قدم أساتذة مختصون في الآثار الإسلامية، في ندوة وطنية بعنوان " الزليج الجزائري تاريخ و حضارة" احتضنها مساء اليوم بقصر الثقافة مالك حداد بقسنطينة، تقنيات التفريق بين نماذج الزليج الموجود بالمعالم الدينية و المتاحف الوطنية، و أكدوا على أن دراسة البقايا الأثرية لا يعتمد فقط الجانب النظري و المصادر التاريخية و إنما يخضع للأيكولوجية التجريبية، التي تقوم على اختبار مكونات القطعة و تحليل نوعية الطين التي تختلف من بلد لآخر. و أفاد متدخلون خلال فعاليات الندوة التي نظمتها الأكاديمية الجزائرية للشباب و إحياء التراث، بأن الزليج بمثابة وثائق حية شاهدة على تعدد علاقات الجزائر مع بلدان إسلامية و أوروبية خاصة في الفترة العثمانية، مؤكدين على تنوع و اختلاف نماذجه سواء من حيث القيمة أو المصدر، حيث قدمت الدكتورة شادية خلف الله مديرة المتحف العمومي الوطني بسطيف، مختصة في الآثار الإسلامية، مداخلة بعنوان "نماذج من الزليج الحمادي المعروض و المحفوظ بمتحف سطيف" ، تعريفا لمجموعة الزليج الحمادي بمتحف سطيف، موضحة بأن المدارس الحمادية من المدارس الأولى لصناعة الزليج في المغرب الأوسط الجزائر حاليا، حيث تتميز بتقنيات التزجيج، و هي تقنية إسلامية بدأت في المشرق و آسيا الصغرى ثم انتقلت للمغرب، حيث تبناها مختصون في صناعة فخار جزائريين ابتداء من القرن العاشر ميلادي. و أشارت في مداخلتها إلى تقنيات التفريق بين أنواع الزليج و طرق معرفة مصدرها، بالقول بأن ذلك يرجع أساسا لاختبار نوع الطين و مكوناته التي تختلف باختلاف جغرافيا كل منطقة، مؤكدة أن دراسة البقايا الأثرية لا يعتمد فقط على الجانب النظري و المصادر التاريخية و إنما يخضع للأيكولوجية التجريبية، فمثلا قطعة من فخار تعود للفترة العثمانية يمكن بعد تحليلها في المخبر لمعرفة ما إذا كان أصلها من الجزائر أو بلد آخر، الأمر ذاته بالنسبة للزليج الإسلامي. من جهتها شرحت الدكتورة شافية عبلول، أستاذة مختصة في الآثار الإسلامية بقسم التاريخ بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، في مداخلة بعنوان " نماذج من الزليج العثماني بمدينة قسنطينة"، مختلف المصطلحات التي تطلق على الزليج في عدد من البلدان العربية بما فيها الجزائر، كمصطلح القشامينسبة لمنطقة قشم في إيران، كذلك مصطلح الزيلي المستعمل بمصر، لكن المصطلحات الأكثر استعمالا هي البلاطات أو المربعات الخزفية و الزليج، كما تطرقت في مداخلتها لبعض المراكز التي كان يعتمدها العثمانيون في جلب البلاطات الخزفية. ذات المتدخلة قدمت نماذج الزليج الموجود في جامع سوق الغزل و جامع سيدي الكتاني بقسنطينة، كالبلاطة التونسية التي من ميزاتها أنها تأخذ شكل مثلث منقسم لنصفين، نصف أبيض و الثاني أخضر، أو نصف أخضر و الثاني أصفر، و التي يطلق عليها اسم الخطاف نسبة لطائر الخطاف، كما قدمت نوع آخر من البلاطات الخزفية هي البلاطة الإيطالية التي تحتوي على زخارف نباتية نجدها في تجويفة محراب الجامعين، و تتميز بتفرعات متمثلة في زخارف هندسية كالدوائر و أخرى نباتية ممثلة في ثمرة الرمان و كذا شكل زهرة ذات ست بتلات و ورقة الأكانتس، مضيفة بأن الألوان المستعملة في هذه البلاطة ذات أرضية بيضاء، هو البرتقالي و الأزرق و الأبيض و الأخضر، كما ذكرت نموذج آخر من الزليج، الموجود كما أوضحت في دار بن جلول، يتمثل في بلاطة ايطالية بأرضية بيضاء و زخارف نباتية عبارة عن أزهار ذات لون أصفر و تفرعات لأغصان متساوية تنبثق منها أزهار بلون وردي. فيما تطرقت نجمة لعنابي محافظ التراث الثقافي بالمتحف العمومي الوطني سيرتا، لنماذج الزليج بثلاث متاحف وطنية، و هي متحف سيرتا، متحف أحمد زابانة بوهران، متحف الآثار القديمة بالجزائر العاصمة، حيث ذكرت أنواع الزليج الموجود بمتحف الآثار القديمة بالعاصمة، و هو الزليج الزياني و أنواع أخرى تعود للفترتين الحمادية و العثمانية، حيث ذكرت الزليج الإيطالي و الاسباني، و الهولندي. في المقابل ركزت الأستاذة منصوري خديجة رئيسة اللجنة الوطنية للابتكار العلمي و الإبداع الثقافي و التنمية المستدامة، مداخلتها المعنونة ب "البلاطات الزليجية بقصر أحمد باي" على أنواع الزخرفة الموجودة في مختلف أنواع الزليج، كالزليج الهولندي و التونسي و الايطالي و الاسباني، مشيرة إلى أن الزليج الهولندي يعد من أجود الأنواع نظرا لجودة المادة المصنوع بها، كما يمتاز بسمكه، و تتميز زخرفته بوجود رسم لسفينة هولندية، و رسومات لورقة الأكانتس و نجده، كما أوضحت، في غرفة ابنة الحاج أحمد باي، أما الزليج الإيطالي فيتميز بزخرفة الحيوانات، و كل قطعة تعبر عن موضوع ما على عكس الزليج الهولندي، أما النوع التونسي فيعد أقل قيمة و يمتاز بثلاثة ثقوب و بزخرفة نجمية.