تسعة من فلاحيها ضمن .. الخمسين الكبار تقرير / محمد بن دادة حقق تسعة فلاحين بولاية تبسة معدلات إنتاج في مادة القمح تفوق ما تجود به أفضل السهول الهضابية والساحلية بضعفين إلى ثلاثة أضعاف . وبذلك فإن هذه النخبة من فلاحي تبسة تشكل تقريبا ربع عدد أفضل المحترفين في إنتاج القمح بالجزائر الذين تجاوزوا معدل إنتاج 50 قنطارا في الهكتار وهم من يطلق عليهم إسم نادي الخمسين . ونادي الخمسين( كما يسمى في الجزائر ) بدأ ب 16 فلاحا فقط في الموسم الفلاحي 2009/2010 . العدد بلغ خلال الموسم الماضي 40 فلاحا استطاعوا الوصول أو تجاوزوا عتبة معدل 50 قنطارا في الهكتار باعتبار التسعة ومن ولاية تبسة وحدها . واحتل السيد سالمي عبد الكريم الرتبة الأولى على المستوى الوطني بتحقيقه معدل إنتاج قياسي بلغ 85 قنطارا في الهكتار بمنطقة المرموثية. وقد استطاع سبعة من بين هؤلاء التسعة أن يتجاوزوا معدل 50 قنطارا في الهكتار. وكلهم بجنوب الولاية ما عدا فلاحا واحدا بشمالها بمنطقة الشريعة وهو السيد دقايشية ساعي . نقرين تقلب موازين التضاريس والمألوف هذه الأرقام القياسية في انتاج القمح أغلبها تحقق في دائرة نقرين التي تضم بلديتين ( نقرين والمرموثية ) . ومنطقة ( فركان وجارش) ، وكلها بالمنطقة الصحراوية الجنوبية لولاية تبسة . رئيس غرفة الفلاحة بتبسة السيد سلطاني مصطفى أوضح أن هذه المنطقة وقبل أن تستغل في زراعة القمح لا أحد كان يتصور أنها ستعطي كل هذا الإنتاج الوفير الذي أدهش الفلاحين أولا ثم كل الذين لم يتوقعوا تحقيق هذه الأرقام القياسية . إنها حقيقة مدهشة كما علق باعجاب . ومضى يقول إنه في الوقت الذي يحلم به فلاحو المنطقة التلية و الهضاب بتحقيق معدل يتجاوز قليلا المعدل الوطني الذي يدور حول 13 قنطارا في الهكتار، تحطم المناطق الصحراوية كل الأرقام القياسية في تاريخ الجزائر. هذا الوضع شجع إدارة القطاع الفلاحي بتبسة على المضي في طريق توسيع المساحات المستصلحة المسقية فأدرجت حسب مدير المصالح الفلاحية السيد العربي مزياني مشروعا لاستصلاح ما بين 50 إلى 70 ألف هكتار توجد في مرحلة الدراسة. ويمكن تصور النتائج التي ستحققها شعبة إنتاج الحبوب بتبسة في حالة تحقيق هذا المشروع مع المحافظة على معدلات الإنتاج الحالية. وهو أمر في متناول الفلاحين و الشباب الذين تعتزم مديرية الفلاحة توزيع تلك الأراضي عليهم لأن عوامل النجاح كما قال ذات المسؤول متوفرة والأدلة قدمها الفلاحون الحاليون فالأرض معطاء ولم يبق سوى توفير عاملين إثنين وهما مياه السقي بالإعتماد على المخزونات الباطنية العميقة و مد شبكة الكهرباء الفلاحية بالقوة الكافية لكل الآبار وهو ما تعمل الدراسة على تحديد معالمه. التقنيات العصرية والسقي المنظم .. سر النجاح يجمع كل من له علاقة بقطاع الفلاحة بولاية تبسة أن سر الوصول إلى تحقيق معدلات مردودية مرتفعة يكمن في ممارسة العمل باحترافية أي احترام المسار التقني الفلاحي في جميع مراحله وفق الطرق العلمية التي بثتها مديرية القطاع والغرفة الفلاحية في أوساط الفلاحين الذين اقتنعوا بجدوى العمل وفق الطرق العصرية بعدما لاحظوا النتائج الباهرة عندما يطبقون كل العمليات المطلوبة