وليد: قطاع التكوين المهني يعمل على توفير عروض تتلاءم بشكل أفضل مع احتياجات سوق العمل    علوش: الجزائر نجحت في الوفاء بالتزاماتها وطرح قضايا محورية على طاولة مجلس الأمن    الأونروا تؤكد استمرارها في تقديم خدماتها في كافة أنحاء قطاع غزة والضفة الغربية    وزير المجاهدين ينقل تعازي رئيس الجمهورية إلى عائلة المجاهد محفوظ اسماعيل    التربية الوطنية: انطلاق سلسلة من اللقاءات لضبط التحضيرات للدخول المدرسي 2025-2026    انطلاق التربص التكويني لفائدة اطارات وزارة العلاقات مع البرلمان    انطلاق عملية دفع تكلفة الحج لموسم 2025 عبر كافة ولايات الوطن    منظمة التحرير الفلسطينية ترحب بتشكيل "مجموعة لاهاي" لدعم فلسطين    فلسطين: مستوطنون صهاينة يحرقون مسجدا شمال أريحا    تلمسان: إحصاء أزيد من ألفي طير بالمنطقة الرطبة المصنفة ضاية الفرد    وهران : انطلاق تظاهرة الأبواب المفتوحة حول القوات البحرية    الجزائر العاصمة: افتتاح معرض " قم ترى" للفنانة التشكيلية سامية شلوفي    عرقاب يستقبل وفدا من اتحاد مالكي ومستغلي محطات الخدمات والوقود    البطولة المغاربية المدرسية للعدو الريفي: المنتخب الجزائري يحصل على 6 ميداليات منها ذهبيتين    بلمهدي يُحذّر من الأفكار المشوهة والمدمّرة    رسائل صمود وتحدّي    مؤسّسات ناشئة تقدم حلولاً مبتكرة    صادي: يجب أن نعمل بهدوء    غويري لاعباً لمارسيليا    بن ناصر يواجه بن موسى وزروقي    استئناف النزاع بالكونغو الديمقراطية يُقلق الجزائر    ثلوج نادرة    الشرطة تُحسّس..    الغاز يقتل عشرات الجزائريين    رسالة من تبّون إلى رئيس غينيا بيساو    شرفة يترأس اجتماعاً تقييمياً    نقل قرابة 6 مليون طن من البضائع في 2024    سايحي يلتقي نقابة الممارسين الأخصائيين    مؤسسة ميناء الجزائر تعلن عن فتح أربعة مكاتب قريبا    الإطاحة ب 3 شبكات إجرامية وضبط 100 ألف كبسولة مهلوسات    سايحي يلتقي أعضاء النقابة الوطنية للممارسين الأخصائيين    انتصار جديد لقضية الصحراء الغربية    ممتنّون لجهود الجزائر والرئيس تبون في دعم القضية الفلسطينية    بن رحمة "سعيد" بالإمضاء لنادي نيوم السعودي    القفطان القسنطيني.. يعانق عبق التاريخ الجزائري العريق    أتطلع لبلوغ العالمية بنافورات تنبض بالحياة    إعادة تشجير غابة جامعة "محمد بوضياف" بوهران    ضبط مراحل جائزة ساقية سيدي يوسف    دفعة أولى من الأئمة تتوجه إلى أكاديمية الأزهر العالمية    طاقة الأكوان والألوان    حبكة مشوقة بين الأب والابن والزوجة المنتظرة    12 مسرحية.. "من أجل فعل إبداعي مؤثر"    رئيس كوبا يشيد بانجازات الدبلوماسية الجزائرية بقيادة الرئيس تبون    التعريف بالفرص الاستثمارية المتاحة في الجزائر    "العميد" لتعزيز الصدارة و"الترجي" للاستفاقة    تمنراست : إبراز دور الزوايا الكنتية في المحافظة على الهوية الوطنية وحسن الجوار    معرض "شوكاف" يكشف عن التطور الملحوظ لصناعة الشوكولاتة بالجزائر    الجمعية العامة العادية للفاف: المصادقة بالإجماع على الحصيلتين الادبية والمالية لسنة 2024    قمة التكنولوجيا المالية: مؤسسات ناشئة تقدم حلولا مبتكرة لمواكبة تطور التجارة الإلكترونية    هذه صفات عباد الرحمن..    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    وزير الصحة يُطمئن الأطبّاء    840 ألف دينار تكلفة الحج لهذا العام    معسكر: الشهيد شريط علي شريف… نموذج في الصمود والتحدي والوفاء للوطن    الشعب الفلسطيني مثبت للأركان وقائدها    فتح باب الترشح لجائزة أشبال الثقافة    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإرث الاستعماري لا يزال المحرك الرئيس للدوائر الرسمية الفرنسية: تصريحات ماكرون تضع العلاقات الثنائية على صفيح ساخن
نشر في النصر يوم 04 - 10 - 2021

توحي التطوّرات الأخيرة بأن العلاقات بين الجزائر وباريس تقترب فعلياً من نقطة التأزيم الحقيقي. بعد سلسلة من التصريحات اللامسؤولة والقرارات التي لا نجد لها أي مبرر من الجانب الفرنسي، ومن الواضح أن التصريحات الأخيرة للرئيس ماكرون، لا تنفصل عن سياق من الخلافات السياسية الأخيرة التي برزت بين الجزائر وباريس، على خلفية رواسب وملفات لم تتم تسويتها على النحو الصحيح، ليس أقلها ملف الذاكرة وإقحام تاريخ الجزائر في الحملة الانتخابية التي يقودها ماكرون لإعادة انتخابه لعهدة ثانية.
