جمعية حماية المستهلك: هناك بعض التوابل تسبب خطرا حقيقيا على المستهلك تمتاز الأسواق الشعبية بأجواء خاصة أيام رمضان المبارك، وبين مختلف السلع والحاجيات، تنتشر رائحة التوابل التي تعبق أرجاء الطاولات التي اصطفت لجلب أكبر قدر من الزبائن، تحمل نسائم الشرق و"ريحة الغرب" مع تقاليد تميز الجنوب الجزائري الساحر، إنها الفسيفساء الجذابة التي صنعت ديكورا من النوع الرفيع، جلب معه كل أطياف المجتمع التي جاءت من كل مكان للظفر بطعم الشربة أوالحريرة الخاصة بنكهات مميزة من روائع الطبيعة الجزائرية.
روبرتاج: هدى.ح
المتجول في أسواق العاصمة تشده رائحة مميزة من التوابل المنكهة، فالكل يبحث عن الطعم الخاص والجميع يراهن على الاختلاف، ليكون أكله في شهر رمضان الكريم ذوطبع خاص ومميز، لتبدأ رائحة التوابل تملأ أرجاء الأسواق الشعبية معلنة عن موعد شهر رمضان الكريم، إنه الكم الهائل من أكياس التوابل المختلفة التي التف حولها المتسوقون فالتوابل هي "شباح" الطبق الجزائري الأصيل، خاصة وأن الباعة يتفننون في عرض التوابل والمعطرات ذات الروائح القوية التي تجتذب الزبائن وتجعلهم يتهافتون على اقتنائها وتجريبها.
منافسة بين "راس الحانوت" المغربي والبسكري.. وحتى فلفل عكري التونسي
جولة قادتنا إلى مجموعة من الأسواق بالعاصمة، فكانت البداية في سوق "فرحات بوسعد" ب "ميسوني"، حيث التف النسوة في مدخل السوق أمام طاولة أحد الباعة الذي اعتاد على جلب التوابل من مختلف أرجاء الوطن فمنها "راس الحانوت المغربي"، وفلفل عكري "التونسي" وراس الحانوت "البسكري"، إلى جانب "الفريك" السطايفي، حيث قال: "إنها عادة التزم بها مع اقتراب شهر رمضان المبارك، لأشد الرحال وأسافر في جولة إلى مختلف أرجاء الوطن والبلدان المجاورة لجلب التوابل المختلفة"، موضحا "تكون الوجهة الأولى إلى مدينة سطيف المعروفة بالجودة العالية لمادة "الفريك" الذي لا يستغني الجزائري عنه لطهي الشربة". أما عن الوجهة الثانية لهذا التاجر فتكون لاقتناء التوابل، فقال المتحدث "وجهتني الثانية تكون نحوعروس الزيبان بسكرة، لاقتناء راس الحانوت الذي يستعمل في معظم الأكلات ومختلف "الجوزات" والأطباق المتنوعة الأخرى في المطبخ الجزائري"، وأضاف "كما لا يفوتني زيارة مدينة وهران الباهية لاقتناء مادة الحرور التي يعطي نكهة خاصة جدا لأطباقنا، إلى جانب فلفل دريس، الحار جدا الذي أجلبه من مدينة سيدي بلعباس وهي المنطقة المعروفة بالتوابل الخاصة".
