تتوفر في السوق الجزائرية العديد من أنواع التوابل ويحصي التجار ما يقارب 40 نوعا، يكثر الطلب عليها خلال رمضان، و أمام تضاعف الإقبال و دخول أنواع جديدة قادمة من أوروبا، اهتدى تجار جزائريون إلى عصرنة عملية التسويق، عن طريق اعتماد التعليب الحديث و الانفتاح على السوق الإلكترونية، لكسب الزبون و منافسة المنتجات المستوردة. بن ودان خيرة / لينة دلول مزيج من الروائح القوية و تدرجات الألوان لطالما كان بيع التوابل والبهارات تقليديا في بلادنا، إذ تشكل محلات العطارة و المواد الغذائية، النسبة الأكبر من نقاط البيع، أين يطلب الزبون الكمية التي يريدها و التي يحددها من خلال ذكر مبلغ معين، ليقوم البائع بوزنها ووضع التابل في كيس بلاستيكي أو قطعة ورق يلفها في شكل قرطاس ويقدمه للزبون، وهي صورة مكرسة في الكثير من المحلات بقسنطينة ومدن أخرى. قادتنا جولة استطلاعية، إلى بعض المحلات بسوط المدينة و السويقة القديمة و علي منجلي كذلك، و قد اتضح خلال استطلاعنا، بأن سوق التوابل تنتعش كثيرا أيام رمضان وهو ما أكده تجار تحدثنا إليهم، وقد تميزت مختلف المحلات التي زرناها بطريقة عرض التوابل و تنسيق الألوان بشكل جميل يقدمها كلوحة عطرة، حيث صفت «شوالات التوابل" إلى جانب بعضها البعض و شكلت بطريقة هرمية، بتدرجات لونية ما بين الأحمر و الأصفر والأخضر والأسود، حسب نوع التابل و امتزجت روائح إكليل الجبل والقرنفل مع الكمون والفلفل بأنواعه. وحسب البائع حسين، فإن الاستعداد لشهر رمضان لا يمكن أن يكتمل دون تخصيص زاوية في المحل لبيع التوابل التي تفتح شهية المارة، خصوصا وأنها من أكثر المنتجات استهلاكا خلال الشهر، وهو ما أكدته سيدة قابلناها في المحل موضحة، بأن التوابل أصبحت ضرورية لتحضير الأطباق في رمضان، وأن الاعتماد عليها زاد بشكل كبير مع ظهور قنوات الطبخ في التليفزيون وعلى اليوتيوب، لأنها عرفت بأنواع جديدة وساعدت على تحديد استخدامات أنواع أخرى، رغم ذلك لم تنكر أن الأسعار ارتفعت هذه السنة خاصة المنتجات المعلبة بطريقة عصرية والخلطات وتحضيرات التوابل كمزيج " الشاورما» و «تتبيلة اللحوم البيضاء" و " تتبيلة اللحوم الحمراء" و " توابل الحريرة» وغيرها . البهارات الهندية تستهوي ربات البيوت وحسب مراد لرقم، صاحب شركة منتوجات رفيف، فإن الطلب على التوابل زاد في السنوات الأخيرة، و قد دخلت أنواع جديدة على خط التسويق، وهو ما استوجب تطوير العملية ككل و تحسين جودة المنتج المقدم للزبون الجزائري، بما يسمح بكسب ثقته وزيادة إقباله على المنتج المحلي. وأوضح، أن الأمر يتعلق بعصرنة التوضيب و تجهيز الخلطات المختلفة من مزيج التوابل و البهارات، وتحديد استخداماتها، حيث يتم توفير المادة الأولية من مدن كسطيف و عين ولمان و العاصمة، ليتم توضيبها وتعليبها بشكل جميل وعصري وتقدم جاهزة للزبون عبر 58 ولاية. مشيرا، إلى أن شركته لا تعتمد على هذه الإستراتيجية لتسويق التوابل فقط، بل جميع المنتجات التي تختص فيها من مواد غذائية ومكونات الحلويات. و بخصوص أسعار التوابل من هذا النوع، أكد المتحدث بأنها في متناول الجميع، لأنها من السلع التي يستمر الإقبال عليها طوال العام، وقال إن هذه السنة سجلت زيادات نسبية مقارنة بالسنوات الماضية، قدرها ب 5 دج. التحضيرات الخاصة موضة رائجة ولفت لرقم، إلى أن الطلب في رمضان، يزداد بقوة على منتجات بعينها على غرار «راس الحانوت» و « الفلفل بأنواعه" و «الكروية»، لأنها أصناف تستخدم في الوجبات والأطباق اليومية، أما باقي الأنواع فيتوقف الطلب عليها