حذر مختصون في علم الأوبئة و علاج الأمراض المعدية، من مغبة التهاون بإجراءات الوقاية و تعجيل المواطنين بكسر الحجر و العودة للحياة الطبيعية، مؤكدين بأن الحديث عن تجاوز مرحلة الخطر و ذروة العدوى سابق لأوانه، لأن تقليص مدة الحجر لا يعني قرب رفعه، كما أن ما تعكسه الإحصائيات اليومية يشير لتسجيل استقرار نسبي بفضل الحجر وليس انفراجا نهائيا، مع الإشارة إلى أننا قد نخسر النتائج المحققة لحد الآن، إن استمر التهاون بحجة التحضير لرمضان و الاعتماد على المناعة الجماعية. -هدى طابي - البروفيسور جمال بن ساعد مختص في علم الأوبئة: الرجوع الاجتماعي يجب أن يتم تدريجيا للحفاظ على مكاسب الحجر يؤكد أخصائي علم الأوبئة بمستشفى ديدوش مراد بقسنطينة، البروفيسور جمال بن ساعد، بأن العشرة أيام الأخيرة التي ستشملها إجراءات الوقاية إلى غاية 29 أفريل الجاري، ليست بالضرورة آخر فترات الحجر الصحي، لأن معطيات الواقع هي وحدها ما يحدد الحاجة إلى التمديد من عدمه، موضحا بأنه يتعين على المواطنين الالتزام بإجراء التباعد الاجتماعي و مواصلة ارتداء الأقنعة الواقية و الكمامات و تعقيم الاسطح و اليدين بشكل صارم و دون تهاون ، لضمان الحفاظ على النتائج الإيجابية التي حققها الحجر داعيا إلى عدم استعجال الرجوع الاجتماعي. الأخصائي قال، بأنه حتى وإن كانت المعطيات الوطنية تبين بأننا في وضعية مستقرة، فإنه لا يمكننا الجزم من الناحية الوبائية بخروجنا من النفق، و بالتالي فإن الاحتياط واجب وعلى كل مواطن التحلي بمسؤوليته تجاه الصحة العمومية، فالخطر حسبه لا يزال مطروحا و الأمور لم تحسم بدقة بشأن تجاوز ذروة العدوى، وهو أمر يحتكم لشرط انخفاض نسبة الوفيات إلى الصفر، مع المحافظة على هذا المعدل لفترة معينة، و حاليا لا يزال المعدل يتأرجح كما قال، بين تسعة إلى عشر وفيات، وبالتالي فلا يمكننا أن نتوقع انتهاء الأزمة في غضون العشرة أيام القادمة، لذا يتوجب على الجميع مواصلة الالتزام بالحجر الصحي و تجنب الخروج لأي سبب دون ارتداء كمامة أو قناع واق ، حتى وإن كان قناعا بسيطا تقليديا أو منزلي الصنع. و حذر البروفيسور بن سالم، من مغبة التهاون و تغير سلوكيات الجزائريين في الأيام الأخيرة التي تسبق حلول شهر رمضان، مؤكدا، بأن اختراق الحجر بطريقة حادة سيؤدي إلى نتائج كارثية، خصوصا و أننا لم نصل بعد لتحقيق المناعة الجماعية، وذلك بحسب ما تؤكده المعطيات العملية البحثية التي خلصت إليها دول أوروبية بالإضافة إلى أمريكا، فنسبة المناعة الجماعية لم تتجاوز بعد 10 بالمائة، في وقت أننا نحتاج لنسبة أعلى تتعدى 70 إلى 80 بالمائة للتخلي عن الحجر و اعتماد هذا الأسلوب المناعي كبديل. لا يمكن الحديث عن انفراج ممكن قبل نهاية ماي و أضاف البروفيسور بن سالم، بأن مواصلة الحجر مهمة جدا في الفترة الحالية، خصوصا وأنه قدم نتائج تدعو للتفاؤل، مؤكدا بأن الالتزام به تجاوز نسبة 80بالمائة في بلادنا وهو ما ساعد