كشف مدير الإدارة المحلية أوّل أمس الخميس، أن أجور عمال وموظفي المؤسسات العمومية البلدية تستهلك أكثر من 220 مليار سنتيم سنويا، فيما سمح تطهير البرامج في بلديتي الخروبوقسنطينة بتحرير مبالغ ضخمة «نائمة» في برامج لم تنجز، حيث تجاوزت 130 مليار سنتيم، كما وضعت الولاية لأول مرة في الجزائر نظاما رقميا جديدا لمتابعة تحصيل الرسوم ومداخيل الأملاك. وجاءت تصريحات مدير الإدارة المحلية خلال الدورة العادية الأولى للمجلس الشعبي الولائي لولاية قسنطينة، حيث أوضح أن غلق 24 عملية في ميزانية الولاية قد سمح بالحصول على مبلغ 7.2 ملايير سنتيم، سيستعمل في الميزانية الإضافية لسنة 2021، في حين أفرز غلق 11 برنامجا ممولا من صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية بقيمة تتجاوز 46 مليار سنتيم، استعادة أكثر من 5 ملايير سنتيم من باقي الإنجاز، حيث أكد المسؤول أن مصالح الولاية طلبت الترخيص من أجل استعمال المبلغ في تجسيد مشاريع ربط المشاتي المعزولة بالكهرباء خلال السنة الجارية. وتلقت مديرية الإدارة المحلية الثناء من طرف لجنة المالية والاقتصاد والمنتخبين بالمجلس الشعبي الولائي من حيث اجتهادها في «إعطاء نفس جديد لتسيير ميزانية الولاية»، مثلما جاء في تقريرها، الذي جاء فيه أيضا أن الولاية استفادت من أكثر من 4900 مليار سنتيم خلال خمس سنوات؛ أي من 2017 إلى 2021، من بينها 421 مليار سنتيم لهذا العام، من الأغلفة المالية المتحصل عليها ضمن المخططات القطاعية للتنمية والمخططات البلدية للتنمية، فيما عرفت سنة 2018 تسجيل أكبر غلاف مالي تحصلت عليه الولاية بقيمة 2200 مليار سنتيم، بسبب انطوائه على غلاف مالي يتجاوز 1489 مليار سنتيم موجهة لتهيئة المناطق الصناعية ومناطق النشاطات ضمن فرع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وحمل التقرير بعض الملاحظات حول نسب استهلاك المبالغ المذكورة خلال السنوات الخمس الماضية، حيث نبه مُعدّوه إلى أن نسبة استهلاك اعتمادات الدفع في 2017 تجاوزت 86 بالمئة في المخطط القطاع للتنمية و97 بالمئة في المخطط البلدي، موضحين أن هذه السنة تميزت بتسديد كل ديون المؤسسات الواقعة على عاتق خزينة الولاية، ما سمح بالحصول على أغلفة مالية جديدة في السنة الموالية لها، لكنهم عزوا تباطؤ وتيرة الإنجاز من طرف المديريات المكلفة بالإنجاز ما بين 2018 و2020 ضمن البرامج القطاعية غير الممركزة إلى ضآلة اعتمادات الدفع الممنوحة، حيث تراوحت نسب استهلاكها بين حوالي 25 بالمئة و48 بالمئة، كما قدموا احتمال عدم تماشي عمليات التسديد مع وتيرة عمليات الإنجاز. وتضمنت ملاحظات اللجنة طلب تفسيرات من مديرية البرمجة ومتابعة الميزانية حول نسب الاستهلاك الضعيفة في القطاع الفرعي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة خلال السنوات الثلاث المذكورة، إذ تتراوح بين 0.34 بالمئة إلى 12.88 بالمئة فقط، كما طلبوا تفسيرات حول مشاريع في غاية التأخر في عملية الإنجاز على مستوى أربع مديريات تنفيذية ولائية، فيما «قطعت شوطا كبيرا في