الجزائر و باماكو تنسقان جهودهما لمواجهة التهديدات الإرهابية في الساحل بدأ الرئيس المالي أمادو توماني توري أمس الاثنين زيارة رسمية إلى الجزائر تندرج في سياق الجهود المبذولة من قبل البلدين لإعطاء دفع جديد للعلاقات الثنائية لا سيما فيما يتعلق بالتعاون في مجال مكافحة الإرهاب و مواجهة تهديداته بمنطقة الساحل. العلاقات بين الجزائر ومالي التي تميزت دوما بالتضامن و الأخوة و حسن الجوار، شهدت في الفترة الأخيرة حركية جديدة تجسدت بالتوقيع على عدة اتفاقات ثنائية. وفي هذا الإطار أكدت اللجنة المشتركة الجزائرية المالية ال11 التي انعقدت خلال شهر سبتمبر المنصرم هذا المسعى لفائدة تعاون وثيق في مجال الأمن وتنمية المنطقة الحدودية بين الدولتين. و كان الوزير المالي للشؤون الخارجية و التعاون الدولي سوميلو بوباي قد صرح بالمناسبة بأن محور الجزائر-بماكو "مهم" بالنسبة لاستقرار المنطقة وتطور شعوبها. ومن جهته اعتبر وزير الخارجية مراد مدلسي بان زيارة الرئيس المالي إلى الجزائر تعتبر فرصة لدعم النتائج المسجلة في مجال التعاون الثنائي مشيرا إلى أن "إعادة انتشار" الإرهاب في منطقة الساحل والجريمة المنظمة تستوقف الجزائر ومالي و تجعل من الضروري أن يلعبا دورا هاما لضمان أمن وسلامة المنطقة الحدودية لبلديهما. و بالنظر إلى آخر التطورات التي تشهدها المنطقة خاصة فيما تعلق بمستجدات الوضع في ليبيا فإن الجزائر و مالي مدعوتان أكثر من أي وقت مضى زيادة على دول المنطقة الأخرى إلى تكثيف جهودهما المشتركة و التفكير في أفضل السبل الكفيلة بتعزيز تعاونها و قدراتها لمواجهة مختلف التهديدات التي تحدق بالمنطقة لا سيما الإرهاب و الجريمة المنظمة في ظل الانتشار "المقلق" لمختلف الأسلحة. وفي هذا السياق يستجيب إنشاء لجنة عملية لقيادة الأركان بتمنراست لضرورة ملحة و إصرار راسخ لدى دول المنطقة (الجزائر و مالي و النيجير و موريتانيا) لإرساء تعاون أكثر فعالية في مجال مكافحة كل أشكال الجريمة. و من جهة أخرى لعبت الجزائر عدة مرات دور الوسيط بين الحكومة المالية وحركات تمرد التوارق في شمال مالي باحتضانها محادثات بين الطرفين التي توجت أهمها بالتوقيع في 2006 على اتفاق الجزائر. و في إطار بعث التعاون الاقتصادي و الاجتماعي سيما في شمال مالي الذي يعد فضاء تستعمله التنظيمات الإرهابية كملاذ، قامت الجزائر التي دعت دوما إلى مرافقة مكافحة الإرهاب بنشاطات تنموية لفائدة السكان المحليين بمنح هبة بقيمة 10 ملايين دولار إلى الحكومة المالية. و توجه هذه الهبة لتمويل مشاريع تنموية اختارها البلدان لفائدة ثلاث مناطق من شمال مالي (غاو و كيدال و تومبوكتو). و تتعلق المشاريع التنموية المختارة لاسيما بمجالات الري و الصحة والتكوين المهني علما بان هذه المساعدة تأتي تجسيدا للقرارات المتخذة خلال أشغال اللجنة الثنائية الحدودية الجزائري-المالية التي عقدت في جوان 2009 بباماكو و التي توجت بالمصادقة على عدة مشاريع جوارية. و يتعلق الأمر ببناء و تجهيز ثلاثة مراكز للتكوين المهني و مراكز للمساعدة الاجتماعية و حفر ثلاثة آبار في كل محافظة من شمال مالي و كذا تشييد مركزي علاج و ترميم مركز ثالث.