على القدرة الشرائية للمواطنين وعادات وتقاليد كل عائلة ومنطقة. وأضاف، أن هناك توابل جديدة صارت تحظى بالاهتمام والطلب، وهي أنواع هندية و آسياوية مختلفة تروج لها قنوات الطبخ، حيث يدفع الفضول السيدات إلى تجربتها كما يكثر الطلب حسبه، على التحضيرات أو مزيج التوابل الذي يستعمل في أطباق مثل الحريرة و الطاجين الحلو و السمك و السلطة، وهي تحضيرات مرتفعة الأثمان مقارنة بباقي التوابل التقليدية. وحذر المتحدث، من المخاطر الصحية للخلط العشوائي للبهارات والتوابل، لأن ذلك قد يسبب التسمم، مشيرا إلى أن الكثير من التوابل المعروضة للبيع لا تحمل بيانات تخص مدة صلاحيتها الاستهلاكية، ولا تحترم شروط النظافة والحفظ في عملية توضيبها، موضحا بأن أجود الأنواع هي التوابل الهندية التي تتميز بألوانها ونكهاتها القوية. ارتفاع الأسعار أقصى أصنافا من أطباق الصائمين من جانبهم، يطلق سكان الجهة الغربية من الوطن، لقب «بائع العطرية» على بائع التوابل، وذلك لتنوع روائحها حيث تعد التوابل من المكونات الرئيسية لمختلف أطباقهم و يستخدمونها بشكل أكبر مقارنة بسكان مدن الشرق. ورغم أن المناطق الغربية تشتهر بهذا النوع من النشاط وبكثرة محلات التوابل، إلا أن جولة في بعض أسواق مدينة وهران، بينت بأن هناك تراجعا في الطلب مقارنة بالسنوات الماضية، والسبب هو ارتفاع الأسعار و قالت زبونات للنصر، إن التوابل الجيدة أصبحت نادرة ومرتفعة الثمن خاصة بعدما صارت معلبة وبات سعر التوضيب يحتسب في ثمن البيع، و لذلك فقد اكتفين هذا الموسم بالأنواع الرئيسية والضرورية للطبخ، وتخلين عن أنواع أخرى على غرار " الزعفران" الذي صارت قيمته من قيمة الذهب. كما عدن للاعتماد على الطريقة التقليدية في مزج التوابل، بعدما ارتفع سعر التحضيرات الخاصة ليتراوح بين 250 و 500دج. فيسبوك و إنستغرام للتوسع وطنيا و بهذا الخصوص، أوضح مراد صاحب محل شهير للتوابل بمدينة مغنية، بأن الارتفاع الذي تشهده الأسعار عالمي ولا يقتصر على الجزائر، وقال بأنه يجب على الزبائن إدراك حقيقة أن هذه السلع تخضع للبورصة العالمية التي تتحكم فيها عوامل مختلفة تحددها شركات الاستيراد والتصدير. وقال التاجر، بأن التطورات الحاصلة في السوق و المنافسة الكبيرة التي فرضتها علامات أجنبية، دفعت التجار الجزائريين إلى تطوير عملية التسويق وهو ما فرض صيغة جديد في التعامل مع هذا المنتج، الذي كانت عملية بيعه تقليدية جدا في السابق، مضيفا بأن العصرنة صارت تشمل طريقة البيع و الانتقال إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لأجل الوصول إلى أكبر عدد من الزبائن و توزيع البضاعة على مستوى وطني وليس فقط في منطقة الغرب وحدها. وأضاف، أن اللجوء لتسويق التوابل عن طريق الوسائط الاجتماعية، أصبح يفرض نفسه بالنظر لطلبات الزبائن الذين لا يستطيعون التنقل إلى مغنية ويحبون تحضير الأطباق الرمضانية بتوابل ذات جودة، وعليه يتم الاتفاق مع إحدى شركات التوصيل لتتكفل بتوصيل البضاعة إلى العنوان المحدد. و للاطلاع على أسعار أنواع من التوابل التي تباع في السوق الإلكترونية، قمنا بتصفح عدد من صفحات التسويق عبر فايسبوك و إنستغرام، و وجدنا بأن المعدل يتراوح بين 2800 دج إلى 5000 دج للكيلوغرام الواحد، وتتكون باقة التوابل الأساسية بسعر 2800 دج من 150غ رأس حانوت و 100غ كمون و 100غ كروية، إضافة إلى 100غ سكين جبير و 100غ قصبر و100غ فلفل أسود، مع 100غ كركم و 100غ فلفل أحمر حلو، و 150غ فلفل حلو ، و100 غ قرفة. ولا يشتمل السعر على تكاليف التوصيل.