أعادت الكثير من النساء الماكثات بالبيت تنظيم حياتهن، و قررن دخول عالم الشغل و الاستثمارات الصغيرة، بعد سنوات من التفرغ التام للأشغال المنزلية و تربية الأبناء و تحمل المسؤوليات الأسرية، و تمكنت العديد منهن من تحقيق أحلامهن بعد طول انتظار، فولجن عالم التكوين المهني للاستفادة من تكوين في حرفة أو مهنة، حولنها إلى مشروع استثماري بتمويل من أحد صناديق الدعم التي توفرها الدولة، و منهن من اتخذن من التكوين مجرد هواية أو نشاط لملأ الفراغ فقمن باستغلال ما تعلمنه، لتحسين مهاراتهن كربات بيوت، مثل الخياطة أو تحضير الحلويات لأفراد أسرهن. تشكل السيدات الماكثات بالبيت 30 بالمئة من عدد المنتسبين إلى قطاع التكوين المهني بقسنطينة، فقد زاد إقبالهن على القطاع في السنوات الأخيرة، بعد أن تم إدراج نمط تكويني يتماشى مع نمط حياتهن، خاصة بالنسبة للمرأة الريفية و القاطنات في مناطق الظل عموما، و ذلك من خلال تقريب قطاع التكوين إليهن من خلال أفواج تأهيلية، و تقليص مدة التكوين ليتمكن من العمل و تحقيق الاستقلالية المالية. كما أن 70 بالمئة من المنتسبات لوكالة القرض المصغر بقسنطينة، من الماكثات بالبيت اللائي يبحثن عن سبيل لتمويل مشاريعهن المصغرة، و قد سردت بعض النساء للنصر، قصص نجاحهن بعد سنوات من التقوقع و الانزواء. * رحيمة زناتي مُديرة التكوين المهني قسنطينة المرأة الماكثة بالبيت تشكل 30 بالمئة من منتسبي القطاع أكّدت مديرة التكوين المهني لولاية قسنطينة السيدة رحيمة زناتي في حديثها للنصر، أن النساء الماكثات بالبيت اللائي التحقن بقطاع التكوين المهني بالولاية، يمثلن من 20 إلى 30 بالمئة من المنتسبين للقطاع. كما يتيح هذا القطاع فرصا للتكوين للنساء الماكثات بالبيت، اللائي لا تسمح لهن ظروفهن بالتنقل إلى المراكز، بسبب بعد المسافة أو لانشغالاتهن المختلفة، من خلال فتح أفواج منتدبة في البلديات و القرى، بالتنسيق مع رؤساء البلديات أو الجمعيات، بشكل خاص في مناطق الظل، مشيرة إلى أن المرأة الريفية نالت حصتها من هذا النمط التكويني. و يتيح القطاع تكوينا خاصا بالمرأة الماكثة بالبيت، من خلال دورات مكثفة قصيرة المدى، لا تتجاوز ستة أشهر، تتلاءم مع مستواها التعليمي، بتوفير تكوين تأهيلي و تقديم شهادات تأهيلية، تسمح لها في المستقبل باكتساب حرفة تساعدها على العمل في بيتها أو في ورشة صغيرة، للمساهمة في ميزانية العائلة، و من أكثر التخصصات طلبا، حسب مديرة القطاع، صناعة الألبسة و العجائن و الحلاقة و المبادئ الأولية في الإعلام الآلي. و خصص قطاع التكوين المهني في قسنطينة لرسم الدورة المقبلة في 14 من أكتوبر الجاري، ما عدده 200 منصبا، مقسمة في أفواج عبر تراب الولاية، بينما تحصلت 208 نساء في إطار التكوين التأهيلي على شهادات تأهيلية، بينما تحصلت 289 متربصة من الماكثات بالبيت، على شهادات تأهيلية في شهر جوان الفارط. إثبات الذات بعد سنوات من الفراغ وجدت رميساء بن زغدة ذات 28 ربيعا، في الرسم على الزجاج و صنع قطع الديكور، حلا للهروب من شبح البطالة بعد تخرجها من الجامعة بشهادة ماستر2 هندسة مدنية، و قد صقلت هوايتها في مركز التكوين المهني، لتطرق بعدها أبواب وكالة القرض المصغر بقسنطينة، فوجدت هناك كل التسهيلات، كما قالت للنصر. و أضافت بأنها التقت بالكثيرات ممن وجدن في التكوين المهني و القرض المصغر بديلين عن البقاء في المنزل و دفعهن لتغيير