أكد وزير العدل حافظ الأختام، بلقاسم زغماتي، عزم الدولة وقطاع القضاء على مواصلة إرساء النظم والمؤسسات وتحديد معالم وإحداثيات الدولة الجديدة، استكمالا لما قام به الأجداد المجاهدون في مؤتمر الصومام 20 أوت 1956، متوعِّدا بمحاربة القضاة المشار إليهم بأصابع الريبة والفساد. وقال الوزير، خلال إشرافه على حفل تنصيب النائب العام الجديد بمجلس قضاء قسنطينة، لطفي بوجمعة، يوم الخميس الفارط، أنَّ مناسبتي 20 أوت 55 و56 جاءت اليوم لتذكرنا بما فعله مجاهدو ثورة التحرير، بإسقاط مزاعم المستدمر بخصوص انتهاء ثورة الجزائريين، وأنها مجرد انتفاضة بعض الغاضبين، حيث تمَّ تنظيمها ووضع أُطرها الحربية في العام الأول، وبعثِ وهَجها، حسبه، ليقوم الرعيل الأول لإرساء النظم والمؤسسات، وتحديد معالم الدولة الجزائرية المستقلة، آنذاك، في العام الموالي، أي 1956، حيث قال زغماتي «وما أشبه البارحة باليوم»، مشيرا للإصلاحات التي تعرفها الجزائر حاليا. كما ربط بلقاسم زغماتي إصلاحات الثورة الجزائرية، والعمل الجاري اليوم على مستوى كل القطاعات، لتطهير البناء والحكم من الفساد، والمحسوبية، بقوة القضاء، ومساهمته الفعالة في تجسيد ما يصبو إليه المواطن، والمجتمع، معتبرا القضاة الأكفاء و النزهاء أصحاب القرارات النهائية في تطبيق القانون اليد المعينة على ذلك، ليبقى المتقاضي غير مقتنع بأحكام تصدر عن قضاة ذوي مستوى متوسط، وهؤلاء مطالبون بالرقيّ بالمستوى، والوصول إلى الخبرة والكفاءة المهنية لتطبيق العدالة، العمل الإنساني الذي يتطلب اقتناعا وصنفا خاصا من الناس ، حسب الوزير. أما الصنف الثالث، تبعا لذات المتحدث، وهم القضاة الذين يشار إليهم بأصابع الشك والريبة والفساد، الذين يصدرون أحكاما وقرارات رديئة، فلا يجب سوى محاربتهم، دون مجاملة، نظرا لعملهم على «توليد الإحباط وعدم الرضا والسخط والتشكيك لدى المواطن»، مضيفا أنه « لا يختلف إثنان على وجود مثل هذه الحالات الشاذّة، التي لا يقاس عليها، في مختلف الأقطاب والمجالس القضائية، لكنها قليلة، مقارنة بالكفاءات والغالبية الساحقة من القضاة تتوفر فيهم شروط النزاهة والأخلاق الحميدة ويُشهد لهم بالاستقامة». وخاطب وزير العدل حافظ الأختام القضاة ونواب الجمهورية الحاضرين، خلال تنصيب النائب العام لطفي بوجمعة، بحزم، وبلغة شديدة، على ضرورة الرقي بالقضاء ليتلاءم مع تطبيقات القانون الإنسانية، والعادلة، ومحاربة الفساد، والحفاظ على القسم الذي أدَّوه أمام الله والمجتمع، مختتما رسالته أمام الحضور بالتأكيد على استمرار هذا التصحيح في المسار، أي محاربة الفساد وإقصاء المشبوهين «عبر ضخِّ دماء جديدة وإتاحة الفرص والاستفادة من الطاقات الشابة، مع العزم على المضي قدما في هذا السبيل، وما هو مرسوم من العمل الذي نعتزم القيام به في المستقبل القريب، وعلى أوسع نطاق». واختتم زغماتي رسالته بالقول «إنَّ القضاء بحكم صلاحيته هو الحارس الأمين، والعين الساهرة المرافقة لتحقيق هذه الأهداف»، مضيفا «الارتشاء والاختلاس والتعدي على الممتلكات العقارية والفلاحية واستغلال النفوذ والمحسوبية وخيانة الأمانة وغيرها، من الأمراض التي تنخر كيان المجتمع والقضاء سيكون صمام الأمان لصالح المجتمع والمواطن، وتسيير مسالك استقراره وسمو سلطانه»، مشيرا ضمنيا إلى إعادة الحكم للشعب، وتلبية مطالب الحراك المشروعة.