دعا الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين سليم لعباطشة أمس لتنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال، لتجاوز الوضع السياسي المتأزم، والشروع في التفاوض بشأن مطالب العمال، منها رفع القدرة الشرائية باستحداث آليات جديدة، ومراجعة الضريبة على الدخل. وقال لعباطشة لدى استضافته في فوروم المجاهد، إن حماية حقوق العمال لا تتم إلا بضمان استقرار البلاد، وتنظيم انتخابات رئاسية في الآجال القريبة، تسمح للجزائر بالانتقال إلى مرحلة جديدة تكرس المبادئ الديمقراطية، وذلك لن يكون حسبه على ظهر القواعد العمالية، بل مع التكفل بمشاكلها ومطالبها، لتشكيل جبهة اجتماعية لحماية البلاد. وأرجأ الأمين العام للمركزية النقابية فتح ملف الأجور إلى ما بعد تنظيم الانتخابات الرئاسية، التي ينبغي أن تنظم في إطار الشفافية والنزاهة، ليكون الرئيس المقبل معبرا فعلا عن إرادة الشعب، عن طريق إنشاء هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات. وبحسب سليم لباطشة فإن المركزية النقابية دخلت عهدا جديدا، ولن تختار مرشحا معينا لمساندته خلافا للسابق، لكن قد تعارض مرشحا إذا رأته لا يخدم مصلحة الشعب أو متطلبات المرحلة، معتقدا بأنه لو ارتفعت الأصوات سابقا للتنديد بالممارسات التي كانت سائدة داخل النقابة لما وصلت الأمور إلى هذا الوضع، مؤكدا بأنه لن يقدم التوجيهات، بل سيعمل على تكريس الممارسة الديمقراطية والحوار والسماع للآخر. تكريس العدالة يفرض مراجعة الضريبة على الدخل وإقرار ضريبة على الثروة وأكد لعباطشة حرص النقابة على تقديم إضافات للعمال، بتحسين القدرة الشرائية، باستحداث آليات جديدة سيتم التوصل إليه عبر مشاورات مع القواعد العمالية، لأنه حان الوقت لفتح نقاش اقتصادي واجتماعي موسع حول آليات جديدة تكفل رفع الأجور وتحمي القدرة الشرائية للمواطن، منتقدا بشدة الزيادات السابقة التي استهلكها الارتفاع الفاحش في الأسعار، لأنها كانت لا تظهر مع الوقت بسبب تدهور القدرة الشرائية. ويجر الحديث عن رفع الأجور، إلى إثارة قضية الضرائب التي تقع نسبة هامة منها على العمال، وفق سليم لباطشة، مقترحا التفكير في طريقة جديدة لتوسيع الفئات المعنية بالضرائب بما يساهم في رفع الأجور وتخفيف العبء على المؤسسات، التي تبحث دائما عن تعويض نفقاتها، برفع قيمة السلع أو الخدمات التي توفرها. واعتبر ضيف الفوروم بأنه من غير العدل أن يدفع العامل البسيط ضرائب تفوق بكثير ما يدفعه المسؤولون، متسائلا عن سبب عدم فرض ضريبة على الثروة، مقترحا ضرورة إقرارها حتى يدفع من لديهم الأموال أكثر مما هو مفروض على الأجراء، لكن ذلك يتطلب التحلي بالشجاعة لإلزام من لديه الأموال بدفع ضرائب أكثر، بما سيساعد على تحسين أجور العمال. وبشأن كيفية مراجعة الضريبة على الدخل، اقترح المتدخل فتح نقاش يشارك فيها الخبراء والمختصون، ليتم تحديد مستوى الأجور التي سيبدأ منها تقليص هذه الضريبة، لكنه اعتبر بأن فتح هذه الملفات ليس ملائما حاليا، لأن الأولوية هي لتجاوز الظرف السياسي، معتقدا بأن تاريخ 22 فيفري شكل خطوة جديدة، وكرس لا عقاب، ما يتطلب القيام بخطوات إضافية لتثمين المكتسبات المحققة، قائلا: « يجب أن نتجاوز هذه المرحلة معا بتنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال»، مبررا إقحام المركزية في النقاش السياسي، بمطالب ملحة رفعتها القاعدة النضالية التي احتجت على غياب المركزية عن المشهد السياسي، ما دفع القيادة إلى وضع برنامج