تعرف الأواني الفخارية رواجا هذا الموسم، حيث تضاعف عرضها في المحلات مقارنة بالسنوات الماضية، كما انتشرت طاولات بيعها عند مداخل الأسواق الجوارية بقسنطينة، ويقبل عليها الزبائن بكثرة كما أكده تجار، أوضحوا، بأن لهيب أسعار أواني الألمنيوم و الخزف و غيرها من المنتجات المستوردة عموما، رجح كفة الفخار التقليدي خصوصا ما يصنع يدويا، نظرا لخصائصه الصحية و لذة ما يطهى فيه من أطباق، ناهيك عن جمال و صلابة هذه القطع على اختلافها. تعرف أسواق بقسنطينة، تنوعا كبيرا في عرض الأواني الفخارية و إقبالا ملحوظا عليها من الزبائن، وهو ما وقفنا عليه خلال جولة بين العديد من نقاط البيع حيث يعد قدر الطهي أو ما يعرف «بالطنجرة» من أكثر الأنواع رواجا، يختلف سعره حسب حجمه، و يتراوح بين 450 دج إلى 1250 دج، وقد تصل بعض الأنواع إلى سعر 2000دج. ويقدم التجار للزبائن خيارات واسعة، فهناك قدور بسيطة ملمسها طبيعي و يظهر جليا بأنها مصنوعة بنسبة كاملة من الطين، وهناك أنواع أدخلت عليها تعديلات و تم تلميعها لتأخذ حلة مغايرة و عصرية، كما تعد الصحون من الأنواع المطلوبة لسعرها الزهيد، إذ لا يتجاوز سعر الصحن المخصص للحساء أو الشربة 150 دينار، و كذلك الأمر بالنسبة للكؤوس و جرار الماء، التي تعد رائجة بكثرة حسب التاجر أمين. محدثنا قال، إن حفظ الماء في هذا النوع من الجرار يبقيه منعشا و نقيا و يعطي الجسم طاقة حيوية كبيرتين لأن الفخار مصنوع من الطين و الطين فيه نسبة عالية من المعادن، «كما يردده على أسماعنا المختصون دائما» على حد تعبيره، مردفا « سمعت مختصا يتحدث مرة في برنامج تلفيزيوني عن الأمر، وقد أكد بأن الماء يستفيد من المعادن الموجودة في الفخار». أما عن الأسعار، فتختلف باختلاف الحجم و النوع و الشكل و تتراوح عموما بين 150 و 250 دينار، فيما يقدر سعر الإناء الفخاري بين 50 و 100 دينار، و يستعمل لشرب اللبن و الماء. طلب متزايد على الفخار المطلي و حسب التجار، فإن أطقم الفخار تنافس بقوة الأطقم العصرية هذا رمضان، خاصة وأن الأواني المستوردة تعرف زيادات كبيرة في الأسعار، مشيرا إلى أن سعر طقم الطعام الفخاري من 12 قطعة فما أكثر، لا يقل عن 27000 دج، لكونها واكبت الموضة و حافظت في نفس الوقت على اللمسة التقليدية. وجدنا في محل لبيع الأواني بوسط المدينة، أطقما متنوعة من الفخار تضم ستة صحون مع قدر التقديم و الطهي، بسعر 3400 دج، و هو سعره قالت بشأنه زبونات، بأنه مناسب جدا مقارنة بالأطقم الأخرى، كما أن الأواني الفخارية تتخذ حسبهن، لمسة جمالية تقليدية تعكس الهوية من خلال الرسومات الموجودة عليها و المستوحاة من الزخارف الإسلامية، كما تضفي لمسة خاصة على طاولة الإفطار، و هو ما نال إعجاب السيدة نعيمة، التي التقيناها بالمحل، فأخبرتنا بأنها اقتنت طقما من الفخار و قدرا و «طاجين» ستستعمله لطهي « الطواجن الحلوة». لاحظنا أيضا، بأن هناك منتوجات متنوعة معروضة بمختلف المحلات، منها منتوجات معلومة المصدر عليها وسم المصنع، مثل منتجات « أواني جرجرة»، التي تكتسح السوق المحلية هذه السنة، و يتوفر تعليبها على اسم العلامة و طرق و محاذير الاستعمال. مع ذلك فإن غالبية المنتجات الأخرى لا تحمل أي إشارة أو وسم و لا يمكن للزبون التأكد مما إذا كانت تحتوي على الطين فقط، أو أن هنالك مواد أخرى مضافة في تركيبتها. عصرنة في العرض و التسويق و قد سجلت في سنوات ماضية، حوادث ناجمة عن عدم معرفة طرق الاستعمال الصحيحة لقدر الطهي الفخارية و انفجر بعضها بعد تعريضه لحرارة الموقد، فيما تشققت أخرى و باتت غير صالحة للاستعمال من أول استخدام لها، و هو ما أخده منتجون بعين الاعتبار هذا الموسم، حيث قاموا بوضع قصاصات داخل علب المنتجات وعليها تتضمن توجيهات الاستعمال، وجاء في بعض القصاصات التوجيهة، بأنه من الأفضل ترك القدر أو الطاجين المخصص لطهي أنواع محددة من الأطباق لمدة 5 إلى 6 ساعات في الماء قبل الاستخدام، مع