لم يكد يهدأ الجدل والغضب في الجزائر بشأن الخطوة التي أقدم عليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتكريمه ل«الحركى» وإعلانه عن إصدار قانون يتم بموجبه رفع مستوى التعويضات المادية المقدمة لهم نظير وقوفهم إلى جانب فرنسا الاستعمارية، ضمن مسعى لاستغلال ملف الذاكرة لأغراض انتخابية في الاستحقاق الرئاسي المقبل في فرنسا، حتى خرج بتصريحات مستفزة حول تاريخ الأمة الجزائرية والتواجد العثماني في الجزائر.
واعتبرت رئاسة الجمهورية، في ردها على ما نقل عن الرئيس الفرنسي، بأن تلك التصريحات تأتي ضمن سياق «نزعة أصحاب الحنين إلى الجزائر الفرنسية، والأوساط التي تعترف، بصعوبة، بالاستقلال الكامل، الذي حققه الجزائريون، بنضال كبير، يتم التعبير عنها من خلال محاولات، غير مجدية، لإخفاء فظائع ومجازر ومحارق وتدمير قرى بالمئات». وشجبت الرئاسة تصريحات ماكرون الخاصة ببناء النظام السياسي في الجزائر، واعتبرتها «تقديرات سطحية ومغرضة، ومفهوم هيمنة مبتذل للعلاقات بين الدول، ولا يمكن في أي حال من الأحوال، أن تكون متوافقة مع تمسك الجزائر الراسخ، بالمساواة السيادية للدول».
وأعربت الرئاسة في بيان عن «رفضها القاطع لما جاء في تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول تاريخ الأمة الجزائرية». مبرزة أنه «على خلفية التصريحات، التي لم يتم تكذيبها، و المنسوبة للرئيس الفرنسي، ترفض الجزائر رفضا قاطعا أي تدخُّل في شؤونها الداخلية».
ونقلت صحيفة «لوموند» الفرنسية، تفاصيل لقاء بين ماكرون وشباب من أبناء الأقدام السوداء والحركى، جرى الخميس الماضي بقصر الإليزيه، أهم ما جاء فيها أن الجزائر «لم تكن أمة» قبل الاحتلال الفرنسي، وأن «الضغائن» التي يحملها الجزائريون تجاه فرنسا بسبب ماضيها الاستعماري، «لا تطرح مع المجتمع الجزائري في أعماقه، ولكن مع النظام السياسي العسكري الذي تأسس على هذا الريع المرتبط بالذاكرة».
كما تناول لقاء ماكرون، قرار باريس تقليص منح التأشيرات للجزائريين بنسبة 50 بالمائية. وفيما يتعلق بالتاريخ، هاجم الرئيس الفرنسي «التاريخ الرسمي» الجزائري، الذي، وفق زعمه «أُعيدت كتابته بالكامل»، و«لا يقوم على الحقائق»، بل على خطاب «قائم على كراهية فرنسا».
وفي أول رد فعل عملي على التصريحات التي جاءت على لسان الرئيس الفرنسي، بعد استدعاء سفير الجزائر في باريس، قررت السلطات الجزائرية إغلاق المجال الجوي الجزائري أمام جميع الطائرات العسكرية الفرنسية المتجهة إلى منطقة الساحل في إطار عملية «برخان». وأشارت صحيفة «لوفيغارو» أنه لم يعد يحق لفرنسا التحليق فوق الأراضي الجزائرية بطائراتها العسكرية.
وأوضحت المصادر أن عبور الطائرات العسكرية الفرنسية إلى منطقة الساحل عبر الأجواء الجزائرية «امتياز ممنوح لفرنسا منذ فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وظل ساري المفعول لمدة 4 سنوات». القرار أدى اليوم إلى إلغاء رحلتين لوجيسيتين. وقال متابعون أن «هذا القرار سيؤثر بشدة على العمليات العسكرية الفرنسية ويصحح خطأ استراتيجيا للرئيس السابق».
ماكرون يغازل التيار النيوكولونيالي
وأثارت التصريحات المنسوبة للرئيس الفرنسي عاصفة أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي حيث ربطها كثيرون بالحملة الرئاسية في فرنسا «لسحب البساط من تحت قدمي (إريك) زمور» الصحافي الذي يطرح أفكارا أقرب إلى اليمين المتطرف ويؤكد تصميمه على الترشح للانتخابات.