بازار مفتوح على سلع نادرة ومميزة
وجهتنا الثانية كانت سوق "زوج عيون" و"جامع ليهود"، هذا الأخير، الذي يعد "بازارا" من التوابل والسلع الغذائية المتنوعة، التقينا بالحاجة "زوينة" تقطن بالقصبة السفلى، حيث قالت: "أعشق التسوق بسوق زوج عيون، لتميزه بتنوع سلعه فكل شيء موجود وبأسعار منافسة، إنه شهر الرحمة والخير، والنكهة لا تكون إلا بمداومة زيارة هذه الأسواق الشعبية التي تعتبر ختم العاصمة". ففي سوق زوج عيون بباب الواد امتدت طاولات تجار التوابل لعرض مختلف هذه الأنواع وقد تلونت طاولات العرض بأصناف شتى، وضعها التجار في أكياس بلاستيكية بأحجام مختلفة تلبي رغبة السيدات وربات الأسر. يقول أحد الباعة: "تسألون عن التوابل، اذهبوا إلى بوابة الصحراء والهضاب العليا فالزبون والتاجر سيلقى ضالته، فأنا أقوم باقتناء التوابل من سوق عين الحجل بولاية المسيلة وأقوم بتجهيزها ووضعها في أكياس، والإقبال على التوابل والبهارات المختلفة يزداد خلال شهر رمضان بشكل كبير وأكثر التوابل التي تلقى رواجا هي البسباس والكسبرة والمعدنوس والفلفل الأسود أما عن الأسعار فهي تختلف حسب الكمية المراد اقتناؤها".
أصوات تجار البهارات "تزيد" من نكهة التوابل
التفت العديد من النسوة حول طاولات بيع التوابل في سوق زوج عيون بباب الواد، حيث كان صراخ البائع يصل إلى آخر الشارع وهو يحاول الترويج لسلعته بأسلوب قد يكون تارة فكاهيا، وتارة أخرى مغري يزيد من طعم البهار، إنه الأسلوب الترويجي الذي يعتمده تجار لم ينالوا شهادات جامعية في الماركتينغ والتجارة، ولكن التحكم في المهنة جعلهم يتفوقون على أكبر خبراء النكهات والمختصين في المجال الاقتصادي، لتجعل الإقبال الكبير على طاولاتهم لا نظير له. والملاحظ أن طريقته في البيع قد أتت أكلها، حيث التفت حوله مجموعة كبيرة من النسوة اللاتي رغبن في اقتناء توابل جديدة لمائدتهن خلال شهر رمضان، حيث تقول السيدة جميلة من باب الواد إنها تحاول كعادتها اقتناء توابل جديدة لاستعمالها في الطبخ، حيث تحرص كل عام على أن تطبخ بتوابل جديدة والاستغناء عن التوابل التي تباع في السوق والمغلفة بأكياس بلاستيكية، فالطازج بحسبها يلعب دورا كبيرا في إضفاء طعم مميز في مختلف الأطباق والأكلات. أما سيدة أخرى، فقد أسرت لنا إنها تفضل اقتناء التوابل من المحلات المتخصصة في ذلك، لكن وأمام قلتها تضطر لانتظار اقتراب شهر رمضان، وعودة باعة التوابل إلى ساحة سوق زوج عيون لاقتناء هذه المواد.
.. عندما تتحول النساء إلى مختصات في مزج البهارات
ولضمان جودة التوابل والبهارات، تفضل العديد من النسوة اقتناء التوابل في شكلها الأصلي ويقمن بغسلها وتجفيفها ثم طحنها واستعمالها في الطهي، خلال شهر رمضان، وهي الطريقة التي ورثنها عن الجدات في الزمن الماضي. وفي هذا الخصوص، تقول السيدة سهام إنها تفضل أن تقوم بتحضير التوابل بنفسها فهي لا ترتاح للطريقة التي يقوم بها الباعة في تحضير التوابل وطحنها، خاصة وأن الغش طال التوابل أيضا، وتوضح المتحدثة "قد تجد في الفلفل الأسود حبات القهوة مطحونة، إلا أن النكهة في الأكل تكشف المغشوش، إلى جانب الحجارة والتراب، وهو الأمر الذي يهدد صحتنا لذلك أفضل أن اقتني توابل على شكل حبات وأقوم بطحنها بنفسي في البيت، باستعمال آلة الطحن الكهربائية أو اليدوية"، وأضافت "اعتمد على اقتناء كميات كبيرة من التوابل وغسلها وتجفيفها في الشمس عن طريق نشرها تحت أشعة الشمس وبعد أن تجف تقوم إحداهن بطحن كل نوع على حدة". وتؤكد المتحدثة أن صناعة التوابل في البيت والرائحة التي تجعل كل من يدخل البيت، يقول إن رمضان على الأبواب، وهذه العملية هي تقليد توارثناه ولا يمكن أن يحل رمضان دون المرور على هذه العملية المميزة.