على تحقيق تقدم ملحوظ إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نسبة الوفيات بسبب الفيروس، و بالتالي فإن التحضير للمرحلة الرابعة أو ما يعرف بالرجوع الاجتماعي، يجب أن يتم وفق مراحل وليس دفعة واحدة، بداية بالالتزام بالخروج بالأقنعة و الكمامات لضمان استمرار نتائج الوقاية، وأضاف المتحدث بأن الخروج بطريقة عشوائية و مكثفة إلى الشارع في ظل استمرار الوباء يشكل خطرا حقيقيا ناهيك عن أننا قد نخسر الكثير من النتائج الإيجابية الهامة التي حققناها بفضل الحجر. فالحجر الصحي أعطى لحد اليوم استقرارا يدعو للتفاؤل و لا يجب علينا كسره من خلال الخروج المبكر، مشيرا إلى أهمية الاستماع لآراء الخبراء و اتباع توجيهاتهم في ما يتعلق بتنظيم عملية العودة الاجتماعية التدريجية، مؤكدا بأن الإجراءات الردعية حققت مكاسب يعتبر الحفاظ عليها حاليا مسؤولية يتحملها المجتمع، المطالب بالالتزام بشكل تام لأن ذلك سيضمن لنا تحقيق نتائج أكبر. و أوضح المتحدث، بأن التوقعات تشير إلى أن مرحلة الانحصار التدريجي لن تبدأ قبل نهاية ماي إلى مطلع جوان، شريطة أن يستمر الاستقرار المسجل حاليا، لكن يبقى اللقاح الوحيد المتوفر في الوقت الراهن هو السلوك الصحي الوقائي الصحيح المتعلق أساسا بالنظافة و ارتداء الكمامة و التباعد الاجتماعي وذلك وفقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية. - أخصائية الأمراض المعدية الدكتورة إيمان بوطمين: الاستقرار الحالي نسبي و التهاون قد يفجر العدوى يجب أن نفهم أولا، حسب الدكتورة ايمان بوطمين، أخصائية الأمراض المعدية بمستشفى الطاهير بجيجل ، بأن العدوى لا تزال مستمرة و أنها تنتقل بين الأشخاص بمعدل اثنين إلى أربع إصابات، كما أن الواقع أثبت وجود مصابين و حاملين للفيروس لا تظهر عليهم أية أعراض وهم مؤهلون لنشر العدوى، و هناك من تطلب شفاؤهم من المرض أكثر من َ14 يوميا، بالتالي فإن تمديد الحجر و الالتزام به بشكل مطلق إلزامي في المرحلة الحالية و الخروج المكثف و التقليل من حجم الخطر سابق جدا لأوانه. الدكتورة بوطمين قالت، بأن ما نعيشه حاليا في الجزائر، هو استقرار نسبي حققه الالتزام بإجراءات الحجر المطبقة منذ مدة، لكن ذلك هذا لا يعني بأننا تجاوزنا مرحلة الذروة، خصوصا وأن وزارة الصحة و معهد باستور لم يعلنا بعد عن بلوغها من الأساس، ولذلك وجب التحذير من تبعات الانفلات الحاصل في شوارع المدن في الأيام الأخيرة، لأننا نخشى كما عبرت، أن يتسبب تعجيل كسر الحجر في انفجار العدوى، فعدد الإصابات و الوفيات حسبها، ليس في تناقص كما يعتقده الكثيرون، لأن الاحصائيات متفاوتة بدليل أننا سجلنا يوم الجمعة الماضي وحده 150 حالة، ولذلك فما نعيشه حاليا هو نوع من الاستقرار وليس الانحصار، لأن التراجع يستوجب تسجيل تناقص حقيقي و متتال، ناهيك عن أن الانفجار لا يكون دفعة واحدة و قد ينطلق وفق منحى تصاعدي متسارع يمكن أن يسببه التهاون في أي لحظة خصوصا