دعا خبراء ومحلّلون اقتصاديون، جميع المتدخلين في القطاع الفلاحي والقطاعات ذات الصلة إلى تنفيذ حزمة التوصيات التي توّجت الجلسات الوطنية للفلاحة التي اختتمت أشغالها، مساء أول أمس الثلاثاء، بالجزائر العاصمة، سيما ما تعلق منها باعتماد الرقمنة في تسيير القطاع الفلاحي وتوسيع المساحات المسقية وتسوية العقار، وتوفير مدخلات الإنتاج ومختلف شروط النهوض بهذا القطاع، سعيا لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتوجات الفلاحية، في آفاق السنتين المقبلتين وضمان الأمن الغذائي للجزائريين. وأكد الخبراء والمحللون الاقتصاديون الذين اتصلت بهم النصر أمس، أن الجزائر تتوفر على كل المؤهلات والقدرات الكفيلة بترقية الشعب الفلاحية الاستراتيجية والتوجه بالتالي نحو التقليص التدريجي من حجم الواردات المرتبطة بسلة الغذاء، و تصدير الفائض. وأشاد الخبير الفلاحي لعلى بوخالفة بما وصفه بالخطوات العملاقة التي حققتها الجزائر في مجال تحقيق الأمن الغذائي بفضل ارتفاع حجم مساهمة قطاع الفلاحة في الناتج المحلي الخام بنسبة 14.6 بالمائة، ليحتل بذلك قطاع الفلاحة المرتبة الثانية في الاقتصاد الوطني. وسجل بوخالفة في تصريح للنصر الوفرة الكبيرة في مختلف المنتوجات الفلاحية في السوق الوطنية ، ودعا إلى السعي لتوفير كل الشروط الكفيلة بدعم وترقية الشعب الفلاحية التي ما يزال إنتاجها غير كاف لتلبية حجم الطلب الوطني المتزايد ، على غرار شعبة الحبوب وشعبة الحليب وشعبة اللحوم الحمراء إضافة إلى الزيوت والسكر، مبرزا بأن استيراد الحبوب ما يزال يكلف الخزينة العمومية 10 ملايين دولار والحليب بين 700 مليون دولار ومليار دولار. و بعد أن أشار إلى أن حجم الإنتاج السنوي للجزائر من الحبوب يبلغ ما بين 30 و 40 مليون قنطار مقابل حجم استهلاك ب 90 مليون قنطار، أعرب الخبير الفلاحي لعلى بوخالفة عن يقينه بأن الجزائر قادرة على تدارك العجز في هذا المنتوج الاستراتيجي في الصحراء الجزائرية التي تتوفر على مساحات شاسعة، صالحة للزراعة إلى جانب توفر المنطقة على مياه جوفية، مبرزا بأن الأمر لا يتطلب سوى تهيئة المسالك لتسهيل التنقل إليها وتوفير الطاقة، سيما الطاقة الشمسية، واستخراج المياه، وقال إن الأراضي الزراعية الشاسعة في جنوب البلاد كفيلة في ظل توفر المياه على تحقيق حجم إنتاج يصل إلى 80 قنطارا في الهكتار الواحد، مؤكدا بأن الأمر يتطلب الشروط الضرورية من تنظيم ومتابعة ميدانية وخطط استراتيجية. وبخصوص شعبة اللحوم أكد المتحدث وجود إرادة واضحة لدى السلطات العمومية لتطويرها وهي الإرادة التي عبر عنها رئيس الجمهورية الذي دعا " إذا تحتم الأمر " من أجل تطوير هذه الشعبة – كما قال – إلى استيراد سلالات جديدة من الأغنام لتدعيم السلالتين الشهيرتين في الجزائر وهما سلالة أولاد جلال والسلالة الحمراء، مبرزا بأن الرئيس تبون قدم كل التسهيلات لتطوير مختلف الشعب سعيا لتحقيق الاكتفاء الذاتي. وأكد بوخالفة بأن تحقيق الأهداف والطموحات في مجال تحقيق الاكتفاء الذاتي كفيل بالحرص على تنفيذ كل مخرجات الجلسات الوطنية للفلاحة، وقال بأن الكرة اليوم في مرمى المستثمرين و الفلاحين والمنظمات المهنية والغرف الفلاحية والاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، وعليهم – يضيف – أن يشمروا على سواعدهم بعد أن قدم رئيس الجمهورية كل التسهيلات سواء المتعلقة باستيراد الحبوب أو بدعم الأسمدة و كذا استيراد العتاد الفلاحي وخاصة الجرّارات وكل ما يتطلبه النشاط الفلاحي، والتزامه برفع كل العراقيل المعيقة. وشدد الخبير على ضرورة الالتزام بتعميم مساعي الرقمنة داخل القطاع الفلاحي باعتباره أحد الأدوات الرئيسية في التحكم في البيانات و عصرنة وسائل الإنتاج وبالتالي تنمية الشعب الاستراتيجية. دعوة لإنشاء مرصد وطني للأمن الغذائي من جهته أكد الخبير الفلاحي أحمد مالحة ضرورة رقمنة قطاع الفلاحة باعتبار غياب الإحصائيات الحقيقية عن المؤهلات و قدرات حجم الإنتاج لا يمكن من بناء خطة استراتيجية لتحقيق الأهداف ومرامي إصلاح قطاع الفلاحة التي تعد حلقة أساسية في تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي. كما أكد أحمد ملحة ضرورة إنشاء أقطاب فلاحية، خاصة تلك المتعلقة بإنتاج الحبوب من أجل تحقيق الأمن الغذائي المستدام، كما أعرب عن يقينه بأن الوقت قد حان " لإنشاء المرصد الوطني للأمن الغذائي"، مقترحا أن تكون رئاسة الجمهورية هي الجهة الوصية على هذه الهيئة، وأن تتوسع عضويتها لوزارة الفلاحة وكل القطاعات ذات الصلة على غرار الأشغال العمومية والموارد المائية، والمالية والطاقة. من جهة أخرى شدد المتحدث على أهمية السعي لإنتاج مختلف مدخلات الإنتاج داخل أرض الوطن من أجل تخفيض تكلفة الإنتاج سيما بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته بعض هذه المدخلات كالبلاستيك الذي يتم استيراده وارتفعت أسعاره في بلد الإنتاج ب 50 بالمائة. أما الخبير الاقتصادي هواري تيغرسي فأكد للنصر بأن الوقت قد حان للقيام بإصلاحات هامة للقطاع الفلاحي، مثمنا مخرجات الجلسات الوطنية للفلاحة التي اعتبر أن السعي لتنفيذها يعد أهم حلقة في خارطة طريق الإصلاحات. وأكد تيغرسي أهمية العمل على صناعة مختلف مدخلات الإنتاج الفلاحي بالجزائر باعتبار أن استيرادها مازال يكلف الخزينة العمومية مبالغ ضخمة، وكذا على أهمية تكاثف وتكامل جهود مختلف القطاعات الوزارية ذات الصلة مع القطاع الفلاحي المرتبط كما قال بقطاعات الموارد المائية والصناعة والنقل والطاقة والمالية. ودعا ذات الخبير إلى ضرورة وضع خريطة وطنية مهنية للمنظومة الفلاحية "واقعية وفعالة وشفافة" مصحوبة بمنظومة رقمية حقيقية لمعرفة كل الأرقام والإحصائيات وتفعيل المنصات الرقمية المرتبطة بمسار النشاط الفلاحي سواء تعلق الأمر بالعقار أو بالتخزين و التسويق.