عاشت عروس الهضاب العليا سطيف ليلة أمس أجواء احتفالية بهيجة بمناسبة تتويج الوفاق بكأس الجمهورية في طبعتها الثامنة والأربعين وهي الكأس الثامنة في مشوار الفريق منذ تأسيسه في سنة 1958. مواكب الأفراح والأعراس الجماعية انطلقت مباشرة بعد نهاية مباراة الدور النهائي التي احتضنها ملعب 5 جويلية، حيث خرج الآلاف من المواطنين من مختلف الفئات والأعمار للتعبير عن فرحتهم العارمة عبر مختلف أحياء وشوارع المدينة، وسط تشكيل طوابير لإمتناهية من السيارات والدراجات، النارية المزينة باللونين الأبيض والأسود والأعلام الوطنية وكذا الشعارات واللافتات الممجدة للفريق. سكان المدينة وكما جرت العادة في مثل هذه المناسبات الرياضية الكبرى تجمعوا بأعداد غفيرة بساحة عين الفوارة وعلى طول الشارع الرئيسي بوسط المدينة، حيث أطلقوا العنان لمنبهات المركبات وأشعلوا المئات من الألعاب النارية من مختلف الأنواع، والأشكال الأمر الذي حول المكان إلى لوحات فنية رائعة الجمال، امتزجت فيها أصوات المفرقعات وأضواء الألعاب النارية بالهتافات وزغاريد العمريات وانغام الموسيقى والأغاني المخلدة لإنجازات « الكحلة والبيضاء». أجواء الفرحة امتدت إلى مختلف أحياء المدينة وكذا البلديات التابعة للولاية وقد استمرت إلى ساعات متأخرة من الليل شوارع المدينة التي ظلت خالية من المارة تحولت في أقل من ساعتين إلى مدينة مزدحمة، استقبلت شوارعها آلاف المواطنين الذين كانوا يتابعون مجريات المباراة في المنازل والمقاهي والساحات العمومية، الأمر الذي أدى إلى شل حركة المرور عبر العديد من الشوارع الرئيسية مع العلم أن أجواء الفرحة كانت قد انطلقت منذ يوم الأحد المنصرم، وبدون توقف، ولكنها ازدادت حدة بعدة تتويج الفريق بالسيدة الكأس. أفراح السطايفية كانت مميزة هذه المرة وتختلف عن كل الأفراح السابقة التي عرفتها عين الفوارة في عدة مناسبات، باعتبارها تحمل عدة دلالات رمزية وتاريخية، حيث وزيادة على استعادة الوفاق لرقمه القياسي في عدد التتويجات بكأس الجمهورية والذي كان يتقاسمه مناصفة مع اتحاد العاصمة، فإن اللقب له قيمة رمزية كبيرة باعتباره اللقب التاسع عشر في تاريخ النادي وهو ما يمثل ترقيم الولاية 19، كما أنه يأتي في عشيات الاحتفالات بالذكرى الخمسين للاستقلال، والذكرى السابعة والستين لمجازر 8 ماي 45 التي انطلقت أحداثها من هذه المدينة المجاهدة التي ارتكبت فيها فرنسا الاستعمارية أبشع جريمة في تاريخ الإنسانية. كأس الجمهورية في طبعتها الثامنة والأربعين كانت وفية أيضا لتقاليد وفاق سطيف التي يتوج فيها مرتين في عهد كل رئيس من رؤساء الجمهورية الذين تداولوا على الحكم منذ الاستقلال، حيث سبق وأن فاز بها مرتين في عهد الرئيس الراحل أحمد بن بلة، المرة الأولى كانت في سنة 1963 عندما توج الفريق بأول كأس للجمهورية بتاريخ 12 ماي 1963 عندما فاز في المباراة النهائية التي جرت بملعب العناصر على ترجي مستغانم بنتيجة هدفين مقابل صفر من توقيع الثنائي ماتام وكوسيم، وهي النتيجة التي مكنت الوفاق من التتويج بأول لقب في تاريخ الجزائر المستقلة ليليه فيما بعد فريق اتحاد العاصمة الذي توج بأول لقب البطولة بتاريخ 16 جوان 1963. التتويج الثاني للوفاق في عهد الراحل بن بلة كان في سنة 1964 عندما فاز في المباراة النهائية بملعب 20 أوت على منافسة مولودية قسنطينة بنتيجة هدفين مقابل هدف بتاريخ 17 ماي 1964. فترة حكم الرئيس الراحل هواري بومدين نال فيها الوفاق أيضا كأس الجمهورية مرتين، وذلك بتاريخ 18 جوان 1967 بملعب العناصر عندما فاز على شبيبة سكيكدة في الدور النهائي بهدف مقابل صفر، وكذا بتاريخ 19 ماي 1968 عندما فاز على نصر حسين داي بملعب 20 أوت بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدفين. الكأس الخامسة كان في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد عندما فاز الوفاق في مباراة الدور النهائي على اتحاد العاصيمة بنتيجة هدف مقابل صفر، وهي المباراة التي احتضنها ملعب 5 جويلية بتاريخ 20 جوان 1980. الكأس الثانية في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد كانت بتاريخ 5 جويلية 1990 عندما فاز الوفاق على مولودية باتنة بملعب 5 جويلية بهدف مقابل صفر الكأس الأولى في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، نالها الوفاق بتاريخ 1 ماي 2010 أمام شباب باتنة بنيتجة ثلاثة أهداف مقابل صفر وهي الكأس السابعة في مشواره والتي اختتمها عشية أمس بالكأس الثامنة بعد فوزه بهدفين مقابل هدف واحد في الوقت الاضافي الشيء الأجمل في تتويجات الوفاق بالسيدة الكأس هو ان الأنصار يحتفلون في كل مرة بيومين أو ثلاثة قبل إجراء المباراة، ثم يتجمعون في وسط المدينة لانتظار وصول الكأس إلى عين الفوارة، لتتواصل بعد ذلك أجواء الأعراس الجماعية لعدة أيام.