ي جعفارو.. ورشة مفتوحة منذ 6 سنوات! لا يزال سكان حي جعفارو عبد الله الواقع بأعالي بلدية ابن باديس بولاية قسنطينة، يطالبون بتوفير الغاز والكهرباء منذ حوالي 30 سنة، ما جعلهم يعيشون حياة صعبة خاصة في ظل نقائص أخرى منها انعدام الإنارة و اهتراء الطرقات، كما لم تتقدم الأشغال بالشكل المطلوب على مستوى مشروع إعادة هيكلة المنازل الذي تم إقراره منذ ما يقارب 6 أعوام، ما حوّل المكان إلى ورشة مفتوحة اضطرت بعض قاطنيها إلى بناء سكناتهم الجديدة بسواعدهم، لأن الإعانة المالية المقدمة لهم «غير كافية». روبورتاج: حاتم بن كحول بالدخول إلى حي جعفارو كانت المسالك وعرة ومهترئة و تقود إلى منازل بعضها هشة بأسقف من القصدير، و يتعلق الأمر ب 22 منزلا تقع في المنطقة السفلية و علمنا أنه تم إخلاؤها من قاطنيها مع منحهم سكنات اجتماعية، بينما تم إنجاز عدد من السكنات الجديدة التي لاحظنا أن الأشغال لم تكتمل بالعديد منها، و ذلك في إطار مشروع إعادة الهيكلة الذي مسّ حوالي 360 عائلة. أطفال يواجهون البرد القارس في بيوت بلا مدافيء وأكد لنا المواطنون أن عدد البيوت غير الموصولة بالغاز هو 75، فيما لم يتم ربط 35 منها بالغاز والكهرباء، حيث دخلنا إحداها و وجدنا أطفالا و هم نيام وسط البرد الشديد بسبب غياب الغاز، وذكر لنا المواطنون أن العديد من العائلات تستنجد بالجيران الذين استفادوا من الكهرباء لأجل إيصال منازلهم بأسلاك التيار، حيث لاحظنا عددا كبيرا منها تربط عدة بيوت ولعدة أمتار، رغم المخاطر المحدقة بالسكان، و قد أوضح أحد الجيران أنه يضطر لدفع ضعف المبلغ مقابل الاستفادة لأن هذه الخيوط تستهلك طاقة أكبر. «البرويطة» و الأكتاف لملء قارورات الغاز واصلنا جولتنا في الحي أين شاهدنا مواطنين يحملون على أكتافهم قارورات غاز البوتان، التي جاؤوا بها من وسط مدينة ابن باديس، حيث ذكر لنا السكان أن جلهم لا يملكون سيارات ويضطرون إما لحملها أو دفعها بأرجلهم، و أحيانا باستعمال عربات تقليدية، مؤكدين أنهم يجدون صعوبة كبيرة في إيصال هذه القارورات إلى بيوتهم خلال فصل الشتاء وأثناء تساقط الثلوج، بينما تسجل ندرة فيها بسبب الطلب الكبير. و يؤكد السكان أنه وبعيدا عن معضلة الغاز والكهرباء، فإنهم يعانون من مشاكل أخرى تبقى أهمها الطريق المهترئة وانعدام الإنارة، مضيفا أنه صار يخشى على نفسه الخروج في الليل من شدة الظلام مع انتشار الكلاب الضالة، كما يفتقر التجمع للمحلات التجارية، حيث يجبر المواطنون على قطع مسافة طويلة إلى غاية وسط مدينة ابن باديس من أجل شراء بعض المستلزمات. السكان ذكروا بأن سيولا جارفة تتشكل وتجتاح الحي كلما تساقطت الأمطار، وهنا تعلن حالة الطوارئ بالنسبة للعائلات، إذ يهرع الجميع إلى إخراج الكمية الهائلة من المياه التي تتسرب إلى المنازل، خوفا من أي أضرار قد تصيب المساكن، وكذلك خشية غرق الرضع والأطفال، حيث علق أحد الجيران قائلا «عندما تتساقط الأمطار تتحول بيوتنا إلى مسابح، وكأننا