لا سيما تحضير التربة و الحرث العميق و التسميد و محاربة الأعشاب الضارة و المعالجة السريعة لنبتات الحبوب أثناء نموها عند ملاحظة تعرضها لأي مرض . و أشار الفلاحون إلى أن زميلهم الذي وصل إلى تحقيق مردودية 85 قنطارا في الهكتار بالإضافة إلى إنجاز كل عمليات المسار التقني بعناية قام بتحليل للتربة مما ساعده على معرفة الكميات التي تحتاجها أرضه بدقة من الأسمدة و الأدوية فضلا عن اختياره صنفا مناسبا من البذور يسمى “ سيميطو” جلبه من معهد الخروب باعتباره فلاحا يعمل مثلهم في برنامج المعهد لتكثيف البذور. كما تساهم وفرة المياه المستخرجة من آبار عميقة على ضمان السقي بانتظام لأن المنطقة جافة ولا يمكن أن تعتمد على مياه الأمطار. السلبية المسجلة فيما يخص السقي هي استعمال الطريقة التقليدية و لم يتم حتى الآن الإنتقال إلى الرش المحوري الذي يمكن من اقتصاد الماء وإعطاء النبات ما يلزمه من هذا العنصر بدقة. وذكر مدير الفلاحة بالولاية أن المديرية قامت بما يلزم من عمل تحسيسي حول أهمية السقي بالرش المحوري حيث استقدمت خبراء من المعهد الوطني للسقي والتطهير ونشطوا أياما إرشادية حول الطرق الإقتصادية و الحديثة في السقي بنقرين . لكن الفلاحين كما قال لم يبادروا حتى الآن بترك السقي التقليدي. نقص الكهرباء أكبر مشكلة للفلاحين إجابة الفلاحين الذين التقتهم النصر بمقر الغرفة الفلاحية بتبسة ، بلورت أن المشكل الأساسي الذي يحول دون استعمال السقي الحديث هو ضعف التيار الكهربائي الذي يتسبب في تلف المضخات وسعر الواحدة منها يصل إلى 12 مليون سنتيم فإذا تعطلت مرة بسبب ضعف التيار وتم إصلاحها تصبح كما قالوا عرضة لتعطلات متكررة مما يكبدهم خسائر فادحة ماديا إضافة إلى ضياع وقت ثمين في عالم الفلاحة مثلما هو معلوم . وتعود مشكلة الكهرباء هذه حسب المتدخلين إلى أنها كانت في البداية موجهة للإنارة الريفية لكن مع تكاثر عدد الآبار أصبحت شدة التيار غير كافية مما يجعلهم يبحثون عن الأوقات التي يقل فيها استهلاك الكهرباء لتشغيل المضخات وهي الأخرى متعبة وأصبحت عديمة الجدوى عندما لجأ إليها عدد كبير من الفلاحين . نقرين تنتظر الاستفادة من دعم الكهرباء ؟ أثار الفلاحون مشكلة حرمانهم من الدعم الذي تقدمه الدولة لصالح فلاحي المناطق الصحراوية في مجال سعر الكهرباء الفلاحية. وفي هذا الشأن ذكروا أنهم رغم مجاورتهم في نقرين لولاية الوادي إلا أن فلاحي هذه الأخيرة يحصلون على تخفيض بنسبة 50 بالمائة من فاتورة الكهرباء فيما هم محرومون منه ؟ فمتى كانت الحدود الإدارية سببا في هذه التفرقة مثلما تساءلوا؟ مساعي تسوية هذا المشكل مع المسؤولين بولاية الوادي أي كيفية تقديم دعم الكهرباء الفلاحية اصطدمت بعدم توفر السند القانوني للعقار الفلاحي حتى يتم الدعم كما يوضح رئيس الغرفة . وأضاف ، أن 98 بالمائة من العقار الفلاحي بتبسة هي أملاك خاصة للدولة ( أو ما يعرف بأراضي عرش) وبالتالي فالأمر يحتاج أولا لتحديد مساحة العقار التي يستغلها كل فرد في إطار قانون الإمتياز وبعد هذه العملية يصبح الفلاح له سند قانوني ويحصل على الدعم الذي يسمح به القانون مثل بقية المستفيدين في الجزائر. لكن الفلاحين أصروا