الأسماء الفنية الكبرى سقطت في التهميش والدخلاء يمتصون دماء السذج هناك إجحاف بحقي بالنظر إلى مسيرتي الفنية نادية بارود فنانة بدأت منذ التسعينات ومرت بعدة مجالات فنية كالتمثيل والتنشيط، لكنها استقرت على الغناء حيث تعتبره أقرب أنواع الفنون إلى قلبها ، وقبل دخولها عالم الغناء واحترافها الفن كانت تمتهن التدريس حيث درّست اللغة العربية في عدد من المدارس بالعاصمة وهي الحاصلة على شهادة ليسانس في الأدب العربي من جامعة الجزائر. لكن الفن أخذها من أقسام الدراسة إلى الأضواء والشهرة والحفلات، والمُدرِسة صارت مطربة، وصوت الفن كان أعلى من صوت المُدرِسة فتركت التدريس واختارت الفن وانصرفت إلى دربه تماما. نادية بارود مستقرة منذ سنوات في إسبانيا. في هذا الحوار تتحدث عن الأغنية القبائلية وعن بعض محطاتها الفنية وكذلك عن الإجحاف الذي لحقها وعن وضع الفنان الجزائري الذي ترى أنه يزداد سوءا. حاورتها/ نوّارة لحرش الملاحظ أن حضورك قليل في الحفلات والمناسبات الفنية، هل هذا راجع لكونك متواجدة في إسبانيا منذ سنوات، أم تعتبرين هذا الغياب، تغييبا وإجحافا في حقك؟ - حقيقة أعتبر عدم تواجدي في بعض المواعيد الفنية الهامة إجحافا بحقي بالنظر إلى مسيرتي المحترمة والتي ليست بالهينة، فقد قضيت سنينا طويلة في الساحة أقدم الأحسن وكنت دائما أثابر لترك بصمة فنية خاصة بي، حتى أمثل شخصي وبلدي الجزائر أحسن تمثيل. ثم تأتي علينا أيام لا نُذكر فيها إلا قليلا بالرغم من أن الأسماء التي تشارك دائما في تلك المحافل لا وزن لها في بعض الأحيان، فقد اختلط الحابل بالنابل. في أغانيك تحضر المواضيع الاجتماعية والوطنية لكنك تقدمين الأغنية القبائلية في صيغتها الطربية الرومانسية أكثر؟، ما مرد حرصك على أداء الطابع العاطفي؟ - نعم أميل كثيرا إلى اللون الغنائي المُبرز أكثر للقدرات الصوتية بالرغم من أن الطابع الفلكلوري القبائلي الريتمي ليس بالسهل، وهو بمثابة (السهل الممتنع)، ولكن كذلك بداياتي في الطابع الأندلسي والحوزي ساعد على اقترابي من اللون الرومانسي الذي أعشقه وأجد نفسي فيه. تقريبا أنت المطربة الوحيدة في اللون القبائلي من تغني اللون العاطفي، عكس زميلاتك المتخصصات أكثر في الطابع الريتمي الصاخب الذي يتماشى عادة مع الأعراس، ما رأيك؟ - لأني أؤمِنُ بأن الريتم الصاخب ليس دائما عنوانا للنجاح والشهرة، فالكثير من الأغاني الهادئة والهادفة نجحت كذلك وحققت أعلى المبيعات، (أغنية إيدير: أسنْدو) مثلا. كانت لك تجربة في التنشيط، هل لك أن تحكي عنها؟ - التنشيط كان بالنسبة لي محطة ثانية بعد الدراسة، وكانت تجربة جميلة، أحببتها لأنها قربتني من العالم الذي كنت دائما أحلم به، ألا وهو الأضواء والشهرة، فالتنشيط في حصص المنوعات وكذلك حصة اللوطو الرياضي مَكنني بعد ذلك من دخول ميدان الفن من بابه الواسع والحمد لله. أيضا كانت لك تجربة في التمثيل، كيف بدأت وكيف انتهت، ولماذا لم تستمري في التمثيل إلى جانب الغناء؟ - التمثيل كان إحدى هواياتي المفضلة أيضا وبدأت المغامرة في فيلم "المرافعة" للمخرج علي سرية، قدمت فيه دورا ثانويا هاما، ثم مسلسل "القلوب الضيقة" للمخرج بلقاسم واحدي، مرورا بدوري في أوبيريت حيزية التي تحصلت فيها على الدور الرئيسي، كان كل هذا في التسعينات ثم أخيرا في 2010 فيلم أمازيغي قبائلي (Vava mouh) وأنا دائما أنتظر العروض التي تناسبني والتي أجد نفسي فيها، وهذا في يد المعنيين بالأمر. كيف ترين مستوى الأغنية القبائلية الآن؟ - الحمد لله، الأغنية القبائلية في مستوى جيد والدليل توجه العديد من الشباب إلى هذا اللون، وهذا سيخلق تنافسا يؤدي بطبيعة الحال إلى البحث الدائم للإتيان بالأفضل والجميل، ويجعل من هذا اللون في حالة تجديد دائمة مما يزيد من الإبداع. غنيت لإيدير، ما الذي يعنيه لك هذا الفنان؟ - غنيت ومازلت أغني لإيدير خاصة (أسنْدو) التي أعشقها لأنها تذكرني بالأم، بطفولتي، بأصولي الأمازيغية الجزائرية التي أنا أفخر بها دائما، وأحاول الآن بقدر المستطاع أن أنقلها إلى أولادي عبر هذه الأغنية الجميلة. كما أن إيدير برهن على أن الفن لا هوية له. فلا لغة، ولا وطن ولا دين، فقد أحب كل العالم أغنية "أسندو" وأعيدت بلغات كثيرة، الشيء الذي يشرفنا كجزائريين. ماذا عن معطوب الوناس، حكيم الأغنية الشعبية؟ - كذلك معطوب الوناس بأشعاره، رمز الأصالة والشموخ وهوية الرجل الأمازيغي. صرحت مرة أنك بصدد البحث والتنقيب عن أجمل أغاني عمالقة الأغنية القبائلية، وقلتِ أن هذا حلم تسعين إلى تحقيقه. أين وصلت في هذا المشروع الحلم، ومن هم المطربين الذين وقع عليهم ذوقك واختيارك؟ - جوابي على هذا السؤال سوف يكون بالألبوم الذي أنا بصدد تحضيره وأترك كل هذه الأغاني مفاجأة للجمهور، وإذا أعلنت عن عناوين الأغاني والمطربين سوف أحرق المفاجأة، وهذا لن يرضيك يا صديقتي، أليس كذلك؟. ماذا عن وضع الفنان في الجزائر، صرحت مؤخرا أن حالته تتطلب ''خطوات جادة لإعادة الاعتبار له، سواء بالإسراع في وضع قانون للفنانين أو بإنشاء نقابة محترمة تجمع كل الفنانين وتغربل الوسط الفني''، كفنانة هل ترين أن هناك بعض الحلول المبشرة في الأفق؟ - بالفعل، بالنسبة لهذا الموضوع الشائك، أصبح الوضع يزداد سوءا ولا نرى شيئا يبشر بأي خير والدليل أن الأسماء الفنية المعتبرة أصبحت تتخبط في شيء اسمه التهميش، وأصبحت الدخيلة منها على الفن تصول وتجول كما تشاء، فهي تتطفل على الساحة وتمص دماء الساذجين الذين لا يفقهون شيئا في الفن. فأين العدالة في هذا؟، وأين الحلول؟.