال مجلس الأمن الوضع الليبي إلى المحكمة شهر فيفري 2011 . ويعتبر سيف الإسلام أبرز أبناء القذافي من حيث الظهور الإعلامي منذ اندلاع الأحداث شهر فيفري الماضي، فضلا عن أنه كان المرشّح الأوفر حظّا لخلافة والده في حكم ليبيا، كما أنه حاول في المدة الأخيرة عرض إجراء مجموعة إصلاحات على نظام الحكم وقوانين البلاد مقابل توقف حملة المعارضة والناتو، وكان آخر ظهور له فجر أول أمس الأحد حين أكد على التلفزيون الرسمي أن نظام والده "لن يسلم ولن يرفع الراية البيضاء" داعيا قوى المعارضة إلى الحوار، وأضاف أمام عشرات الشباب "نفسنا طويل، نحن على أرضنا وبلدنا، سنقاوم ستة أشهر، سنة، سنتين وسننتصر"، وأضاف "لن نسلم ولن نرفع الراية البيضاء، هذا ليس قرار سيف الإسلام أو القذافي إنه قرار الشعب الليبي"، ودعا المعارضين إلى الحوار قائلا "إذا كنتم تريدون السلام فنحن مستعدون"، مذكرا بأنه أشرف على إعداد مشروع دستور". وقد ولد سيف الإسلام في 25 جوان سنة 1972 في طرابلس، وهو النجل الأكبر من زوجة القذافي الثانية وثاني أبناء الزعيم الليبي الثمانية، حاصل على إجازة في الهندسة المعمارية من جامعة طرابلس، وقد اختار نشاط الأعمال في فيينا بالنمسا حيث حصل على شهادة جامعية هناك، وأنهى دراسته الجامعية بدكتوراه من معهد لندن للاقتصاد، ويرجع تاريخ أول ظهور له على الساحة الدولية إلى سنة 2000، عندما فاوضت "مؤسسة القذافي" التي أسّسها عام 1997 من أجل الإفراج عن رهائن غربيين محتجزين لدى مجموعة من المتطرفين الإسلاميين في الفيليبين، وقام في السنوات الأخيرة بدور مبعوث للنظام أو ناطق باسمه، وكان يمثل حسب محلّلين الوجه الجديد المحترم لنظام اتهم لزمن طويل بمساندة الإرهاب. سيف الإسلام الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه بتهمة ارتكاب جرائم، يعتبر صاحب نفوذ كبير في ليبيا رغم أنه لم يكن يشغل أي منصب رسمي في السلطة، لكنه أصبح في السنوات الأخيرة موفد النظام الليبي الأكثر مصداقية ومهندس الإصلاحات والحريص على تطبيع العلاقات بين ليبيا والغرب، وكان لعرضه سنة 2007 مشروعا لتحديث بلاده، تكهنات حول مسألة خلافة والده ولو أنه أكد أن ليبيا لن تتحول إلى ملكية أو دكتاتورية، وبعد سنة من ذلك أعلن انسحابه من الحياة السياسية، معتبرا أنه وضع "قطار الإصلاحات على السكة الصحيحة". وقد برز دوره خصوصا في الوساطة التي قام بها في قضية الفريق الطبي البلغاري الذي أفرج عن أفراده (خمس ممرضات وطبيب) في جويلية 2007 بعد أن أمضوا ثماني سنوات في السجن، كما فاوض أيضا على الاتفاقات من أجل دفع تعويضات لعائلات ضحايا الاعتداء على طائرة في لوكربي باسكتلندا في 1988 التي اتهمت ليبيا بالتخطيط لها، وقضية دفع تعويضات لضحايا الاعتداء على طائرة أوتا التي تحطمت فوق النيجر في 1989.