على أن زملاءهم في ولاية الوادي في نفس وضعيتهم فيما يتعلق بالجانب العقاري و مع هذا يحصلون على الدعم، لهذا فهم يطالبون بالبحث عن الصيغة التي اعتمدت في ولاية الوادي لتطبيقها في ولاية تبسة في انتظار تنفيذ صيغة حق الإمتياز. وأضافوا أن الوضع الحالي يحرمهم كذلك من الدعم المقدم في إطار الحرث العميق على كل المساحة المستغلة والذي يقدر بمليون سنتيم عن كل هكتار إضافة إلى الحق في الحصول على كمية المازوت المتناسبة مع نفس المساحة كذلك ، خاصة و أن الكثير من الفلاحين توسعوا في المساحات المستغلة ولم يتوقفوا عند المساحات التي تعرف إدارة القطاع استغلالهم لها . و بالتالي فهم يطالبون بتقديم الدعم على أساس المساحة الحقيقية التي يستغلها الفلاح . و بإمكان الإدارة التأكد من ذلك بالمراقبة الميدانية. فلاحو تبسة يثمنون دعم الدولة و ما دمنا نتحدث عن دعم الدولة فقد اعترف الفلاحون بأنه يعد العامل الأول الذي مكنهم من تحقيق النتائج التي جعلتهم في الريادة على المستوى الوطني . و نوهوا بصفة خاصة بالعلاقة الجيدة التي تربطهم بتعاونية الحبوب و البقول الجافة التي تمول و تمون موسمهم الفلاحي من البداية إلى النهاية أي إلى أن تتم حملة الحصاد فيسددون ديونهم تجاهها. تعد ولاية تبسة حسب تقييم وزارة الفلاحة الأولى وطنيا في تحسيس و إرشاد الفلاحين و الثالثة فيما يخص تحقيق عقود النجاعة. وحقق الفلاح مناس عبد السلام منتوجا قدره 12 ألف قنطارا وتحصل على الجائزة الوطنية الأولى في التسميد من طرف مؤسسة “ فرتيال” إنشاء محطة لمعالجة البذور بتبسة هي الحل بلغ عدد الفلاحين المشاركين في برنامج تكثيف البذور من ولاية تبسة 24 فلاحا . إلا أن الذين حصلوا منهم على منحة التكثيف لم يزد على إثنين فقط و السبب في نظر الفلاحين هو تعسف مخبر باتنة الذي حرمهم كما قالوا من هذه المنحة التي تصل حتى 1500 دينار للقنطار رغم أن المحصول تمت معاينته من طرف مصنف تعاونية الحبوب و البقول الجافة بتبسة و التأكد من سلامته قبل نقله إلى باتنة. ليتساءلوا كيف تكون البذور جيدة ثم تصبح غير ذلك بباتنة ؟ و بالتالي فهم يطالبون بضرورة إنشاء محطة لمعالجة البذور بولاية تبسة. و هو نفس المطلب الذي دعا إليه مدير التعاونية بتبسة السيد نور الدين نصيب لكن من منظور تقريب العمل وليس من منظور التشكيك في تقديرات محطتي باتنة أو الخروب و قدم توضيحات عن مراحل مراقبة البذور المكثفة وهي عملية صارمة مثلما يعرف أهل الإختصاص من أجل المحافظة على سلامة البذور التي توزع من أجل تكثيفها على نخبة الفلاحين قبل أن تصبح في متناول عموم الفلاحين. فذكر مبدئيا أن عدم وجود محطة لمعالجة البذور بتبسة يجعل البذور التي تأتي من ولايات أخرى غير مراقبة في تبسة ويتم تسليمها مباشرة للفلاحين لأنها تأتي جاهزة للبذر ولا تتصرف فيها تعاونية تبسة ثم بعد أن يزرعها الفلاح حسب برنامج التكثيف وتنمو النبتة يتم تصنيفها الأولي في الحقل من طرف المركز الوطني لتأشير البذور بالخروب فإذا اكتشف وجود خلط في البذور أو يجد أن الفلاح لم يعالج أو لم ينزع الأعشاب الضارة أو وجد نبات آخر في الحقل .. فإنه يرفض الحقل ويخبر الفلاح بسبب الرفض و بالتالي