مياه الأمطار لمواجهة جفاف الحنفيات و منازل مهدّدة بالانهيار يستعمل قاطنو قرية الدغرة الواقعة على الحدود بين ولايتي قسنطينةوسكيكدة، طرقا بدائية من أجل استغلال مياه الأمطار، في ظل انعدام هذه المادة الحيوية بمنطقة تقطنها مئات العائلات، و قد وقفت النصر في هذا الروبورتاج على المعاناة التي يعيشها السكان بمنازل ريفية مهددة بالانهيار بسبب انعدام قنوات تصريف المياه، بينما تؤكد مصالح بلدية زيغود بأن هناك مشاريع لإنهاء أزمة العطش. روبورتاج: حاتم/ب قبل بلوغ مدخل الدغرة الواقعة في أعالي بلدية زيغود يوسف بقسنطينة، لم يكن سهلا علينا إيجادها، بسبب عدم وجود لوحة توجيهية تظهر اسم المكان، حيث يتوجب على الذاهب إليها سلك طريق جانبي ضيق يؤدي إلى القرية مباشرة، حيث كان ضيقا وخال من المارة، إلا أن المناظر الطبيعية الخلابة غطت على العزلة التي تعيشها. عند مواصلة التوغل داخل هذه القرية، كان أول ما شد انتباهنا هو تواجد بائع متجول يستعمل شاحنة صغيرة بها عدد معتبر من الدلاء البلاستيكية والقارورات من الحجم الكبير، و عند الاقتراب منه علمنا أن البائع يقوم بمقايضة تلك الأواني البلاستيكية مقابل ثياب قديمة، وهي إشارة واضحة لوجود أزمة مياه في هذه المنطقة، خاصة وأن الإقبال عليه كان كبيرا من طرف السكان. وبالاقتراب أكثر من السكنات، خطفت الخزانات والدلاء البلاستيكية ذات الألوان المختلفة والمنتشرة بجانب البنايات و على أسطحها، الأنظار من تلك المناظر الطبيعية، كما لاحظنا تشققات كبيرة على مستوى بعض المساحات الترابية والجبال الصغيرة وكأن زلزالا ضرب تلك المنطقة، استوقفنا أيضا عدم وجود محلات تجارية توفر للسكان مختلف المستلزمات، ولم يظهر أي أثر لشباب المنطقة عند زيارتنا لها صباحا، فيما لمحنا بعض النسوة وهن يسرن على حواف الطرقات حاملات قارورات بلاستيكية من الحجم الكبير، حيث يبدو أنهن كن متجهات لأحد منابع المياه الواقعة في أعلى الجبل. بنايات فوضوية وأحياء دون مخارج خلال استعمالنا أحد المسالك الطينية، لاحظنا أن السكنات منتشرة بطريقة فوضوية، حتى أن جل المداخل لم يكن لها مخارج، كما كانت أغلب البنايات غير مكتملة رغم أنها تندرج ضمن برنامج البناء الريفي، وهنا استوقفنا أحد السكان الذي أكد أن بعض المواطنين قاموا بتوسعات عشوائية، «حيث لم تخضع إلى مخطط ينظم مكان الإنجاز،» وهو ما أدى لغلق الطريق على العديد من المنازل الواقعة وسط المنطقة». كما قال أحد السكان القاطنين بسكنات تقع في منخفض، إن حياة عائلته وبقية الأسر المجاورة له في خطر، بسبب تراكم المياه القادمة من أعلى الجبل في إحدى الزوايا لتتوغل إلى تلك السكنات في شكل سيول، وهو ما أدى لانجراف التربة و تشقق جدران المنازل و أسقفها، وأضاف المتحدث أنه وضع عدة شكاوى لدى البلدية ولكن دون جدوى، حيث يحضر مسؤولوها إلى عين المكان لمعاينة الأضرار دون تجسيد الوعود التي يطلقونها على أرض الواقع، ما جعل العائلات تعيش نفس الوضعية منذ 5 سنوات. سيول تجرف سكنات وتهدد النشاطات الزراعية و قال متضرر آخر، إنه عاش رفقة عائلته جحيما قبل أيام، حيث تسببت مياه الأمطار المتهاطلة في تحرك منزله ما أدى لتوسع التشققات