وأشار متتبعون إلى التحول الجذري في مواقف الرئيس الفرنسي، وتبنيه لأطروحات اليمين المتطرف والتيار النيو-كولونيالي، ويبرز هذا التحول من خلال تصريحاته الأخيرة، مقارنة مع تلك التي أدلى بها عند إعلان ترشحه للرئاسيات الفرنسية قبل 5 سنوات، حينها وضع ماكرون تحسين العلاقات مع الجزائر هدفاً لبرنامجه الرئاسي، فكان أول رئيس فرنسي ولد بعد الحرب الجزائرية يظهر إشارات معينة من الانفتاح لمحاولة تهدئة هذه العلاقة، مثل الاعتراف باغتيال المحامي على بومنجل، أو فتح الأرشيفات الفرنسية خلال فترة الاستعمار الفرنسي.
وقال الرئيس الفرنسي الحالي ايمانويل ماكرون خلال زيارته للجزائر في 2017 أن الاستعمار "جريمة ضد الإنسانية"، وأضاف قائلا "أعتقد أنه من غير المقبول تمجيد الاستعمار أراد البعض ، منذ أكثر من عشر سنوات بقليل أن يفعل ذلك في فرنسا على غرار قانون 23 فبراير2005 ". وأكد قائلا "لطالما كنت أدين الاستعمار كعمل همجي، لقد فعلت ذلك في فرنسا ، أفعل ذلك هنا الاستعمار جزء من التاريخ الفرنسي. إنها جريمة، إنها جريمة ضد الإنسانية".
ولكن مع اقتراب موعد الرئاسيات في فرنسا والصعود اللافت لليمين المتطرف، راح الرئيس ماكرون يراجع خطاباته باستمالة اللوبي المناهض للجزائر، واضعا ملف الذاكرة، بين أيدي مجموعة من اللوبيات داخل فرنسا وعلى رأسها لوبي يهود الجزائر. ولوبي الحركى وكذا الأقدام السوداء وهذه اللوبيات الثلاثة هي من تتحكم في ملف الذاكرة في الجانب الفرنسي.
هذا التحول في المواقف تجاه الجزائر خاصة بشأن ملف الذاكرة والعقدة الاستعمارية، لا يقتصر على الرئيس ماكرون فقط، بل يعني كل الرؤساء السابقين، بداية بالرئيس شيراك الذي فشل في التوصل إلى «معاهدة الصداقة» التي طرحها على الطاولة خلال زيارة للجزائر أظهر فيها عكس ما أضمر، بسبب قانون أصدره نواب البرلمان الفرنسي آنذاك يمجد الاستعمار، مرورا بنيكولا ساركوزي، الذي اعتبر في الخطاب الذي ألقاه يوم 5 ديسمبر 2007 على مسامع طلاب جامعة منتوري بقسنطينة: أن "النظام الاستعماري كان بطبيعته غير عادل ولا يمكن تصنيف النظام الاستعماري إلا كمشروع للاستعباد والاستغلال». وصولا إلى الرئيس فرانسوا هولاند، الذي اعتبر أنه "على مدار 132 عامًا، تعرضت الجزائر لنظام جائر ووحشي للغاية، هذا النظام له اسم، إنه استعمار، وأعترف هنا بالمعاناة التي ألحقها الاستعمار بالشعب الجزائري، من بينها مذابح سطيف، قالمة، خراطة، التي أعرف أنها لا تزال راسخة في وعي الجزائريين ، ولكن الفرنسيين أيضًا». ورغم كل تلك الاعترافات ظلت فرنسا الرسمية عاجزة على تخطي عقبة الاعتراف والإقرار بالذنب.
الأفكار الاستعمارية متغلغلة في الدوائر الفرنسية
وبرأي بعض المحللين، فإنه يستحيل الحديث عن أي تكامل أو مصالح مشتركة محترمة، في ظل تغلغل الأفكار الاستعمارية في بعض الدوائر الفرنسية النافذة، وغياب الجرأة لدى دوائر القرار في باريس، للاعتراف بماضي بلدهم في الجزائر، كما حدث مع عدد من المستعمرات القديمة، وعليه ستبقى الذاكرة تلقي بمفعولها حتى لدى الأجيال الجديدة,
ومباشرة بعد التصريحات المشينة لماكرون ارتفعت الدعوات السياسية إلى ضرورة إعادة تفعيل قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، ردا على الخطوات والتصريحات الأخيرة للرئيس إيمانويل ماكرون وترى بعض الأوساط أن الظرف مناسب لإقرار أول قانون لتجريم الاستعمار، خاصة مع وجود برلمان انتخب في جوان الماضي، وقبل أقل من شهر عن الاحتفال بذكرى ثورة التحرير. وواضح أن السلطات الفرنسية ستسمع، هذه المرّة، من الجانب الجزائري ما لم تسمعه سابقا، وستكون الأفعال أشدّ إيلاماً من الأقوال على رئيس وبلد يحاول مداراة الصفعة الأمريكية في صفقة الغواصات، وإخراج باريس من دائرة كبار صنّاع القرار، بالاتكاء على الإرث الاستعماري البغيض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.