تجنب إضافة الماء البارد للطبخة عندما تكون القدر على النار و تفادي وضع الماء البارد فيها بعد الانتهاء من استخدامها، و استعمال عازل بين القدر وبين نار الموقد كأسطوانة حديدية مثلا أو لوح من الألمنيوم، مع الامتناع عن غسلها في غسالة الأواني، و التأكد أولا من أن المنتوج أصلي وغير مقلد. و أجمع تجار، على أن الزبائن صاروا أكثر وعيا بضرورة معرفة طرق استخدام هذا النوع من الأواني و بأنها تختلف عن الألمنيوم وغيره، ولذلك يسألون في كل مرة عن خصوصيات القطعة وما إذا كانت مصنوعة يدويا أو في المصانع، وغيرها من الاستفسارات التي يجيب عنها التجار، خاصة عندما يتعلق الأمر بمنتجات لا تتوفر على الوسم و لا على معلومات خاصة بالاستعمال. كما يحرص تجار، على توفر المنتوج على شروط معينة قبل قبوله من الممول، وقال التاجر توفيق، إنه يعرف مواصفات الفخار الجيد بحكم تعامله مع المصانع و المنتجين والحرفيين لسنوات، فيمكن تحديد نوعية الأواني من خلال بعض الخصائص كأن تكون مغطاة ومبطنة بمادة لامعة، و أن تكون ناعمة الملمس و سمية أو ثقيلة الوزن، كما يجب أن تكون مسام القطعة صغيرة و خالية من التشققات و الخدوش. و أضاف بائع آخر، بأنه يحرص على تقديم احتياطات الاستعمال للزبائن كي لا يشتكوا لاحقا من المنتج في حال تشقق أو انكسر، و يؤكد على ضرورة تجنب وضع القدر بعد الاستعمال مباشرة على سطح بارد، مع الامتناع عن غسلها و هي ساخنة، و تفادي حفظ الطعام بداخلها في الثلاجة و تجفيف الآنية جيدا بعد تنظيفها، أو وضعها داخل الفرن لامتصاص الرطوبة الموجودة بها مع تفادي استعمال أدوات حادة لتنظيفها. فيديوهات روجت لفوائده الصحية و قيمته التراثية و اجتهد منتجون و حرفيون كثيرا في بعث تجارة الفخار، من خلال إنشاء صفحات افتراضية تحت مسمى «أواني فخارية»، تعرض مختلف أنواع الأواني بحلتها التقليدية و بلمسة عصرية، كما تقترح هذه الصفحات على متابعيها فيديوهات توثق لمراحل صناعة الفخار بطريقة فنية، و تحظى بتفاعل كبير خاصة من قبل السيدات، وهو ما تبينه التعليقات و الاستفسارات بخصوص الأسعار والاستخدام و توفر خدمة التوصيل و غير ذلك. و قد لاحظنا تعليقات لسيدات غير جزائريات على بعض الصفحات، منها تعليق لسيدة من العراق جاء فيه « السلام عليكم الأواني هاي روعة وبتمنى لو أحصل عليها، بس للأسف لا توجد هاي النوعية بمدينتي فهل متوفر عدكم توصيل للعراق». و واكبت نجمات مواقع التواصل الاجتماعي، هي الموضة أيضا، وروجن كثيرا لديكورات طاولات الإفطار بأطقم من الفخار، تضم الصحون و قدور التقديم و قطعا متنوعة بطابع عصري، مثل صحون السلطات و تشكيلات الصحون الصغيرة لتقديم المملحات و الصلصات، و الملاعق الكبيرة و الأواني المخصصة للمرق وغيرها. و خصص يوتوبرز، فيديوهات لإبراز الفوائد الصحية لمنتوجات الفخار، وبينهم من استضافوا على قنواتهم مختصين في التغذية لإبراز فوائد استعمال الفخار و تأثيره الايجابي على صحة المستهلك، كما انتشرت فيديوهات أخرى تتحدث عن القيمة التراثية للفخار و تروج له كمنتج تقليدي بلمسة فنية تتماشى مع طبيعة الشهر. وحسب أخصائية التغذية، سعاد بوشعير، فإن الإنسان استعمل الفخار منذ البداية لتحضير طعامه و للشرب، لأنه مادة طبيعية فالماء عندما يلامس الطين يحيى كما علقت بعكس أواني البلاستيك و الألمنيوم، التي قد تؤثر سلبا على ما يقدم أو يطهى فيها، خاصة إذا كانت نوعيتها رديئة، و السبب راجع إلى تفاعلات كيميائية، قد تفرز سموما في بعض الأحيان. عكس ذلك يحافظ الطعام كما أوضحت، على خصائصه و يطهى بشكل صحي و جيد في الأواني الفخارية، التي تتطلب درجة حرارة هادئة، فلا تحترق الآنية و لا الطعام، ويبقى الأكل دافئا حتى بعد إطفاء الموقد. كما تنصح بشرب الماء في الأواني الفخارية، خاصة الأواني الأصلية و المصنوعة من الطين الأحمر، لأن زير الماء الفخاري يعمل عمل المصفاة، والطين مطهر و لا يسمح بتراكم الجراثيم.