أكثر، إلى درجة أن الجميع ظنوا أن زلزالا ضرب القرية، و قد تواجدت النصر وسط تلك السكنات ووقفت على الوضعية التي آلت إليها الجدران و الأسقف التي تبدو أنها تكاد تنهار. و ذكر هؤلاء السكان، أن نشاطهم الزراعي كذلك أصبح مهددا، بما أن أراضيهم بها تشققات كبيرة قد تتسبب في إفساد المحاصيل والقضاء نهائيا على مهنتهم التي توارثوها أبا عن جد، حيث يشتغلون في زراعة المشمش والتين و التين الشوكي والزيتون وتربية النحل، و قد وقفنا على آثار السيول التي شقت تلك المساحات و قسمتها إلى قطع صغيرة. وأرجع السكان سبب تشكل المياه وتوغلها بقوة لداخل منازلهم، إلى البنايات التي أنجزت مؤخرا بطريقة فوضوية و التوسعات التي يقوم بها بعض الجيران بشكل عشوائي، وهو ما أدى إلى انسداد البالوعات و قنوات الصرف، ليعلق أحد محدثينا قائلا «نعمة مياه الأمطار تحولت إلى نقمة، فنحن نعيش حالة طوارئ كلما ساءت الأحوال الجوية». قنوات الصرف منعدمة وشاهدنا بعض الشاحنات وكذا ورشات صغيرة على حواف الطريق الرئيسي، لإنجاز الأرصفة، وهو ما سيتسبب بكارثة حسب السكان، مبررين ذلك بأن القاطنين في المنحدر سيتضررون أكثر مما ينتفعون، لأن الأتربة والحجارة ستزول بمجرد تعبيد الرصيف فيسهل وصول المياه إليهم. وعند تواجدنا وسط القرية لفت انتباهنا وضع السكان لقارورات بلاستيكية أعلى السكنات، وهي مقطعة من الأعلى و موصولة بأنبوب بلاستيكي مربوط مباشرة بخزانات معدنية من الحجم الكبير، كما تنتشر الدلاء على أسطح البنايات، وقد علمنا من المواطنين بأن حوالي 500 عائلة في القرية تلجأ إلى هذه الطريقة من أجل استغلال مياه الأمطار، خاصة وأنهم يستنجدون بصهاريج و يدفعون قيمة مالية تتراوح ما بين 1500 إلى 3000 دج كل 3 أيام، فيما يضطر البعض منهم إلى السير لمسافات طويلة من أجل التزود بالمياه الصالحة للشرب من أحد المنابع. وقال قاطنون بالقرية، أنهم يعيشون حالة طوارئ عند تهاطل الأمطار، فإضافة إلى السكنات المهددة بالانهيار، فإن المؤسسة التربوية الوحيدة الواقعة في الدغرة، تشكل هي الأخرى خطرا على أطفالهم، حيث يتلقون الدروس وسط ظروف غير مناسبة تماما بسبب تسرب مياه الأمطار إلى داخل أقسام المدرسة جراء التشققات الكبيرة على مستوى الجدران والأسقف. أما بخصوص تلاميذ المتوسط و الثانوي، فهم يدرسون في المؤسسات التربوية الواقعة في مدينة زيغود يوسف، ويقطعون يوميا مسافة 12 كيلومترا ذهابا وإيابا، على متن حافلات وفرتها البلدية والتي أنهت مشكلة كبيرة، رغم أنها تبقى حسبهم، غير كافية مقارنة بعدد التلاميذ، بسبب الاكتظاظ الكبير الحاصل داخلها. محلان و مقهى لمئات العائلات ودلنا أحد السكان إلى مخلفات السيول، حيث تسببت في تعرية أنبوب غاز وهو ما قد يؤدي إلى كارثة حسب المتحدث، حيث يمكن لأي حادث أن يسبب ثقوبا في هذا الأنبوب غير المحمي. و ذكر أحد المواطنين أن سياراته كادت تتعرض للسرقة نتيجة عدم وجود مساحات مقابل بعض السكنات و تسبّب بعض الجيران في غلق المسالك المؤدية إلى بقية الأماكن، من خلال توسعات عشوائية، مضيفا أنه يعاني وعائلته من أجل الوصول إلى منزله بسبب الأرضية الطينية وخاصة عند تزوده بالمياه من أحد المنابع. بالتوغل