نمط حياتهن، و بعد سنوات ستفتح رميساء محلا خاصا بها لعرض ما تصنعه من قطع الزجاج و الديكور، إضافة إلى الشموع المعطرة. و تحدت من جهتها جنات/ق، صاحبة 52 ربيعا، ظروفها و ارتباطاتها العائلية، لتلتحق بقطاع التكوين المهني، بعد أن أصبحت كهلة، لتعلم أبجديات الخياطة. و في حديثها للنصر قالت جنات أنها أحبت هذه الحرفة منذ نعومة أظافرها، لكن ظروفها حرمتها من تعلمها و ممارستها في سن الشباب، لكنها لم تتخل عن شغفها بالحرفة، لتجد في التكوين المهني الحل لتعلمها وهي اليوم صاحبة محل صغير للخياطة بحي الدقسي عبد السلام، و تخصص دورات تكوينية لربات البيوت لتعلمها، ما ساعدها على تحقيق ذاتها و توفير دخل مادي ، فبعدما كانت تعتمد على زوجها في كل شيء، أصبحت تساعده لإعالة أسرتهما المتكونة من أربعة أفراد. السيدة زليخة /أ، ستينية تحدت الظروف و المجتمع، لتفتح مستثمرتها الخاصة لتربية الأبقار بقسنطينة، و قالت للنصر بهذا الخصوص أن الفراغ الذي أحست به بعدما تزوج جميع أبنائها، جعلها تفكر في طريقة للتغلب عليه، و بما أنها ابنة الريف و تحب تربية الحيوانات، اختارت الالتحاق مركز التكوين المهني و التخصص في هذا المجال، ثم طلبت قرضا لتمويل مشروعها، و هي اليوم صاحبة مشروع ناجح لإنتاج الحليب و مشتقاته. أما أم لؤي، صاحبة 49 عاما، فقد تفرغت لسنوات طويلة لتربية أبنائها الخمسة و السهر على تعليمهم إلى أن تخرجوا من الجامعة و أصبحوا إطارات، و لم تجد سبيلا لقتل شعورها بالفراغ و الخروج من جو الالتزامات العائلية، ، سوى التوجه نحو قطاع التكوين المهني، للاستفادة من تكوين في صناعة الحلويات، كهواية تمارسها من حين لآخر لكسر الروتين و إدخال الفرحة على عائلتها و أقاربها، بما تصنعه من قوالب حلوى تتفنن في تزيينها. * سامي هباش مدير وكالة القرض المصغر قسنطينة 70 بالمئة من أصحاب المشاريع نساء ماكثات بالبيوت أكّد مدير الوكالة الولائية للقرض المصغر بقسنطينة السيد سامي هباش، أن 70 بالمئة من المشاريع الممولة من قبل الوكالة، هي لنساء ماكثات بالبيت، في عدة تخصصات، أغلبها تتعلق بالخياطة التقليدية و صنع الحلويات و الحلي التقليدية و العجائن، إضافة إلى بعض المشاريع الفلاحية المصغرة، كتربية الأرانب و الزراعة الريفية. و تقصد الوكالة نساء ريفيات أخريات من المناطق الحضرية ،و تعمل الوكالة على توفير المرافقة للراغبات في إنشاء مشاريع مصغرة، من خلال تخصيص أبواب مفتوحة للتعريف بالوكالة و العروض التي تقدمها و قوافل و خرجات تحسيسية للتعريف بالجهاز، و شروط الاستفادة منه ، مع تنظيم دورات تكوينية مكثفة. كما يتكفل الجهاز، بالتنسيق مع غرفة الحرف و الصناعات تقليدية، بمنح شهادات لمن تملكن الخبرة، إلى جانب المرافقة أثناء المشروع ، و بعده من خلال المشاركة في المعارض التجارية و التعريف بالمنتجات و التسويق لها عبر الصفحات الرسمية للجهاز و موقعه الرسمي. و توفر الوكالة خدمات غير مالية عبارة عن دورات تكوينية مجانية في التخصصات السالفة الذكر، و عموما أغلب المنتسبين لها نساء ماكثات بالبيت. و تشترط وكالة القرض المصغر في الراغبات في الحصول على قرض مالي، أن يكون سنهن 18 سنة فما فوق ، مع امتلاك الخبرة أو شهادة ، و تتوفر الوكالة على نمطين من الدعم ، النمط الأول موجه للنشاطات الصغيرة، خصوصا المنزلية و تصل قيمته 10 ملايين دج ، و قروض ثلاثية التمويل تصل إلى 100 مليون دج.