يحرمه من منحة التكثيف. أما إذا وجد الحقل سليما فإنه يمنحه شهادة قبول مؤقتة تؤكد أنه اجتاز التصنيف الأولي بنجاح. وبعد عملية الحصاد توجه البذور في أكياس تحمل إسم صاحبها إلى محطتي باتنة أو عين مليلة أين يتم أخذ عينة صغيرة من هذه البذور بوزن 2 كلغ و ترسل إلى المركز الوطني لتأشير البذور بالخروب باسم المنتج أين يتم التصنيف النهائي باسم كل منتج مع قرار مقبول أو مرفوض وفي حالة الرفض يذكر الأسباب ويرسلها إلى باتنة وبناء على هذه النتيجة يتقرر منح أو حرمان المنتج من منحة التكثيف. وبناء على هذه الإجراءات كانت قرارات الرفض المذكور حسب نفس المسؤول بالنسبة ل 12 فلاحا مبنية على المعاينة الأولية في الحقل و 10 فلاحين بعد التحليل المخبري في الخروب الذي أرجع السبب إلى وجود أعشاب ضارة وخلط في النوعية من المورد الأصلي ولم يقبل سوى منتوج فلاحين إثنين من ولاية تبسة. ويذكر أن عينة صغيرة تقتطع من إنتاج الفلاح يتم تشميعها وتبقى عنده حيث يكون بالإمكان الرجوع إليها عند الحاجة. والمشكلة التي يطرحها الفلاحون هي ما ذنبهم إذا كان فيه خلط في البذور من المورد الأصلي وكيف يحرمون من منحة التكثيف رغم مصاريف الأعباء الإضافية التي تحملوها على أمل الحصول على هذه المنحة ؟ و لهذا فهم يلحون على ضرورة وجود محطة معالجة البذور بتبسة حتى تكون مسؤولية كل طرف محددة. تهريب المازوت ..عرقلة أخرى للفلاحين أكد الفلاحون أن ظاهرة تهريب المازوت إلى تونس خلقت لهم مشاكل عويصة في التزود بهذه المادة رغم الجهود التي بذلتها مديرية الفلاحة والغرفة الفلاحية و تعليمات والي الولاية لنفطال بتزويد الفلاحين بحاجتهم من هذه المادة. وقد تطلب الأمر من الإدارة اعتماد بطاقة احتياجات خاصة بكل فلاح حسب نشاطه يحصل بموجبها على حصة من المازوت في حدود 200 لتر في المتوسط أسبوعيا. لكن مع هذا يحصل أحيانا أن يتنقل الفلاح من منطقته الفلاحية إلى محطة المحروقات الموجودة بنقرين مسافة تتراوح ما بين 40 و 50 كلم حسب أرض كل فلاح ثم لا يجد المازوت بسبب عدم دقة مواعيد التسليم وهذا كله يعتبر أعباء إضافية يتحملها الفلاح فضلا عن ضياع الوقت. كما خلقت ظاهرة التهريب مشكلة أخرى للفلاحين وهي ندرة اليد العاملة لأنهم مهما كانت الأجور التي يقدمونها للعمال لا يستطيعون منافسة المهربين وهو أمر يدعو حسب بعض الآراء إلى المطالبة باستيراد اليد العاملة حتى وإن كان هذا الطلب غريبا في الجزائر التي يشكو شبابها من البطالة . وهي بطالة اختيارية في نظرهم لا تجبر صاحبها على قبول العمل المتاح المناسب لمؤهلاته. في نفس السياق يقول الفلاح مسعي عمارة بنقرين و بئر مقدم أن الفلاح يمرض إذا مرض له العامل لأنه لا يجد له البديل رغم ضمان أكله ونقله وأجرة تصل حتى 20 ألف دينار شهريا ومدة العمل لا تزيد في الغالب عن أربع ساعات و حتى بالنسبة للعمل الموسمي فهو يقدم ألف دينار يوميا من أجل العمل في الأشجار ويجد صعوبة كبيرة في إيجاد عمال و ذكر أن سبب نقص اليد العاملة بتبسة بالإضافة إلى ظاهرة التهريب تعود إلى كف شباب ولاية الوادي عن التنقل إلى ولاية تبسة بعدما ازدهر عندهم نشاط فلاحة البطاطا وهي بدورها تتطلب يد عاملة مكثفة.