أكثر في أعالي المنطقة ازدادت المناظر الطبيعية جمالا، خاصة في مكان يظهر من خلاله جبلا «التوميات» بإقليم ولاية سكيكدة، وقال السكان إن قرية بحجم الدغرة، تقطنها مئات العائلات، ليس بها محلات تجارية باستثناء محلين لبيع المواد الغذائية ومقهى، كما أخبرونا أن جل شباب المنطقة يعانون من بطالة، فيما يعمل بعضهم في مجال الزراعة وفي نقاط بعيدة نوعا ما عن القرية. وعند عودتنا إلى مدخل القرية لاحظنا انتشار الأوساخ على حواف الطرقات، وهنا استوقفنا أحد المارة وأوضح لنا أن أعوان النظافة يقومون بعملهم مرة كل 3 أيام وهو ما يتسبب في تراكم القاذورات. رئيس بلدية زيغود يوسف شاوش كمال يونس ننفق أكثر من مليار سنويا على المياه وننتظر وضع العدادات رئيس بلدية زيغود يوسف، شاوش كمال يونس، صرح للنصر أن مشكلة المياه في قرية الدغرة، تسبب فيها بعض المواطنين الذين لم يقوموا حتى بتركيب صنابير بسكناتهم، مضيفا أن البلدية قامت بما عليها، من خلال تجهيز خزان بسعة 1000 متر مكعب، كما تقترب الأشغال على الانتهاء على مستوى مركز الضخ، حيث يعمل المقاول على تجهيزه منذ مدة. و أضاف «المير» بأنه سيتم وضع مضخات جديدة، و هي إجراءات من شأنها أن توفر المياه ل 24 ساعة على 24، مؤكدا أن البلدية لن تتخلى عن السكان في مجال توفير المياه، موضحا أن عدم وضع العدادات من طرف المصالح المعنية يكلف خزينة البلدية ما يفوق مليار سنتيم سنويا. أما بخصوص قنوات الصرف الصحي، فأكد المتحدث أن مصالحه قامت بالإجراءات الضرورية، حيث يعمل أحد المقاولين حاليا على إنجاز أرصفة بها منافذ تصريف المياه، في انتظار أن تقوم مديرية الموارد المائية بإعداد بطاقة تقنية من أجل وضع قنوات جديدة، مضيفا أن البلدية ستعمل على وضعها مباشرة بعد تلقيها للتقرير الذي سيكون جاهزا مع بداية سنة 2020، وهو ما سيساهم، حسب «المير» في القضاء على مشكلة تراكم المياه التي تحدث في المنخفض وتتسبب في توغلها إلى داخل السكنات. رئيس بلدية زيغود يوسف ذكر أنه تمت مراسلة مصالح سونلغاز من أجل حماية أو تغطية أنبوب الغاز داخل الأرضية، ولا يمكن للبلدية حسبه، التدخل إلا بحضور الشركة المسؤولة و هي مؤسسة امتياز لتوزيع الغاز والكهرباء. مدير مؤسسة «سياكو» حكيم حيرش مهمتنا تسيير الشبكة وليس إنجازها المدير العام لشركة المياه و التطهير «سياكو» بقسنطينة، حكيم حيرش، ذكر أن مهمة مصالحه هي تسيير الشبكة و ليس إنجازها، كما تضمن الإنتاج و التوزيع و التخزين وجودة المياه، أما بناء المنشآت فهي من صلاحيات مصالح أخرى. و أضاف حيرش أن مؤسسة «سياكو» راسلت البلديات ومنها زيغود يوسف، طلبا للبرامج المتعلقة بمنشآت المياه التي ستنجز على مستوى تلك المناطق، حيث أن بعض القرى بها خزان بسعة 200 متر مكعب فقط، ولا يمكن تلبية حاجيات كل السكان على مستواها. وذكر المدير العام للشركة أن مصالحه تستلم المشاريع عندما تكون خاضعة للمعايير المعمول بها، حيث لا يمكن، حسبه، تسيير منشآت بها مشاكل تقنية، موضحا أن مرافقة تلك المشاريع ليست مهمة شركة المياه و التطهير، لكنه قال إنها جاهزة لاستلام أي مشروع و الإشراف على كل عمليات الصيانة التي تقع على عاتق «سياكو».