تتحوّل المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، ليلا، إلى سوق مفتوح يستقطب ألوف المواطنين من مختلف الولايات الشرقية، وهو ما يجعل المدينة مكتظة عن آخرها، وسط حالة غير مسبوقة من الفوضى و التدافع والازدحام المروري، فيما لم تتخلص الفضاءات التجارية والمساحات العمومية من المظاهر السلبية، إذ اتخذ كثيرون الأرصفة و حواف الطرقات المحيطة بها، أماكن للجلوس والاستلقاء، كما احتل الباعة الفوضويون مختلف المساحات، وحوّل شباب عاطل بعضها إلى حظائر ركن فوضوية، يبتزون من خلالها أصحاب المركبات. تسجل علي منجلي منذ منتصف شهر رمضان توافد أمواج بشرية على مختلف المحلات والمراكز التجارية، فأصبح التجوّل بها أمرا صعبا بالنسبة للكثيرين، بسبب التدافع الكبير الذي يميز جل المحلات، فلا يمكن لأي كان أن يدخل أحدها دون أن ينتظر قليلا أو يحتك بأحد الزائرين، فيما اضطر جل أصحاب المحلات إلى الاستعانة بعمال آخرين لتنظيم الدخول والخروج منها، فضلا عن تأمين السلع من السرقات، وفق ما أكده لنا صاحب محل لبيع ألبسة الرجال. وما يلفت الانتباه أن النسوة يتجولن بكثرة بمحلات بيع الألبسة الرجالية حيث تجدهن يسألن عن الأسعار و المقاسات ويتفحصن السلع، و ذكر لنا صاحب المحل، أن هذا الأمر أصبح عاديا خلال العامين الأخيرين، إذ أنهن أصبحن يقتنين الألبسة لأزواجهن و أبنائهن، الذين يرفضون التوجه إلى هذه الفضاءات المزدحمة، مضيفا أن فئة أخرى تكتفي بالتجول و النظر إلى المعروضات فقط. ويؤكد جل أصحاب المحلات الذين تحدثت إليهم النصر بالمركز التجاري «رتاج مول" بالوحدة الجوارية الثانية، أنهم سجلوا توافدا كبيرا للمواطنين منذ بداية رمضان، قبل أن تتضاعف أعدادهم، إذ يقصدونه من كل الولايات الشرقية المجاورة كقالمة وأم البواقي و ميلة و سكيكدة، ما يجعلهم يغلقون محلاتهم قبل السحور بنصف ساعة، بينما يضطر الكثير من التجار لتناول الوجبة هناك، لاسيما الذين يقطنون خارج المدينة الجديدة. كما أشار صاحب محل إلى أن نسبة الإقبال قياسية خلال هذه الأيام، إذ أنه و بقية التجار، لا يغلقون إلا بعد الساعة الثانية صباحا، وما يلاحظ في محيط المراكز التجارية، هو الأعداد الكبيرة من النسوة من مختلف الفئات العمرية، و اللائي يفوق عددهن الرجال بكثير، فيما تفضل الكثيرات لاسيما الكبيرات في السن، الجلوس على الأرصفة أو في أي مكان، بسبب قلة الأماكن المخصصة لذلك وحجزها. فوضى و أطفال يتيهون و استفحلت مشكلة التجارة الفوضوية بشكل كبير، إذ تتحول الطرقات والأرصفة إلى فضاءات لعرض مختلف أنواع السلع، وسط حالة كبرى من الفوضى والصراخ، وحتى الكلام البذيء، إذ وصل الأمر إلى حد غلق طرقات رئيسية من طرف الباعة، وحرمان أصحاب المركبات من التنقل عبرها دون حسيب أو رقيب، وهو ما وقفنا عليه بالوحدة الجوارية السادسة بالقرب من سوق «الرتاج»، حيث أصبح المشي صعبا جدا بتلك الأماكن، التي تعرض بها سلع رديئة جدا لكنها في المقابل تشهد إقبالا واسعا عليها. وسط هذه الفوضى العارمة التي تميز علي منجلي ليلا، تم تسجيل العديد من حالات ضياع الأطفال، فقد ضل ذات سهرة رمضانية طفل في الرابعة من عمره طريقه وسط الجموع الغفيرة، و تم العثور عليه بصعوبة، حسب ما أكده لنا تاجر، حيث أن أمه كانت منشغلة بالتسوق وأفلت من يدها وخرج من المركز التجاري، لكن لحسن الحظ فقد عثر عليه أحد جيرانه بالصدفة، كما تعرض طفل يبلغ من العمر تسع سنوات إلى عضة كلب ضال، بعد أن تركه والداه يلعب رفقة آخرين بالقرب من عمارات محيطة بفضاء تجاري. ابتزازات واعتداءات بمحيط المراكز التجارية بعلي منجلي لا يمكنك أن تركن مركبتك ليلا في أي مكان، دون أن تدفع إتاوة لا تقل عن 100 دينار، فقد وضع شباب عاطل و مسبوقون أيديهم على حظائر أحياء و أرصفة وحولوها إلى ملكية خاصة، يبتزون من خلالها المواطنين ويهددونهم، في حال رفضهم دفع مستحقات الركن، كما يستغل منحرفون التوافد الكبير للمواطنين من أجل السرقة، فقد سجلت حالات كثيرة لسلب الهواتف النقالة، آخرها حالة تلميذ في النهائي تعرض بالوحدة الجوارية 1 إلى عملية اعتداء بالسلاح الأبيض على مستوى اليد، بعد أن حاول مقاومة مجموعة منحرفين سلبوه هاتفه. ولم تتوقف الفوضى بعلي منجلي عند هذا الحد، فقد أصبحت المركبات تركن في أي مكان وسط الطريق أو فوق الرصيف، ما يتسبب في ازدحام مروري كبير طيلة الليل، وزادت الأمر حدة أشغال الترامواي و نشاط سائقي «الفرود» الذين سيطروا على محطات التوقف التي غادرها سائقو سيارات الأجرة النظاميون مرغمين. ضجيج يستمر للساعات الأولى من الصباح ويعمد أصحاب المقاهي بالمدينة الجديدة، إلى إخراج الكراسي والطاولات إلى الأرصفة و احتلال جزء من الفضاءات العمومية، و هو ما يتسبب في إزعاج كبير للسكان، إذ يتواصل الضجيج إلى غاية الساعات الأولى من الصباح، ليبدأ في التراجع تدريجيا مع اقتراب الفجر. و أكد لنا سكان بأن النوم فارقهم و أصبح حلما صعب المنال، في ظل هذه الفوضى العارمة، إذ تتعالى الأصوات طيلة الليل و النهار ولا تخفت إلا في حدود الثالثة صباحا، وهو أمر أكده لنا أيضا قاطنو أحياء تقع بعيدا عن مراكز التجارية، إذ أن انعدام أماكن للجلوس و الراحة و الترفيه، دفع بالشباب إلى اتخاذ مداخل العمارات و فضاءاتها المشتركة كأماكن للعب «الديمينو» و الورق، كما يقوم آخرون بلعب كرة القدم بالملاعب الجوارية أو في الطرقات. و لاحظنا خلال جولتنا أن الحديقة الوحيدة بالوحدة الجوارية 1، هجرتها العائلات بعد أن حولها شباب إلى مكان للسهر والاستلقاء وسط المساحات الخضراء، في مشاهد غير محترمة، ناهيك عن الكلام البذيء والصراخ والشجارات التي تسجل في مكان يفترض أنه أنجز لراحة الأسر. لقمان/ق