باماكو و نواكشوط بوجهين وتفضلان التدخل الأجنبي مصير الرهينة ميشال جرمانو في حكم المجهول بعد فشل تحريره نقلت وسائل إعلام أجنبية أمس أن العملية العسكرية في شمال مالي ضد ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي متواصلة بمساهمة كبيرة من الجانب الفرنسي الذي يرغب في تحرير الرهينة ميشال جرمانو قبل انتهاء الآجال التي حددها التنظيم الإرهابي. وإذا كانت موريتانيا - التي قادت العملية العسكرية - قد أعلنت صراحة على لسان مسؤوليها العسكريين عن العملية فإن مالي الدولة التي تسقط فوق أراضيها القنابل والصواريخ التزمت الصمت المطبق ولم تكلف نفسها عناء تبليغ الجيران بالخبر رغم الاتفاقيات الأمنية والعسكرية المبرمة بين دول الساحل والصحراء، أو تلتزم برفض أي تدخل عسكري أجنبي فوق أراضيها. وبذلك تسجل دولة مالي مرة أخرى خرقا جديدا للاتفاقيات المبرمة مع جيرانها شمالا وشرقا وغربا في مجال التنسيق الأمني والعسكري لمكافحة الإرهاب في الساحل، فقد سبق لها وان أطلقت قبل أسابيع سراح إرهابيين مطلوبين في الجزائر بعد ضغوط فرنسية مقابل إطلاق سراح رهينة فرنسي تبين فيما بعد انه جاسوس يعمل لصالح الاستخبارات الفرنسية. ونقلت مواقع إخبارية أجنبية أمس أن موريتانيا التي قادت العملية العسكرية التي بدأت الخميس الماضي قد أعلمت الجزائر بذلك، كما كان وزيرها للداخلية والدفاع بالنيابة في نفس الوقت محمد ولد ابليل قد أعلن في ندوة صحفية أن قوات عسكرية موريتانية مدعومة بوحدات خاصة فرنسية شنت هجوما جويا وبريا على مواقع لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي داخل التراب المالي غير بعيد عن الحدود الموريتانية أسفر عن مقتل ستة من عناصر التنظيم وفرار البقية. لكن باماكو التي كانت على علم مسبق بالعملية التزمت الصمت كعادتها وفضلت بذلك التدخل الأجنبي في المنطقة على حساب التعاون والتنسيق مع جيرانها الذين كثيرا ما قدموا لها الدعم لحل مشاكلها الداخلية ومساعدتها على مكافحة الإرهاب. وتكون بهذا حكومة الرئيس امادو توماني توري قد وضعت جميع ما اتفق عليه بين دول الساحل في الثلاجة مفضلة الاستمرار في الخضوع للضغوط والإملاءات التي تأتي من باريس في كل مرة، ونشير في هذا الصدد أن قيادات أركان دول الساحل والصحراء السبع ومسؤولي الأجهزة الأمنية فيها كانوا قد عقدوا منذ بداية العام الجاري سلسلة من الاجتماعات في الجزائر خاصة، وقرروا التنسيق بينهم في مجال تبادل المعلومات لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، كما انشأوا قوات مشتركة قوامها 70 ألف رجل لهذا الغرض، وألحوا على رفض أي تدخل أجنبي في هذا الشأن، لأن ذلك من شأنه تقويض مسار مكافحة الإرهاب، و زيادة الشك وفقدان الثقة بين البلدان المعنية. ويرى مراقبون سياسيون وخبراء في مجال مكافحة الإرهاب أن العمليات الانفرادية التي لا تزال مالي وموريتانيا تقومان بها في ميدان مكافحة الإرهاب في المنطقة جعلت من الاتفاقيات والتوصيات الخاصة بالتنسيق ورفض التدخل الخارجي مجرد شعارات ترفع في اجتماعات المسؤولين السياسيين والعسكريين لدول الساحل لأن الحقيقة غير ذلك تماما، إذ أن التأثير الفرنسي على الحكومتين في نواكشوط وباماكو كبيرا خاصة إذا تعلق الأمر بحياة مواطنين فرنسيين مخطوفين هناك. وقبل هذا كانت موريتانيا قد خضعت هي الأخرى لضغوط وإغراءات اسبانية من اجل إطلاق سراح رهينتين اسبانيتين مخطوفتين من قبل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي منذ عام تقريبا. وتشير اغلب الأخبار الصحفية أمس أن العملية العسكرية الموريتانية الفرنسية قد باءت بالفشل على الأقل بالنسبة للطر ف الفرنسي الذي كان يرغب في العثور على الرهينة ميشال جرمانو (78 عاما) وتحريره لأن الحكومة الموريتانية قالت منذ البداية أن الهجوم لم يكن هدفه تحرير جرمانو إنما تحقيق ضربة استباقية ضد التنظيم الإرهابي الذي كان يعتزم حسبها شن هجوم على إحدى الثكنات العسكرية الموريتانية في الثامن والعشرين من هذا الشهر. للتذكير كان الإرهابيون قد أعطوا مهلة إلى غاية غد الاثنين لإطلاق أفراد من تنظيمهم محتجزين في سجون موريتانيا ومالية مقابل إطلاق ميشال جرمانو وحملوا الرئيس الفر نسي نيكولا ساركوزي مسؤولية مصير هذا الأخير بعد انقضاء المهلة.