* استرجاع 20 مليار دولار من ناهبي المال العام تواصلت جهود الجزائر طيلة العام 2022، لمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، مع استمرار العدالة في متابعة كل الضالعين في قضايا نهب المال العام، بالموازاة مع استمرار مساعي استعادة الأموال المنهوبة داخل وخارج الوطن، حيث تم استرجاع 20 مليار دولار، من الأموال والأملاك والعقارات المصادرة والممتلكات المحجوزة، كما أبدت عدة دول أوروبية استعدادها للتعاون مع الجزائر بشأن الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج. شهدت سنة 2022، معالجة عشرات القضايا المرتبطة بالفساد ونهب المال العام، ما يؤكد رغبة السلطات العليا في البلاد وإصرارها على مواصلة حربها ضد الفساد ومعالجة التركة الثقيلة التي خلفتها سنوات من التسيير العشوائي والنهب الممنهج للمال العام وإبرام الصفقات خارج الأطر القانونية، ومنها للمقربين على حساب الجدوى الاقتصادية. و واصل القضاء إلى أواخر شهر ديسمبر في معالجة القضايا المتعلقة بالفساد ونهب الأموال العمومية، وطالت أخر الإدانات التي صدرت عن العدالة، الرئيس المدير العام السابق لمجمع سوناطراك، عبد المؤمن ولد قدور، بعقوبة 10 سنوات حبسا نافذا وغرامة بمليون دينار لمتابعته بتهم ذات صلة بالفساد خلال إبرام صفقة اقتناء مصفاة «أوغيستا». وكذا وزير المالية السابق محمد لوكال ب 7 سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية بمليون دج لمتابعته بتهم ذات صلة بالفساد حين كان يشغل منصب الرئيس المدير العام لبنك الجزائر الخارجي. كما أدان مجلس قضاء الجزائر، الأمين العام السابق للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي سعيد، بعقوبة 8 سنوات حبسا نافذا لمتابعته رفقة أبنائه بتهم ذات صلة بالفساد، لاسيما تحريض موظفين عمومين على استغلال النفوذ وتبييض أموال ناتجة عن الفساد.وبالموازاة مع المعركة القضائية، خاضت الحكومة معركة إجرائية لحصر الأموال الجزائرية التي جرى تهريبها إلى الخارج، بغرض استرجاعها، ومباشرة جميع الإجراءات القضائية لتحديد الأملاك التي تم شراؤها بهذه الأموال للحجز عليها لصالح الجزائر. وكشف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن قيمة الأموال والممتلكات المنهوبة التي تمكنت السلطات من استرجاعها، بلغت 20 مليار دولار، وأكد استمرار الجهود لاسترجاع عقارات وأموال مهربة كانت مودعة في حسابات رجال أعمال ومسؤولين في بنوك في الخارج. ورفض الرئيس تبون بصورة قطعية دعاوى كانت أطلقتها أحزاب سياسية، بشأن مصالحة اقتصادية، تسمح بالتصالح مع ناهبي المال العام مقابل استرجاعهم للأموال المنهوبة، وأكد أن «الأخلاق لا تسمح بذلك»، مشيرا إلى أن «هناك حيلا اكتشفت بعد 3 سنوات لإخفاء العائدات والممتلكات، فقد اكتشفنا لدى أحدهم مئات السيارات الفخمة».وقدم وزير العدل حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي، تفاصيل الأملاك والأموال التي تم استرجاعها، حيث تمكنت الحكومة من استرداد 211 فيلّا، و281 بناية في طور الإنجاز،21 عقاراً سياحياً، 596 محلاً تجارياً، 229 عقاراً فلاحياً، 23774 ملكية منقولة كطائرات خاصة وسفن استجمام، بواخر نقل سلع، و40203 مركبات بين شاحنات وحافلات، إضافة إلى 821 سيارة تجارية، 1330 آلة خاصة في الأشغال العامة، 236 عتاداً زراعياً، 7000 سيارة فاخرة، وحجز أموال في 6447 حساباً مصرفياً، إضافة إلى شركات خاصة بتسيير قنوات تلفزيونية». وقال الوزير أن عملية استرجاع الأموال المنهوبة متواصلة، داخلياً وخارجياً بفضل تجاوب دول أوروبية مع الجهود الجزائرية. وهو ما أكده في وقت سابق، الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمن، الذي أوضح، أن الدولة عازمة على استرجاع الأموال المنهوبة بتجنيد الثقل الدبلوماسي، ووضع مقاربة شاملة للتكفل بالملف وآلية تنسيق على مستوى عالٍ، مع الدول التي حولت إليها الأموال ضمن اتفاق الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، وفي إطار منظمات دولية متخصصة لتتبع الأملاك وتحديد أماكنها. وقد وجهت الحكومة تعليمات صارمة للممثليات الدبلوماسية في الخارج من أجل تتبع مسار الإنابات القضائية المتعلقة باسترداد الأموال المنهوبة، إذ ذكرت جهات محلية أنه تم تجنيد السفراء عبر عديد من الدول منها 11 دولة صنفت ك»جنات ضريبية» لتحقيق المهمة، وقوبل المسعى الجزائري باستعداد أوروبي للتعاون مع الجزائر بشأن أموال منهوبة، كان قد هرّبها عدد من المسؤولين ورجال أعمال خلال العقدين الماضيين.وكانت الجزائر قد أوفدت إنابات قضائية إلى عدة دول، بينها فرنسا وإسبانيا وسويسرا وبلجيكا، كان مسؤولون ورجال أعمال قد هربوا أموالا إليها، واشتروا عقارات وأملاكا هناك، لطلب التعاون لتحديد واستعادة الأملاك من عائدات الأموال المهربة، كما تم إيفاد وزير العدل عبد الرشيد طبي الذي زار دولا كفرنسا وإسبانيا ولبنان والإمارات، حيث تم تحيين سلسلة من اتفاقات التعاون القضائي بين البلدين، بما يسمح لها بمباشرة طلبات لإعادة أموال منهوبة، وكذا السعي لتسليم مسؤولين متهمين في قضايا الفساد، في حالة الفرار، على غرار وزير الصناعة الجزائري الأسبق عبد السلام بوشوارب. وقالت الحكومة في بيان السياسة العامة، إنه تم في إطار استرداد الأموال المنهوبة إطلاق 219 إنابة قضائية دولية تخص ودائع وأملاك شخصيات سياسية ورجال أعمال ومسؤولين من النظام السابق، تم تنفيذ 43 منها فيما تجري معالجة 156 إنابة من طرف السلطات القضائية الأجنبية. كما تحدثت الحكومة عن إبرام عدة اتفاقات دولية لاستعادة الأموال المهربة إلى الخارج، منها اتفاق التعاون مع الوكالة الأوروبية للتعاون القضائي في المجال الجنائي، وإطلاق إنابات قضائية دولية جديدة لتحديد وحجز ومصادرة الأموال المنهوبة بالخارج، وتشكيل لجنة متخصصين مكلفة بتسيير ملف استرداد هذه الأموال، بالتنسيق مع الممثليات الدبلوماسية في الخارج.