يثير البعض عبر فضاءات التواصل الاجتماعي وغيرها شبهات تُشكك في صحّة تحديد مواقيت صلاة الفجر وبالتالي وقت الإمساك؛ حيث يدّعون أن الوقت المعتمد متقدم عن الوقت الشرعي (الفجر الصادق) بربع ساعة أو أكثر، وبيانا لذلك فقد أكد مركز الفلك الدولي أن موعد صلاة الفجر في تقاويم الدول الإسلامية صحيح وما يثار حول دقته مجرد ادعاءات واهية. و نشر المركز تغريدة على «تويتر» أمس الأول الإثنين حول هذا الأمر أحال من خلالها على بيان مطول صدر سنة 2015م وقعه 17 عالم فلك ورئيس مركز فلكي من دول عربية؛ منها مصر و الأردن والجزائر وسوريا والعراق والسودان والسعودية والبحرين، ومما جاء فيه: (بين الفينة والأخرى يتحدث البعض عن عدم صحة موعد صلاة الفجر الموجود في تقاويم الدول الإسلامية، وأنه متقدم على الوقت الحقيقي، وأن الآذان يرفع قبل وقته والسماء ما زالت مظلمة. وهذا كلام غير صحيح! فموعد صلاة الفجر الموجود في معظم تقاويم الدول الإسلامية صحيح. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن موعد صلاة الفجر المبين في تقاويم الدول التالية صحيح: السعودية ومصر والأردن وفلسطين وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان والعراق واليمن والسودان وتونس والجزائر والمغرب وغيرها. وحجة المشككين أنهم رصدوا الفجر من مكان مظلم ولم يتبين لهم الفجر الصادق إلا بعد الآذان بفترة من الوقت، والخطأ الذي وقع به هؤلاء –بحسن نية-أنهم رصدوا الفجر من أماكن غير مناسبة إما بسبب وجود إضاءة مدن قريبة أو بسبب الرصد من مكان غير صافي، وبالتالي لم يشاهدوا الفجر على الرغم من طلوعه، ولو رصدوا الفجر من مكان مظلم تماما وصاف تماما، لشاهدوا الفجر مع الآذان. وقد أثبتت عدة أرصاد حديثة تمت من أماكن مناسبة توافق موعد الآذان الموجود في التقويم مع طلوع الفجر الصادق، كما أن الوقت المحسوب بالتقاويم هو ما نص عليه كبار علماء الفلك المسلمين، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: الصوفي والبتاني والبيروني والخوارزمي والطوسي وابن الشاطر وهؤلاء علماء فلك عظام منهم أخذ الغرب الكثير من المعارف الفلكية، وتكريما لجهودهم فقد أطلق الغرب أسماءهم على فوهات على القمر في الوقت الذي يقلل البعض من شأنهم ويتهمهم بالخطأ وعدم المعرفة! وتوجد العديد من الأبحاث التي ناقشت هذه المسألة بالتفصيل وبينت مواطن التشكيك بالأدلة والحجة، وأوردت أقوال هؤلاء الفلكيين من كتبهم، وذكرت هذه الأبحاثُ الأرصادَ الحديثة التي تمت في ظروف مناسبة مبينة تفاصيلها. وتجدر الإشارة إلى أن الفلكيين العاملين في شؤون مواقيت الصلاة يعرفون الفجر الكاذب جيدا، وأن تأكيدهم بأن الفجر يطلع ما بين الزاوية 18 و19 إنما هو للفجر الصادق، فالفجر الكاذب ظاهرة فلكية معروفة عند المسلمين وعند غيرهم وهو يظهر قبل الزاوية 19 بكثير وقد علم ذلك بالرصد المستفيض سواء من قبل المسلمين أو غير المسلمين المهتمين بالظواهر الفلكية بشكل عام. وبالتالي إن توهم البعض أن قول الفلكيين الموقتين بأن الفجر يطلع على الزاوية 19 أو 18 لالتباس الفجر الكاذب عليهم هو قول لا يصح. وبالنظر إلى ما هو معمول به في جميع الدول الإسلامية في وقتنا الحاضر، نجد أن جميع تقاويم الدول الإسلامية تجعل صلاة الفجر على زاوية ما بين 19.5 و18، ولا توجد ولا دولة إسلامية واحدة تعتمد للفجر زاوية أقل من 18، فمصر تعتمد الزاوية 19.5، والسعودية تعتمد الزاوية 18.5، في حين تعتمد الزاوية 18 كلا من: الأردن وفلسطين والكويت وسلطنة عمان والبحرين وقطر والعراق واليمن والسودان وتونس والجزائر وتركيا وغيرها من الدول الإسلامية). ولعل هذا البيان الشامل الشافي سيكون كافيا لدفع الشبهات والرد على المشككين والمشوشين لأنه استند إلى أبحاث علمية رصينة وحسابات دقيقة من قبل ذوي الاختصاص وبين أوجه القصور في فهم المشوشين وطريقة وظروف رصدهم لوقت الفجر الصادق الذي يدعون أنه غير مطابق للوقت الرسمي، ومن يتجرأ بعد هذا البيان ويرفض الإمساك عن الطعام والشراب مع وقت الإمساك المقرر رسميا المتزامن وطلوع الفجر الصادق في جميع الدول العربية والمسلمة ويتمادى في الأكل والشرب، سيكون صومه باطلا كما هو مبين في فتاوى هيئات الفتوى الرسمية وسيتحمل ما يترتب على ذلك من أحكام فقهية، بل إن البعض يشكك حتى في موعد الإفطار المتزامن مع أذان المغرب بحجة أن الفطر سيكون باختفاء قرص الشمس عن الأنظار، غافلين عن كون اختفاء قرص الشمس لا يعني بالضرورة الغروب الحقيقي لاحتمال أن يكون قد توارى خلف الجبال الشاهقة، و لذلك حذر الفقهاء منذ القدم من يسكن في السهول من الغروب الوهمي الذي يكون باختفاء الشمس عن الأنظار وهي ما تزال في الأفق، والأصل أن يأخذ المسلم بالاحتياط، والاحتياط قاعدة من قواعد أصول الفقه وأصلا من أصوله. و قد كان الكثير من السلف يجعلون بينهم وبين الحرام منطقة العفو فيمتنعون عن المباح احتياطا من الوقوع في الحرام.