وأن الأعراض لا تظهر بالتزامن عند جميع المصابين بل تتم بشكل تراكمي من يومين إلى أسبوع إلى 12 حتى 14 يوما. وعليه تحذر الدكتورة، المواطنين من مغبة المسارعة إلى كسر الحجر، فالنتائج المحققة جاءت بفضله و تسبيق الأحداث و التسرع في الخروج قد يعيدنا للوراء، مطالبة إياهم بالصبر و الالتزام خلال هذه العشرة أيام، لتجنب الدخول في دوامة الحجر الكلي خلال مرحلة لاحقة، مشيرة إلى أن الطريقة الأنسب للانفتاح نسبيا في هذه الأيام، هي تنظيم الخروج و ارتداء الكمامات بشكل مستمر مع الحفاظ على النظافة لكي نواصل نجاحنا كما قالت، في التعامل مع الأزمة خصوصا وأن أعداد المصابين الخاضعين للعلاج قد لا تعكس حقيقة الواقع و المعركة لا تزال متواصلة و نحن لم نتحرر بعد من عنق الزجاجة على حد تعبيرها. - الدكتورة سليمة صغيرو رئيسة مصلحة الوقاية بمديرية الصحة بقسنطينة: تقليص مدة الحجر لا يعني رفعه والوقاية إلزامية توضح الدكتورة سليمة صغيرو، رئيسة مصلحة الوقاية بمديرية الصحة بولاية قسنطينة، بأن تقليص مدة الحجر الصحي لا يعني رفعه، بل هو إجراء عادي يحتكم لمعطيات و أرقام معينة تفرزها عملية الرصد و المتابعة، مؤكدة على ضرورة الالتزام التام بكل شروط الوقاية التي تم إقرارها في إطار مسعى مكافحة الوباء بداية بالتباعد الاجتماعي و احترام شروط النظافة و ارتداء الكمامات و التعقيم و تجنب الخروج لغير الضرورة. و قالت الطبيبة، بأن العمل بشروط الحجر الصحي لا يزال ساريا، و أن السلوكيات التي يقوم بها الكثير من المواطنين في الفترة الأخيرة غير مقبولة، خصوصا الخروج المكثف للشارع و التهافت على التسوق و اقتناء السلع و التجمع لغير سبب، مشيرة إلى أن التباعد الاجتماعي لابد و أن يحترم، و حتى عملية الخروج يجب أن تتم بشكل منظم و مع احترام كل شروط الوقاية، بل و يجب أن يكون الحذر مضاعفا في هذه الفترة كما عبرت، وذلك تحسبا لما ستحمله الأيام القادمة من أرقام، لأن الخطر ما يزال قائما و العدوى مستمرة، وقرار رفع الحجر يعود للسلطات و ليس للمواطن. الدكتورة صغيرو أشارت، إلى أن حلول شهر رمضان لا يجب أن يكون سببا للتهاون و تقليص مدة الحجر لا يدل على قرب انتهائه، لأنه تقدير راجع للخبراء، فحتى الدول التي أعلنت سيطرتها على الفيروس حسبها، تتجه لرفع الحجر تدريجيا و بحذر وليس بشكل مباشر، لأن الإجراءات الوقائية تبقى وحدها قادرة على مجابهة العدوي. من جهة ثانية، قالت المتحدثة، بأن تسيير المرحلة التي نعيشها و ضمان الالتزام بالحجر، يستوجب التكفل بالجانب النفسي سواء داخل الأسرة الواحدة، أو عن طريق التواصل مع المختصين، مشيرة إلى أن مديرية الصحة بقسنطينة، وضعت تحت تصرف المواطنين رقما أخضر «30 30»، للمرافقة النفسية و توجيه المرضى المزمنين نحو الأطباء الأخصائيين لتسهيل مهمة مواصلة العلاج، كما تنصح المواطنين بالبحث عن المعلومة الصحيحة و تجنب المغالطات التي تروج عبر مواقع التواصل الاجتماعي.