ليبيا تحولت الآن من خط نار إلى بؤرة توتر قال المحلل السياسي الدكتور فاتح خننو ، أن ليبيا تحولت الآن من خط نار إلى بؤرة توتر بحكم التدخل الحاد للقوى الإقليمية والدولية على مستوى هذا البلد، مضيفا أن الملف الليبي أصبح أكثر تعقيدا ، واعتبر في السياق ذاته أن حجم المواجهة أصبح عنيفا وحادا داخل ليبيا لارتباط ذلك بمصالح استراتيجية لم يتم تقاسمها إلى حد اللحظة، وأضاف أنه على العالم العربي أن يعي حجم اللحظة التاريخية التي يمر بها ويساهم في إيجاد الحلول للملف الليبي، لأنه يرتبط بالأمن القومي العربي، لافتا إلى دور الجزائر لحلحلة هذا الملف، من خلال تفعيل الدبلوماسية ، موضحا في هذا الاطار أن الجزائر تملك أوراقا يمكن أن تلعبها لصالح جلوس الفرقاء الليبيين على طاولة واحدة بالدعوة إلى الدبلوماسية الجماعية، باستثمار الجزائر في علاقاتها مع روسيا والولايات المتحدة وأوروبا ومع الدول الإقليمية . حاوره: مراد-ح النصر : تسارعت التطورات في ليبيا التي تشهد صراعات وتدخلات للعديد من الأطراف ، كيف تتوقعون مسار الأحداث في هذا البلد؟ r فاتح خننو : ليبيا تحولت الآن من خط نار إلى بؤرة توتر بحكم التدخل الحاد للقوى الإقليمية والدولية على مستوى ليبيا وخاصة على ضوء التدخل التركي أيضا ، وتدخل روسياوألمانيا على الخط ، وكذا فرنسا وإيطاليا ودول إقليمية وخليجية، مثل مصر والإمارات ، وبالتالي أصبح هناك خط مواجهة داخل ليبيا لتقاسم مصالح كبيرة موجودة داخل هذا البلد، ترتبط بالنفط والغاز والمياه، وبالتالي أصبح هذا الملف أكثر تعقيدا، بعيدا عن إيجاد الحلول السياسية والسلمية له ، إذن كل المسارات التي عرفها الملف الليبي بدءا بما يسمى اتفاق الصخيرات، وصولا إلى اتفاق باليرمو ، وكذا الاتفاق المزمع عقده في ألمانيا، أضحت أوراق دون فعالية لأن حجم المواجهة أصبح عنيفا وحادا داخل ليبيا لارتباط ذلك بمصالح استراتيجية لم يتم تقاسمها إلى حد اللحظة ، وبحكم دخول تركيا على الخط، فإن الملف مفتوح على مصراعيه، ناهيك عن دخول مصر والإمارات وفرنسا وإيطاليا وروسيا. فكل النقاشات التي تجري في ليبيا والمحاور التي تتدخل تريد أن تجعل من ليبيا كعكة استراتيجية يتم تقسيمها ، لأنها تمتاز بثروات كبيرة باطنية ذات طابع أحفوري قريب ، غاز ومياه أيضا وبالتالي جعلت كل هذه القوى الدولية والإقليمية تتكالب ، و إلا لما أتت تركيا من أقصى مكان، لتكون طرفا داخل النزاع في ليبيا ، وهذا شيء خطير على تحول هذا الملف الحساس والمرتبط بدائرة أمننا القومي القريبة . النصر : ماذا تقولون بخصوص الدور الجزائري بشأن الدفع نحو حل سلمي للأزمة الليبية؟ r فاتح خننو : الدور الجزائري يرسم في إطار ترتيبات إقليمية جديدة وفي إطار ترتيبات داخلية جديدة ، فنحن أمام نخبة سياسية جديدة تتمثل في انتخاب رئيس جمهورية جديد و ملف ليبيا يحظى باهتمام كبير لدى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بحكم أن ليبيا ودول الساحل معها تشكل الدوائر القريبة للأمن القومي الجزائري، كما أننا نعتبر أن ليبيا دائما ينظر إليها خاصة الآن بعدما تحولت من خط نار إلى بؤرة توتر على أنها شوكة في ظهر الأمن القومي الجزائري، وبالتالي ينبغي التعامل معها بأدوات جديدة تقوم على محددين أساسيين ، فالجزائر كما نقول نحن، هي طائر جناحاه هما الجيش والدبلوماسية ، الجيش يحرص الحدود من خلال التأمينات الكبرى التي يقوم بها على مستوى الحدود والتعزيزات الكبيرة التي تمنع تسلل الإرهابيين والمهاجريين غير الشرعيين والجناح الثاني هو الدبلوماسية وذلك من خلال إعطاء الدفع للدبلوماسية الجزائرية التي عرفت نوعا من التراخي، منذ 2013 ، وعليه يجب إعطاء دور لدبلوماسية الكواليس والقمم، للدفع بالجزائر كدولة لها أهمية كبيرة على مستوى الملف الليبي لدفع الفرقاء الليبيين إلى الاجتماع على طاولة الحوار والمرور بليبيا إلى بر الأمان . والنهج الجزائري يبقى ثابتا في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ولكن الأسلوب سوف يختلف من خلال الخروج من حالة التراخي إلى الدور الفعال . كما أن أي عامل استقرار في ليبيا ، ستكون له انعكاسات مباشرة، لأن ليبيا قريبة من حدودنا، والآن على الدبلوماسية أن تلعب دورا فعالا على مستوى ليبيا، لأن ليبيا جغرافيا وتاريخيا وإقليميا ، الجزائر أولى بملفها ومن هنا سوف نتجه إلى أدوات فعلية ، بتفعيل الدبلوماسية في محاولة إخراج ليبيا من أزمتها هذه . النصر : الجزائر قادرة على حماية حدودها بالرغم من تصاعد التوتر وانفلات الوضع في ليبيا، ماذا تقولون في هذا الشأن ؟ r فاتح خننو :الجيش الوطني الشعبي قادر على حماية الحدود الوطنية ، فالجيش يقوم بمهام كبيرة جدا ، ويبقى أنه على الدبلوماسية أن تتحرك لنبني مقاربة متكاملة اتجاه ليبيا ، ونحن لا نقول أننا نملك كل الأوراق في ليبيا ونستطيع أن نقوم بحل سحري للأزمة ، و لكننا نملك أوراقا يمكن أن نلعبها لصالح جلوس الفرقاء الليبيين على مستوى طاولة واحدة بالدعوة إلى الدبلوماسية الجماعية ، باستثمار الجزائر في علاقاتها مع روسيا والولايات المتحدة وأوروبا ومع الدول الإقليمية ، في محاولة لحلحلة المشهد الليبي ، اذن الدور المقبل سوف يكون دبلوماسيا، بعودة الدبلوماسية الجزائرية إلى فلسفتها وأدبياتها التي كانت تشتغل بها في فتراتها السابقة . وفي الأخير ، نتمنى أن يعي العالم العربي حجم اللحظة التاريخية التي يمر بها ويساهم في إيجاد الحلول للملف الليبي، لأنه يرتبط بالأمن القومي العربي ، كما أنه على الدول الغربية إذا أرادت تسوية الملف الليبي عليها أن ترفع ايديها عن تمويل وتسليح الميليشيات ، وثالثا ينبغي على الدبلوماسية الجزائرية أن تعود إلى عهدها كمدرسة تتجه نحو مقاربة دبلوماسية الكواليس ودبلوماسية القمم وببلورة تصورات للسياسة الخارجية الجزائرية، بأن تكون أكثر نجاعة وفعالية لتأمين متطلبات الأمن القومي الجزائري والذي تعتبر ليبيا عنصرا من عناصره. مراد - ح