نعيش في العصر الحجري أو ما شابه، جلنا يعيش على هذه الحال من 20 إلى 30 سنة». «نضطر للاستدانة لإنجاز المنازل» و عند آخر بيت في هذا الحي مع نهاية المنحدر، وجدنا مواطنا و هو يقوم بأشغال ترميم على مستوى منزله المُحاط بمجاري مياه الصرف الصحي، حيث أكد لنا أنه يقوم بهذه العملية بنفسه لأنه لا يملك مالا يدفعه لبناء محترف، مضيفا أن همه الأول والأخير ليس تزويده بالغاز والكهرباء وإنما إعادة تهيئة منزله، كما قال إنه لم يستفد من مبلغ 70 مليونا المخصص لدعم السكنات الهشة، وهو ما ينطبق على 40 عائلة، حسبه. يحدث ذلك في وقت كان حي جعفارو أول تجمع سكني استفاد من برنامج إعادة الهيكلة بولاية قسنطينة، و الذي تم إطلاقه قبل سنوات عديدة، فقد أكد أحد السكان أن جل الجيران لم يتمكنوا من إنهاء الأشغال على مستوى بيوتهم، والسبب، حسبه، وضعيتهم المادية المتواضعة، مضيفا أن مبلغ 70 مليونا لا يكفي لبناء مسكن يتطلب إنجازه 300 مليون سنتيم، حسب تعبيره، و هو ما اضطر العديد من العائلات إلى اقتراض المال من الأقارب و المعارف لاستكمال الأشغال. و يؤكد السكان أن جلهم يعانون من البطالة، أما من يعمل فلا تتجاوز أجرته الشهرية مبلغ 2 مليون سنتيم، حسب قولهم، مضيفين أن العديد من شباب جعفارو لم يجدوا عملا، كما تفتقر المنطقة لفضاءات ترفيهية يشغلون بها أوقاتهم، باستثناء الملعب المجاور للحي والذي يكون مكتظا عن آخره بالفرق من أجل ممارسة كرة القدم، التي تبقى المتنفس الوحيد لشباب هذه المنطقة، وفقا لمحدثينا. رئيس بلدية ابن باديس السعيد قطاف إنهاء إعادة الهيكلة ضمن أولوياتنا ووضعية الحي تحسنت توجهنا لنقل انشغالات المواطنين لرئيس بلدية ابن باديس السيد السعيد قطاف، الذي أكد أنه على دراية بما يعيشه سكان حي جعفارو عبد الله، كما أضاف أنه يعمل مع بقية المسؤولين من أجل إنهاء عملية إعادة الهيكلة أولا وهو أهم شيء بالنسبة له، حسب تعبيره، موضحا أنه تم تزويد حوالي 80 بالمائة من البيوت بالغاز والكهرباء، بينما يبقى الإشكال في عدم إنهاء الأشغال على مستوى المنازل، وبالتالي لا يمكن تزويدها بهذين المادتين. و قال قطاف للنصر، إن البلدية قامت بتغيير مكان بيوت بعض المستفيدين، لأنها كانت فوق مناطق صخرية، كما أضاف أن حوالي 9 إلى 10 عائلات فقط تعاني من غياب الغاز والكهرباء، موضحا بأن ملفاتها تتواجد على طاولة شركة توزيع الغاز والكهرباء التي ستتكفل بمصاريف تزويدها، ليدعو المواطنين المعنيين إلى التحلي بالصبر. وأضاف «المير» أن كل ما تبقى هي أمور تقنية وذلك بعد إنهاء الأشغال في كل البيوت، أما عن الإستفادات من مبلغ 70 مليونا المخصص كإعانة مالية، فقد أكد المسؤول على أن كل العائلات حصلت على هذا المبلغ، ومنها من وزعت عليها سكنات اجتماعية، بينما لا تزال بعض المنازل محل نزاع بين عدد من الأسر، مؤكدا في الأخير أن حي جعفارو كان يعيش وضعا كارثيا وهو اليوم، حسبه، في أفضل الأحوال مقارنة بما كان عليه قبل سنوات.