إفريقيا خارج الحسابات وأوروبا تنذر أمريكا قبل النسخة العشرين أسدل سهرة أول أمس الستار على فعاليات النسخة التاسعة عشر من المونديال بتتويج تاريخي للمنتخب الإسباني الذي أعقب إحرازه كأس أمم القارة العجوز بتربعه على عرش اللعبة عالميا، وفشل الطواحين الهولندية في معانقة اللقب لثالث مرة في تاريخها. المونديال الذي وفقت في تنظيمه بامتياز جنوب إفريقيا، من خلال تقديمها صورة مشرقة عن بلد هزم الابرتايد، ونجاح أحفاد نيلسون مانديلا في الترحيب بملايين الزوار الذين عادوا إلى أوطانهم يحملون ذكريات رائعة عن بلد قوس قزح، شهد خيبة أمل للقارة السمراء التي لم تحسن استغلال ورقتي الأرض والجمهور، رغم مشاركتها بستة فرسان لم يتمكن منهم سوى المنتخب الغاني من التأهل إلى ربع النهائي ، في الوقت الذي غادرت البقية المنافسة في دورها الأول ومنها منتخبنا الوطني الذي عاد إلى العالمية بعد 24 سنة، والمنتخب المضيف الذي صنع الحدث بخروجه المبكر في سابقة على مدار الدورات الماضية. والجميل في مونديال "العم مانديلا" أنه شهد تقلبات وعديد السيناريوهات، فباختتام لقاءات الدور الأول برزت منتخبات أمريكا الجنوبية كقوة ضاربة من خلال تأهلها الجماعي إلى ثمن النهائي ، وحضورها كطرف فاعل ومؤثر في معادلة التتويج، ساعدها في ذلك تقلص حظوظ القارة العجوز من خلال اللقاءات المباشرة للسداسي الممثل لها، فتغيرت ملامح الخارطة في ربع النهائي الذي دخلته أمريكا الجنوبية برباعي طموح (الأرجنتين والبرازيل والباراغواي والأوروغواي) مقابل الثلاثي الأوروبي ( ألمانيا وهولندا واسبانيا) والممثل الإفريقي الوحيد غانا. وهو المنعرج الذي استغلته أوروبا لإحكام قبضتها وقلب الطاولة أمام المد الأمريكي الجنوبي بدفع العملاقين البرازيل والأرجنتين ومعهما الباراغواي نحو بوابة الخروج ولم ينج من المقصلة سوى الضيف "المفاجأة" الأوروغواي، الذي تبخرت أحلامه أمام الطواحين التي شكلت بمواجهتها اسبانيا قاهر الجرمان، أحد طرفي نهائي أوروبي خالص وغير مسبوق خارج القارة العجوز. وأجمل ما في لعبة تبادل الأدوار والمهمات عبر مراحل المونديال، تألق ألمانيا وهولندا في إقصاء الكبيرين الأرجنتين والبرازيل في دور متقدم ودفعهما إلى ترتيب بيتهما ومراجعة أوراقهما قبل استضافة بلد بيليه للنسخة القادمة. في الوقت الذي خرج منتخب الباراغواي "صغير" أمريكا الجنوبية أمام الإسبان بعد سيناريو هيدشكوكي ، علما وأن كتيبة فيسنتي ديل بوسكي تحررت بعدها رغم حفاظها على ذات التسعيرة (0/1) حتى المحطة النهائية. وفيما فازت أوروبا بلقب غال للمرة الثانية على التوالي، ربحت ألمانيا منتخبا مستقبليا، من خلال رهان يواكيم لوف على أصغر تشكيلة في تاريخ المانشافت، أسعدت الجرمان وأعادت لهم جزء من أمجاد زمان. وشكل التحكيم احد أبرز سلبيات المونديال الإفريقي، حيث تعددت الأخطاء وكثرت التظلمات، في الوقت التي دافعت هيئة بلاتير عن فرسانها بتأكيدها قبل النهائي أن 96 بالمائة من قرارات الحكام كانت صائبة، ولا ندري في أية خانة نصبت أخطاء حكام لقائي ألمانيا وانجلترا والأرجنتين و المكسيك، وحتى مهاجمنا غزال الذي دفع فاتورة لم تفرض على غيره، في صورة لويس فابيانو الذي روض الكرة باليدين قبل التسجيل؟