أكدت اليوم الرئاسة الفرنسية إثر تسلمها تقريرا حول استعمار الجزائر وضعه المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا إنها تعتزم القيام ب"خطوات رمزية" لمعالجة الملف، لكنها لن تقدم "اعتذارات".وأضاف قصر الإليزيه أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيشارك في ثلاثة احتفالات تذكارية في إطار الذكرى الستين لنهاية حرب الجزائر في 1962، هي اليوم الوطني للحركيين في 25 سبتمبر، وذكرى قمع تظاهرة الجزائريين في باريس في 17 أكتوبر 1961، وتوقيع اتفاقيات إيفيان في 19 مارس 1962. وفي شهر فيفري 2017، زار إيمانويل ماكرون الجزائر في خضم حملته للانتخابات الرئاسية، وصرح أنه "من غير المقبول تمجيد الاستعمار" الذي "يمثل جزءا من التاريخ الفرنسي"، وهو "جريمة ضد الإنسانية". وقد لقيت تلك التصريحات انتقادا واسعا من خصومه اليمينيين في فرنسا.قبل ذلك ببضعة أشهر، تحدث ماكرون في كتابه "ثورة"، عن وجود "جوانب حضارية" في استعمار الجزائر. وقال "حصل تعذيب، لكن نشأت أيضا دولة وثروة وطبقات وسطى كانت هناك جوانب حضارية وجوانب همجية".وأثناء حديثه حول الاستعمار مع شاب عشريني اعترضه أثناء تجوله في شوارع الجزائر العاصمة، طلب منه ماكرون ألا يكون "سجينا للماضي" وأن "ينظر إلى المستقبل".وقال حينها ماكرون إنه جاء كصديق.وأعلن أنه سيعيد في حال انتخابه رفات 24 مقاتلا جزائريا سقطوا في مواجهة الجيش الفرنسي خلال القرن التاسع عشر وتمّ الاحتفاظ بها في متحف الإنسان بباريس.وتحقّق ذلك في جويلية 2020،واعتبرته الجزائر "خطوة كبيرة".وفي 14 سبتمبر، أحدث إيمانويل ماكرون مفاجئة بزيارته أرملة موريس أودان بعد 61 عاما من مقتل هذا المناضل الشيوعي تحت التعذيب في سن الخامسة والعشرين.وطلب حينها الرئيس الفرنسي "الصفح" من جوزيت أودان (87 عاما)، وقدم لها إقرارا "باسم الجمهورية الفرنسية أن موريس أودان عُذّب ثم قُتل"، وأن وفاته حصلت بسبب "نظام أنشأته فرنسا في الجزائر".ولقي ذلك ترحيبا من اليسار الفرنسي، لكن اعتبرت زعيمة حزب "التجمع الوطني" اليميني مارين لوبان أن "ماكرون أقدم على فعل تقسيمي".وأعلن الرئيس الفرنسي في اليوم ذاته فتح الأرشيف حول المفقودين المدنيين والعسكريين، الفرنسيين والجزائريين، خلال النزاع. وطلبت الجزائر من فرنسا تسليمها "كامل" الأرشيف (1830-1962) الذي تعتبره باريس "غير قابل للتصرف ولايخضع لأحكام سقوط السرية بعد مرور الزمن".بعد أيام من ذلك، منح ماكرون عشرين فردا من الحركى أوسمة وسام جوقة الشرف والاستحقاق. وكان وعد عام 2017 بتكريم هؤلاء المقاتلين الجزائريين الذين خدموا فرنسا قبل أن تتخلى عنهم في ظروف مأسوية.وكتب ماكرون في رسالة تكليف بنجامان ستورا "من المهم أن يُعرف تاريخ حرب الجزائر وينظر إليه بعقل متبصّر. فالأمر ضروري لراحة وصفاء الذين أضرت بهم". ورأى أن الأمر يتعلق أيضا "بمنح شبابنا إمكانية الخروج من النزاعات المتعلقة بالذاكرة".وعاد الرئيس الفرنسي الى الموضوع خلال خطاب له في قائلا "الانعزالية" الإسلامية "تتغذى" في جزء منها من "الصدمات" التي خلفها "الماضي الاستعماري" الفرنسي وحرب الجزائر، معتبرا أنها "تغذي مشاعر الاستياء والمكبوتات".