نجح أمس، المنتخب الوطني في إحراز الفوز الثاني تواليا له في التصفيات المؤهلة إلى النسخة 34 من نهائيات كأس إفريقيا المقررة في صائفة 2023 بكوت ديفوار، وكان ذلك بالعاصمة التنزانية دار السلام، في إنجاز أعاد الروح المعنوية للنخبة الوطنية، في فترة حرجة جاءت بعد "نكسة" الغياب عن مونديال قطر، لأن هذا الانتصار هو الثاني من نوعه في ظرف 4 أيام، ليضمن الخضر بنسبة كبيرة التواجد في "الكان" للمرة 20، بتعزيز صدارتهم للفوج السادس، بفارق 4 خطوات عن أقرب المنافسين. المباراة سارت في بدايتها على وقع انطلاقة جد حذرة من الجانبين، مع انحصار الصراع على الكرة في حدود الدائرة المركزية، لأن الناخب الوطني بلماضي عمد إلى تعزيز منطقة وسط الميدان، والمراهنة على الدفاع المتقدم، مع السعي للبناء الهجومي انطلاقا من الخلف، والاعتماد على نشاط وناس على مستوى الرواق الأيمن، والقائد سليماني كسلاح وحيد في الهجوم، وخلفه صانع الألعاب بلايلي. الخيارات التكتيكية لبلماضي كانت كافية لامتصاص اندفاع التنزانيين صوب الهجوم، لأن الطريقة التي اعتمد عليها التقني الدانماركي بولسن كانت مبنية بالأساس على القنّاص ساماتا، الذي حاول تركيزه على الجهة اليسرى، أين كان يتواجد بن عيادة، لكن الإستراتيجية الدفاعية للنخبة الوطنية، بتقدم "الجدار" إلى وسط الميدان عزل مهاجمي تنزانيا، وأحبط كل مناورات ساماتا للتخلص من المراقبة، لأن التمريرات في خلف مدافعي "الخضر" لم تكن كافية لصنع فرص حقيقية للتهديف. حسابات الناخب الوطني اختلطت بعد ربع ساعة فقط من بداية اللقاء، إثر الإصابة التي تعرض لها بن دبكة، والتي أجبرته على مغادرة أرضية الميدان، ليكون دخول زرقان اضطراريا، ولو أن هذا التغيير لم يكن له تأثير كبير على خط وسط "الخضر"، الذي حافظ على كامل توازنه، وقد كان الاحتفاظ بالكرة أبرز سلاح لامتصاص اندفاع المنافس، مع كسب المزيد من الثقة في النفس والامكانيات مع مرور الدقائق. ريتم المقابلة تحسن بداية من الدقيقة 31، لأن الثلث الأول كان خاليا من الفرص من الجانبين، وأول تهديد فعلي كان من وناس، الذي تلقى تمريرة ذكية من بلايلي، ليتخلص من المراقبة على الجهة اليمنى، وانفرد بالحارس مانولا، غير أنه فضّل القذف باتجاه المرمى من زاوية مغلقة، ليأتي رد التنزانيين بعد دقيقة فقط، إثر مرتدة سريعة قادها مسوفا على الجهة اليمنى، وختمها بفتحة باتجاه ساماتا، الذي جانبت رأسيته القائم الأيسر لمرمى مبولحي. إيقاع النخبة الوطنية ارتفع في الدقائق الأخيرة من الشوط الأول، وذلك بالتحكم كلية في زمام الأمور على مستوى منطقة وسط الميدان، ولو أن الحكم السوداني محمود علي إسماعيل حرم "الخضر" من ضربة جزاء لا غبار عليها، إثر الدفع الذي تعرض له بن سبعيني داخل منطقة العمليات من المدافع التنزاني نوندو، لكن الوقت بدل الضائع من هذه المرحلة عرف نجاح المنتخب الوطني في الوصول إلى المبتغى، وترجمة تفوقه بهدف السبق، سجله بن سبعيني برأسية محكمة، بعد كرة ثابتة نفذها بلايلي، صوب ماندي، الذي أعاد الكرة إلى منطقة العمليات، ليستغل بن سبعيني وضعيته ويودع الكرة في الركن الأيسر لمرمى مانولا. مع بداية الشوط الثاني أقحم بلماضي المهاجم عمورة بديلا لوناس، بينما راهن مدرب تنزانيا على خدمات كيبو لتفعيل القاطرة الأمامية، ولو أن عمورة صنع بعمل فردي في الدقيقة 56، قدم كرة على طبق لبلايلي، لكن رأسيته جانبت القائم الأيمن لمرمى مانولا، مهدرا فرصة ذهبية لمضاعفة النتيجة، ليأتي بعدها رد أهل الدار عند الدقيقة 61 بصاروخية سددها سلّوم من على مشارف منطقة العمليات، تصدى لها مبولحي ببراعة، منقذا مرماه من هدف محقق. وجسد بلماضي خياراته في المحافظة على النتيجة في الثلث الأخير من عمر اللقاء، وذلك بإقحام توبة لضمان التغطية الدفاعية، وكذا براهيمي لتعزيز خط وسط الميدان، ثم منح الفرصة لبن عياد في أول ظهور رسمي له مع المنتخب، كورقة إضافية في المناورة الهجومية، مع العمل على الاحتفاظ بالكرة أطول فترة ممكنة، مما سمح بامتصاص اندفاع التنزانيين صوب الهجوم، ليكون سلاح المرتدات الهجومية أهم رهان لبلماضي في هذه الفترة، وقد شهدت الدقيقة 88 تخلص عمورة من المراقبة على الجهة اليمنى، ليسدد، إلا أن كرته اصطدمت بالقائم الأيمن لمرمى مانولا، لتعود الكرة إلى براهيمي، الذي فضل تقديمها على طبق لعمورة، الذي سدد بقوة في الزاوية العلوية اليسرى، مسكنا الكرة في الشباك، ليضمن فوز "الخضر" في دار السلام لرابع مرة في تاريخ المواجهات بين المنتخبين.