المختصون يدعون للتأكد من مصادرها..حذار.. التوابل المغشوشة مصدر خطر حقيقي
حذر ممثلو التجار ومعهم الجمعيات الناشطة في مجال حماية المستهلك، جميع المواطنين، من اقتناء توابل مغشوشة قد تتسبب لهم في مضاعفات صحية، بسبب مصادرها المجهولة. ويأتي تحذير مصلحة حماية المستهلك للمواطنين، تزامنا واقتراب شهر رمضان المبارك، حيث يقبل المواطنون على التنويع في اقتناء الخلطات والمعطرات والتوابل لاستعمالها في الطهي وتحضير للأطباق المختلفة، خلال الشهر الفضيل. من جهة أخرى، فإن المحلات تشهد انتعاشا كبيرا لمثل هذه التجارة، حيث ينوع أصحاب المحلات والباعة في عرض مختلف أنواع التوابل والمعطرات والأعشاب، لتشهد بدورها الإقبال من طرف المواطنين الباحثين عن كل ما هو جديد واقتنائه وتجريبه في تحضير الوجبات اليومية لشهر رمضان المبارك.
جمعية حماية المستهلك: على المواطن شراء التوابل من المصانع
وتسوّق مثل هذه التوابل والمعطرات والأعشاب بطرق أقل ما توصف به عشوائية، إذ يعمد أصحابها لتعريضها للهواء الطلق. كما أن أغلبها تحتوي على مكونات مجهولة المصدر، وهو ما قد يتسبب بتعقيدات ومشاكل صحية لمستهلكيها، وهو ما أوضحه رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي في اتصال هاتفي مع "البلاد"، حيث نصح المواطنين الابتعاد عنها وتفادي اقتنائها، خاصة أن بعضها تسوق بطرق فوضوية وغير شرعية، حيث تعرض أغلبها لأشعة الشمس والغبار والتلوث، ما يزيد من احتمالية تعرضها للتلف وعدم قابليتها للاستهلاك، إلى جانب التوابل والبهارات المغشوشة التي انتشرت في الأسواق وأصبحت تهدد صحة المواطنين. ودعا محدثنا إلى ضرورة اعتماد الطرق القديمة، وهي غسل الحبوب الخاصة بالبهارات ثم تجفيفها في الشمس وطحنها في أدوات مخصصة لذلك لتفادي أي مضاعفات صحية خطيرة.
جمعية التجار: البهارات المجهولة قد تتسبب في تعقيدات صحية خطيرة
قال رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، الحاج الطاهر بولنوار، في تصريح ل"البلاد"، إن "البهارات أو التوابل تستعمل لإضفاء نكهة على مختلف الأطباق، غير أن المستهلك يجهل أن هذه التوابل قد تكون مصدر خطر حقيقي على صحته"، وأضاف "تتسبب في أمراض خطيرة قد تؤدي إلى تعقيدات صحية خطيرة، خاصة باعتبار أن هناك العديد من البهارات طالها الغش، وما قد تسببه من أمراض خطيرة قد تكون عواقبها وخيمة إذا ما أفرط المواطن في تناولها". وبشأن حالات كثيرة تم اكتشافها تتعلق بوجود فلفل أحمر ممزوج بالدقيق وفلفل أسود، مضافة إليه السميدة وغيرها من أساليب الغش الأخرى التي طالت المواد الاستهلاكية، ودعا المتحدث المستهلكين ليكون لديهم وعي بالمواد التي يستعملونها لإضافة النكهة، وعدم الإفراط في شراء أشياء قد تضرهم صحيا.