يعتزم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذهاب بعيدا في سياسة مبادرة اليد الممدودة التي يقترحها، ومسعى «لم الشمل» لمعالجة مخلفات الأزمة السياسية التي عاشتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، وتكون امتدادا لقانوني الرحمة والوئام المدني، عل نحو يسمح بطي صفحة الماضي نهائيا ومعالجة بعض الملفات التي ظلت مفتوحة على غرار ملف السجناء المحكوم عليهم نهائيا. شرع رئيس الجمهورية في رسم معالم «لم الشمل» التي يعتزم المبادرة بها لتسوية مخلفات الأزمة السياسية التي عرفتها البلاد، وغلق الباب نهائيا أمام دعاة الفتة وتجار السياسية، من خلال تدابير تأخذ بعين الاعتبار النتائج المحققة سابقا وتكملتها بتدابير أخرى لمعالجة ملفات ظلت مفتوحة إلى اليوم. وأورد البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية، بمناسبة إصدار عفو عن مناسبة الذكرى الستين لعيد الاستقلال والشباب، التأكيد على تحضير قانون خاص لفائدة المحكوم عليهم نهائيا، وهذا امتدادا لقانوني الرحمة والوئام المدني، وذلك في سياق التدابير التي يتخذها الرئيس من خلال المشاورات مع ممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني. وأفاد بيان الرئاسة بأن الرئيس اتخذ هذا القرار عقب مشاورات أجراها مع ممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني خلال الأساييع القليلة الماضية، وأن القانون الخاص المحكوم عليهم نهائيا، وهم من مناضلي الحزب المحظور ، والذين توبعوا خلال الأزمة الأمنية، وحوكموا في محاكم خاصة قضت إما بالسجن المؤبد أو الإعدام، وظلت تلك الأحكام غير مطبقة، ولم يستفد هؤلاء المساجين، من تدابير قانون السلم والمصالحة الوطنية عام 2005، الذي شمل مساجين ومسلحين. وكان عدد من ممثلي الأحزاب الذين التقوا الرئيس تبون في مشاوراته الأخيرة، قد طرحوا قضية السجناء السياسيين لسنوات التسعينيات، ويقضي هؤلاء سنوات طويلة في السجن تفوق 20 سنة، ونادت عدة أحزاب وجمعيات في السابق بإنهاء معاناتهم وإدراجهم في قانون المصالحة الذي تم بموجبه العفو عن عدد من المنخرطين في تنظيمات إرهابية. ويأتي قرار الرئيس تبون، باتخاذ تدابير تجاه هذه الفئة كتكملة لمسارات بدأت بقانون الرحمة، وصولا إلى المصالحة الوطنية، وذلك استجابة لتلك النداءات التي أطلقها سياسيون و نشطاء للعفو عن السجناء الذين قضوا فترة طويلة، وهي النداءات التي تجددت في الآونة الأخيرة، حيث دعت «حركة البناء الوطني» الرئيس تبون إلى استغلال فرصة عيد الاستقلال والأجواء الوطنية التي تعم البلاد في هذه المناسبة، لاتخاذ خطوة تخص «ترقية المصالحة الوطنية». وكان القيادي في جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف، قد أكد مناقشة الملف، خلال اللقاء مع الرئيس تبون، في إطار المشاورات التي أجراها الرئيس مع قادة أحزاب سياسية، وقال بن خلاف انه رفع الانشغال المتعلق بضرورة إنهاء معاناتهم في السجون بعدما طالت مدة سجنهم، وذكر بن خلاف، بان الرئيس تبون «تعهّد بالسعي لحلّ هذه القضية العالقة لأزيد من 32 سنة نهاية». وتعد هذه المبادرة حلقة جديدة في مسار طي الأزمة السياسية، التي بدأت بقانون الرحمة التي أقرت في عهد الرئيس الأسبق ليامين زروال، وتم استكمالها منذ العام 1999 في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وتعلقت الأولى بوقف العمليات المسلحة، حيث استفاد أزيد من 6500 مسلح من قانون الوئام المدني وسلموا أنفسهم واغلبهم ينتمون للجيش الإسلامي للإنقاذ، وكانت متبوعة بالمصالحة الوطنية التي أقرت تدابير عفو وأخرى تتعلق بمنح عفو للمسلحين باستثناء المشاركين في مجازر جماعية أو تفجيرات في الإمكان العامة. ولقيت مبادرة «لم الشمل» التي أطلقها الرئيس دعما سياسيا ، كما دعا رئيس الأركان الفريق أول سعيد شنقريحة، إلى الاستجابة إلى «اليد الممدودة» باعتبارها «تنمّ بحق عن الإرادة السياسية الصادقة للسلطات العليا للبلاد، من أجل لمّ الشمل واستجماع القوى الوطنية».