دعا، أمس الأربعاء، المشاركون في أشغال الملتقى الوطني الموسوم ب «الأمازيغية في ظل مقومات الأمة و الأمن الهوياتي و السلامة الترابية و الوحدة الوطنية» بتلمسان، إلى ضرورة تبني استراتيجية وطنية لمحاربة خطاب الكراهية بغية تعزيز الثوابت الوطنية لتكون بمثابة جدار واق ورادع لكل مساس بالثلاثية الدستورية :الإسلام، العربية والأمازيغية. وشدد الباحثون و الأكاديميون والخبراء، في مخرجات الملتقى المنظم من طرف المحافظة السامية للأمازيغية، على ضرورة تعزيز المنظومة التشريعية و النظر في سبل إرساء برنامج وقائي و استباقي على غرار تبني مبادرات فاعلة لمحاربة الدعاية المغرضة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في سبيل خدمة مصالح الدولة الجزائرية و تقوية الجبهة الداخلية. وإضافة إلى ذلك تضمنت ذات التوصيات، التي قرأها الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية سي الهاشمي عصاد، التأكيد على أهمية توسيع دائرة الشراكة بين كل مؤسسات الجمهورية التي تعمل في سياق بناء تصور شامل يخدم مقومات الهوية الوطنية بكل تنوعاتها اللسانية والثقافية لا سيما باللغتين الوطنيتين. يجب تشجيع الاهتمام بموضوع الأمن الهوياتي الوطني وتمت الدعوة في ذات السياق إلى تشجيع الاهتمام بموضوع الأمن الهوياتي الوطني كمحور بحث و تخصص علمي في مختلف المخابر المتواجدة عبر العديد من المؤسسات الجامعية عبر الوطن. كما تم تجديد الدعوة إلى إعادة النظر في صيغة التعامل مع مادة اللغة الأمازيغية في إطار منظومة التربية الوطنية واعتبارها مادة من مواد الهوية الوطنية التي تساهم في بناء صرح الوحدة الوطنية والمواطنة في المدرسة. وكان الخبراء والباحثون والأكاديميون قد أكدوا في المداخلات التي تم تقديمها في الملتقى المنظم بشراكة مع المجلس الاقتصادي، الاجتماعي والبيئي، و وزارة الثقافة و الفنون و جامعة أبو بكر بلقايد، في مركز الدراسات الأندلسية، بعاصمة الزيانيين تلمسان، على أهمية تعميم تعليم واستخدام اللغة الأمازيغية، وإخراجها من دائرة الخصوصية الجهوية إلى لغة كل الجزائريين مثلها مثل اللغة العربية ‹›التي تم اكتسابها بالممارسة اليومية ومن خلال التعليم العام المجاني والإلزامي››. وفي هذا الصدد أوضح مدير التعليم والبحث في المحافظة السامية للأمازيغية، بوجمعة إيزري، خلال افتتاح أشغال الملتقى على أهمية النأي بالتعدد اللغوي والتنوع الثقافي في الجزائر عن الأيديولوجيات الضيقة والأنانية، حتى يستجيبان لرغبات كل فئات المجتمع، مبرزا أهمية ترسيخ الأمن الهوياتي على الجبهات الاجتماعية والتربوية والسياسية بتدعيمه بثقافة التسامح والحوار والعيش معا. ولفت المتحدث إلى أن المجتمع الجزائري، تعرّض خلال السنوات الأخيرة جراء كثافة وسائل الإعلام، لموجات من الدعايات والإشاعات المغرضة التي قال أنها أصبحت خبيثة، وغالبًا ما تنتج عنها توترات قائمة على خطابات العنف والكراهية، مما يؤجج سوء التفاهم ويثير النعرات.و أكد المتحدث على أهمية مساهمة المنظومة التربوية والثقافية والرياضية والاتصالية بتقاطعها الايجابي بين ديناميكية العنصر الوطني والعنصر المحلي بين العام والخاص، في صقل الماهية الجزائرية، وكذا الأخلاق العامة التي تساهم في تنظيم العلاقات والتبادلات بين المواطنين في هدوء تام، بما يضمن الأمن الهوياتي كنتيجة طبيعية للقيم الاجتماعية المشتركة والمتواجدة في مجتمعنا منذ القدم. وفي ذات السياق دعا إيزري إلى تمديد مفهوم الدفاع الوطني إلى مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية من حيث فك رموز آليات طرائق وضع الدعايات والإشاعات المستمدة من الشبكات الاجتماعية والتي تستهدف زرع أنواع مختلفة من الاضطرابات في الأطر المرجعية للهوية الجزائرية، الأرض، التاريخ السياسي والعسكري اللغات والثقافات المحلية والأسماء الفردية والجماعية. من جهته طرح الأستاذ الدكتور فريد برمضان من جامعة بومرداس مسألة الأمن الهوياتي والعوامل والعناصر المعززة له، و'' التهديدات'' التي تواجهه. كما أثارت الدكتورة، فضيلة شبابحة، أستاذة العلوم السياسية بجامعة المسيلة، ''مفهوم الوحدة الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، ومن ثم اكتشاف مدى تفاعل وتأثر الوحدة الوطنية بالمسألة الأمازيغية الجزائرية، مؤكدة على أهمية التنوع والتعدد اللغوي في تمتين الوحدة الوطنية في الجزائر باعتبار أنّ الأمازيغية إحدى مكونات الهوية الوطنية. وخصص الباحث في التاريخ والتراث الأمازيغي، محمد أرزقي فراد، محاضرته للتطرق لتعاطي الحركة الإصلاحية الفكرية مع تاريخ الجزائر مؤكدا نجاحها في تبني المكوٍّنين الأمازيغي والعربي والاعتزاز بهما في إطار تكاملي، لسد الطريق أمام مخطط الاستعمار الفرنسي الضارب على أوتار العرقية قصد تشتيت صف الجزائريين إلى بربر وعرب. وأسهب كل من الدكتور الحاج أوحمنة ذواق، الأستاذ المحاضر بجامعة باتنة، والبروفيسور محمد زردومي من جامعة الجزائر، في إبراز أهمية دور المجتمع في بناء الأمن الهوياتي، مبرزين أهمية الأمن الهوياتي كمطلب إنساني طبيعي وبيولوجي. وتعرضت الأستاذة نادية سعدي، من جامعة الجزائر 2 ، إلى مسألة التعدد اللغوي في تكريس الهوية والوحدة الوطنية. وأسهب الإعلامي والباحث نبيل صحراوي، في إبراز الدور الذي لعبته الإذاعة الجزائرية في إبراز البعد الأمازيغي في الوطنية.