قطاع التربية والتجهيزات الخاصة بالأمن الحضري»، بعد غلق العديد من المشاريع في عدة مناطق؛ خصوصا في التجمعات السكنية الجديدة. وقدمت اللجنة توصياتٍ تدور في مجملها حول ترشيد النفقات واستهلاك الميزانية مثل وضع أهداف لكل النفقات خلال فترة زمنية محددة وتوزيع النفقات على ميزانيات مختلفة لتجنب رصد مبالغ دون استعمالها والتحكم في جميع الإجراءات الإدارية؛ خصوصا ما يتعلق بالصفقات العمومية وتفويض المرفق العام لاستغلالٍ أكبرَ لعامل الوقت. نظامٌ رقميٌّ لمتابعة التحصيل ومداخيل الأملاك لأول مرة في الجزائر وشرح مدير الإدارة المحلية في تدخل خلال النقاش حول عرض الميزانية، أن ميزانية الولاية تمثل أداة التنمية، مؤكدا أن ولاية قسنطينة تعتبر الأولى على المستوى الوطني التي خاضت تجربة الاعتماد على نظام رقمي جديد «لتسيير الجباية المحلية والممتلكات» و «الذي فضح كل شيء»، مثلما أكد، كما قال إن الإدارة المحلية تخوض، بالتعاون مع مديرية الضرائب، «معركة» مع البلديات منذ عدة أشهر من أجل تصحيح وضعيتها المالية، حيث تم إدخال جميع الرسوم التي يتم تحصيلها من طرفها في النظام الرقمي من أجل الحرص على جمعها، في حين نبه أن تمويل الميزانية من الجباية المحلية لفائدة الولاية يقتصر على ثلاثة أنواع من الرسوم فقط، على غرار الرسم على القيمة المضافة. ونبه نفس المصدر أن عملية التصحيح المالي على مستوى البلديات ضرورية لتحسين عملية التمويل على المستوى المحلي، مشيرا إلى أن ميزانية الولاية خارج برامج التجهيز المسجلة تمثل تحويلات تتضمن الإعانات الموجهة للبلديات، في حين قال إن «هناك احتيالا كبيرا في تحصيل الجباية المحلية على مستوى البلديات»، فيما أفضت العملية الأولى لتطهير مدونة البرامج في بلدية قسنطينة إلى تحرير 28 مليار سنتيم، فضلا عن عملية ثانية سمحت بتحرير 35 مليار سنتيم الأسبوع الماضي. وأضاف نفس المصدر أن عملية تطهير مدونة برامج بلدية الخروب ما زالت جارية لكنها ستفضي إلى تحرير حوالي 70 مليار سنتيم، حيث وصف هذه المبالغ ب»النائمة». ونبّه المسؤول أن الإعانات ستقل خلال العام الجاري، ما جعل السّلطات الولائية تقدم توصيات للبلديات بتركيز ميزانياتها على ضمان مهام الخدمة العمومية الموكلة لمؤسساتها العمومية ذات الطابع الاقتصادي والصناعي «إيبيك»، فضلا عن برامج التنمية الموجهة لمناطق الظل والمناطق المعزولة التزاما بمحاور البرنامج الذي يشكل أولويات الحكومة. وتحدث نفس المصدر عن تسجيل عجز في ميزانية ولاية قسنطينة خلال العام الماضي بقيمة 12 مليار سنتيم بسبب جائحة كورونا، فيما اعتبر أن الولاية تواجه أزمة في المالية المحلية، مشددا على ضرورة توفُرّ الإرادة لدى جميع المتدخلين من إداريين ومنتخبين لاتخاذ قرارات شجاعة لتسوية الوضعية، حيث ذكر –على سبيل المثال- أن بلدية قسنطينة تملك 74 مليار سنتيم من الأموال غير المحصلة على امتداد سنوات، في مقابل كتلة أجور عمال جميع المؤسسات العمومية البلدية المقدرة ب220 مليار سنتيم سنويا، وينبغي على البلديات إيجاد المصادر لتوفيرها.