عمل للتواصل مع العمال والسماع لمقترحاتهم للخروج من الوضع الراهن. نرفض إقصاءنا من مسار الحوار ورفض ضيف فوروم المجاهد إقصاء المركزية النقابية من مسار الحوار من قبل هيئة كريم يونس، بدعوى أنها من الموالاة ومن المتسببين في الأزمة التي عاشتها الجزائر، موضحا في رده على سؤال «للنصر» بأنه لا يقبل أن توزع العلامات الإيجابية والسلبية على النقابة من أي جهة، كما رفض بشدة أن يشكك في حقيقة حجم القاعدة النضالية للمركزية النقابية لان لا أحد يملك الإحصاءات الدقيقة. ورد على هيئة الوساطة والحوار التي رفضت إشراك الاتحاد العام للعمال الجزائريين في الحوار قائلا:» هم أحرار وأنا احترم عمل الهيئة، ونحن لا ننافسها ولا أي جهة أخرى»، مضيفا بأن جزائر الغد هي ملك للجميع، والجميع من حقه المشاركة في بنائها، « وإذا أقصونا هم أحرار وهذا لا يزعجنا»، رافضا اتهام المركزية بأن صحوتها جاءت متأخرة، قائلا:» نحن في الآجال ولا نبحث عن القيادة أو الريادة»، وفي تقدير لباطشة فإن العمال أصبحوا يشعرون بصعوبة الوضع، وبتهديدات في مختلف المجالات، لذلك قدمت النقابة مقترحات بالذهاب إلى انتخابات رئاسية، وبعدها يشرع في التفاوض حول مطالب العمال. العصيان المدني مساس بمكتسبات الحراك ولم نثر رحيل الحكومة وبشأن ترويج بعض الأطراف للعصيان المدني، وموقف المركزية النقابية من هذه الحملة، دعا لعباطشة إلى تقييم نتائج وتداعيات العصيان ما سيجنيه الشعب من ورائه، مؤكدا بان ما سيحققه سيكون عكس تماما ما حققه وكرسه الحراك الشعبي إلى غاية اليوم. كما رفض المصدر الحديث عن مطلب رحيل الحكومة، بحجة ضرورة العودة إلى القواعد لاستقاء مواقفها بشأن الموضوع، لكنه أكد أن الحكومة الحالية ليست قادرة على إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية المطروحة، وأنه من مصلحة الجميع تجاوز الظرف الحالي، والذهاب نحو الاستقرار لدعم المكتسبات وتحقيق أخرى، وهو ما يبرر حسبه خروج المركزية النقابية إلى الساحة السياسية، بسبب الخوف الذي يعتري الجميع بشأن مصير البلاد. لن نشارك في ثنائيات ولا ثلاثيات مع القطاع الخاص إلا إذا احترمت حقوق العمال وبشأن علاقة الاتحاد العام للعمال الجزائريين مع القطاع الخاص، أعلن لعباطشة عن وضع أطر جديدة للمشاركة في اللقاءات الثلاثية والثنائية، باستثناء اللقاءات مع الحكومة لأنها تتم عادة بطلب من النقابة لتسوية مشاكل العمال، لكن مع القطاع الخاص سيتم العودة إلى القواعد أولا لأخذ رأيها أولا، ورهن التحاور مع الباترونا بشرط أساسي وهو احترام القطاع الخاص لحقوق العمال، مقابل التزام تنظيمه بالدفاع عن المؤسسات الخاصة، مؤكدا بان النقابة تجاوزت مرحلة التضامن والدفاع عن الباترونا. إطلاق مفاوضات للحفاظ على مناصب العمال الجزائريين في «أيغل أزور» وتطرق سليم لعباطشة في سياق حديثه عن الإجراءات المتخذة للحفاظ على مناصب العمل لدى المؤسسات التي أودع أصحابها الحبس المؤقت، في إطار معالجة قضايا الفساد، إلى قضية شركة «أغل أزور» الفرنسية التي تضمن الرحلات الجوية بين الجزائر وفرنسا، والتي تم إعلان إفلاسها مؤخرا، كاشفا عن إطلاق مفاوضات مع ممثلي الشركة، ضمن مساعي للحفاظ على مناصب حوالي 400 عامل جزائري. مطمئنا في ذات الوقت باتخاذ إجراءات لضمان استمرار نشاط المؤسسات التي أودع ملاكها الحبس المؤقت، عقب تعيين متصرفين إداريين، وبرفع التجميد عن حساباتها والترخيص لها باقتناء وسائل الإنتاج والمواد الأولية، لتمكينها من الاستمرار في النشاط.