أحيا سفير الموسيقى القبائلية »إيدير« مؤخرا حفلا فنيا ضخما بباريس رفقة مجموعة هامة من الفنانين الجزائريين تحت شعار «بعيدا عن العين« قريبا من القلب، حيث قرر صاحب رائعة »آبابا ينوفا« أن يضع مداخيل هذا الحفل الفني في حساب الهلال الأحمر التونسي تضامنا مع شعب تونس الشقيق الأمر الذي أثار استحسان الجالية المغاربية والعربية المقيمة في فرنسا كونها أو خطوة يقوم بها فنان عربي لأجل الشعب التونسي مما جعل الكثير من الفنانين المغاربة يفكرون في القيام بمثل هذه المبادرة الإنسانية التي عبّرت عن تعاطف الجزائريين مع أشقائهم من تونس الذين عاشوا أحداث مأساوية في الفترة الأخيرة. وقد جاء إحياء هذا الحفل الخيري بعد المشاركة المميزة لإيدير في مهرجان »تويزا« السادس المنظم بطنجة تحت شعار »الأرض هويتنا« حيث قدم المطرب الأمازيغي العالمي باقة منوعة من الأغاني الناجحة على غرار أغنية »آبابا ينوفا« الأسطورية التي تعتبر من أشهر الأغاني الجزائري المكتوبة باللغة الأمازيغية حيث يرجع عمرها لأكثر من 30 سنة مما يجعلها أقدم أغنية تراثية في الموسيقى الجزائرية، وقد اشتهر النجم »إيدير« بتقديمها في الدول الأوروبية كونها تحتكم على نوع من الموسيقى المعززة بالصوت الدافئ لإيدير وعزفه الجميل على آلة الڤيتارة لتُفتح أبواب الشهرة أمام الموسيقى الأمازيغية وتصبح أكثر إنتشارا في العالم وذلك قبل ظهور أغنية الراي بفترة ، فقرر إيدير ترجمة هذه الأغنية إلى 7 لغات حتى تكتسح العالم وتصبح قريبة من جميع شرائح المجتمعات الأوروبية والأمريكية، ليطلق سنة 1976 أول ألبوم له بعنوان »آبابا ينوفا« من إنتاج شركة »باتي ماركوتي« العالمية ،، وفي 1979 أعاد إيدير التجربة ذاتها بكتابة مجموعة من الأغاني وإدراجها ضمن ألبوم ثاني بعنوان »أياراش إناع« ليسجل سنة 1991 حوالي 17 أغنية من الألبومين الأوليين ويحيي حفلا فنيا ساهرا في فرنسا عام 1992 ليقفز قفزة نوعية إلى العالمية بعد أن أدرجت موسيقاه ضمن الموسيقى العالمية وصارت أغانيه تُدرس في معاهد الموسيقى الدولية في حين أن الكثير من الأطباء النفسانيين صاروا يعتمدونها في علاجهم النفسي لأن موسيقى »إيدير« تخاطب الروح بلغة أمازيغية عتيقة وراقية بعد أن نجح نجم الموسيقى الأمازيغية في التقاط خيوط التناغم بين اللحن والكلمات التي يختارها بنفسه وبعناية تامة. وبعد هذا القدر من الشهرة والعالمية قرر إيدير تقديم عمل جديد سنة 1993 مع فرقة »بلوسيليفيري« في ديو موسيقى هام يعتمد على إيقاعات موسيقية من خلال آلة الڤيتارة ، الناي والدربوكة ليدخل إيدير عالم الإحترافية من بابها الواسع ويتلقى بعدها عرضا مُغريا تمثل في ديو مع »آلان ستيفان« تحت عنوان » سالتين« ليضمن مشاركته في الأولمبيا الباريسية. ومن جهة أخرى فقد كانت سنة 1999 من أكثر السنوات نجاحا في مسيرة إيدير الفنية وأكثرها أهمية من حيث إنتاج الألبومات ، حيث استطاع جمع أكبر عدد ممكن من الفنانين والموسيقيين العالميين مثل الفرنسي »ماني شاو« و»ماكسيم فورستي« والإيرلندي »كارن ماتيسيون« وفرقة »زيدة« الجزائرية وغيرهم ، حيث اجتمع كل هؤلاء لتسجيل أغنية »آبابا ينوفا« التي زاد تألقها ونجاحها بصوت هؤلاء المطربين العالميين لتتألق الموسيقى الجزائرية والألحان القبائلية في سماء العالمية على لسان أشهر المطربين الذين اجتمعوا ليغنوا بصوت واحد »آبابا ينوفا« ومن المعروف عن سفير الموسيقى القبائلية »إيدير« أنه قليل الإنتاج فيما يخص إصدار الألبومات حيث سجل 3 ألبومات فقط مدة 30 سنة ، لكن أغانيه المقدمة تكون مركزة وناجحة وآخر ألبوم صدر لإيدير بعنوان »ألوان فرنسا« الذي مزج فيه هذا الأخير بين الكلمة الأمازيغية وأنماط أخرى من التعبير الموسيقي العالمي التي صارت أكثر رواجا لدى الجمهور من مختلف أنحاء العالم. ولمن لا يعرف »إيدير« فاسمه الحقيقي هو » حميد شريات« وقد ترعرع في قرية نائية بأعالي منطقة القبائل المعروفة بقرية »آيت لحسن« في القبائل الكبرى لأعالي جبال جرجرة، وقد كان أستاذه في العلوم الطبيعية من أكثر الأشخاص الذين شجعوه على ولوج عالم الموسيقى والعزف على الڤيتارة وهو في عمر 9 سنوات لكنه كرّس جل وقته لدراسة الجيولوجيا وانتقل سنة 1976 إلى الصحراء الجزائرية للعمل في مجال البترول والغاز وهناك اكتشفه زملاؤه، ليكتب لإيدير إسم جديد ويصبح من أكثر الأصوات الموسيقية رواجا في العالم الأوروبي وأحد أهم الأسماء اللامعة في الساحة الفنية الجزائرية.