الرئيس بوتفليقة يضمن أغلبية مريحة لاستكمال إصلاحاته المقبلة أفرزت الانتخابات التشريعية التي جرت الخميس، أغلبية مريحة لصالح الافلان الذي اقترب من تحقيق الأغلبية المطلقة في سيناريو لم يكن يتوقعه حتى أشد المتفائلين في الحزب العتيد، مقابل تراجع للارندي الذي رغم احتلاله للصف الثاني، ما يرشحه للمشاركة مجددا في الحكومة القادمة، إلا انه فقد كثير من الأصوات خاصة في المدن الكبرى كالعاصمة، مع تسجيل "جمود" لصحة التيار الإسلامي الممثل في تحالف "الجزائر الخضراء" الذي خابت أماله في الحصول على نصيب كبير من المقاعد، وتوزعت باقي المقاعد على عدد كبير من الأحزاب، والقوائم الحرة، بحيث سيتشكل البرلمان المقبل من 26 حزبا وعدد من المرشحين الأحرار. الانتصار الكبير الذي حققه الحزب العتيد في التشريعيات، وهو الذي دخل الانتخابات على وقع خلافات وصراعات كادت تعصف به قبل أسابيع قليلة، أعادت ترتيب الأدوار في الساحة السياسية، ولم تأتي النتائج كما انتظره بعض الذين توقعوا امتداد "المد الإسلامي" الذي حمله الربيع العربي إلى الجزائر، وحقق بذالك الأمين العام للافلان انتصارا لم يتصوره اشد المتحمسين في الحزب، ولم يترك لبقية الأحزاب سوى "الفتات" من المقاعد لاقتسامها. وأفرزت الانتخابات خارطة برلمانية جديدة من 26 حزبا سياسيا ومرشحين أحرار، واقترب حزب جبهة التحرير الوطني من الأغلبية بحصوله على 220 مقعدا من بين 462 مقعد في تشريعيات العاشر من شهر ماي 2012. و قد تلاه التجمع الوطني الديمقراطي بحصوله على 68 مقعدا، محققا تقريبا نفس العدد من المقاعد الذي حاز عليها الحزب في التشريعات السابقة، إلا انه سجل تراجعا أمام غريمه الافلان. وجاءت نتائج التيار الإسلامي مخيبة، وخاصة التحالف "الأخضر" الذي توقع الفوز بربع المقاعد، إلا أن نتائج الصناديق جاءت بما لا يشتهيه الحلف الثلاثي الذي لم يحصل سوى على 48 مقعدا، ولم يكن حظ حزب جاب الله أوفر، وهو الذي راهن على العودة بقوة إلى البرلمان، وتوقع جاب الله أن يكون نصيب الحزب 70 مقعدا على الأقل، إلا أن الصندوق أعطاه عشرة مرات اقل من هذا الرقم، بحيث لم يحصل سوى على 7 مقاعد وجاءت نتائج الإسلاميين بمثابة الصدمة للمحللين الذين راهنوا على صعود الإسلاميين أسوة بإخوانهم في الدول العربية الذين اكتسحوا التشريعيات، بحيث لن تحمل "نسمات" الربيع العربي الخير للإسلاميين بل كانت "وبال عليهم" وإحالتهم إلى الصف الثالث، بعيدا عن المتصدر، بينما سيسجل البرلمان عودة جبهة القوى الاشتراكية إلى الواجهة بحصولها على المركز الرابع ب 21 نائبا، يليه حزب العمال الذي تراجع بدوره، وكذا الجبهة الوطنية الجزائرية التي حلت في الصف السابع بعد الأحرار. وسيكون الافلان بمنآي عن الحسابات والتحالفات، ويكفيه "تمديد" تحالفه مع الارندي لضمان الأغلبية المطلقة، وتمرير كل القوانين التي ستقترحها الحكومة التي ستكون مشكلة من الحزبين إضافة إلى بعض التشكيلات التي قد تبدى رغبتها في الدخول في الجهاز التنفيذي، كما سيكون رئيس البرلمان من نصيب الحزب العتيد، خاصة وان تسريبات تحدثت عن إمكانية ترشيح وزير التعليم العالي حاليا رشيد حراوبية لخلافة عبد العزيز زياري في رئاسة الغرفة السفلى للبرلمان. كما ستفتح هذه النتائج الباب أمام الافلان لتمرير التعديلات الدستورية "التي يراها مناسبة" وربما إسقاط بعض التعديلات التي ستأتي من الأحزاب الأخرى والتي قد لا تنطبق مع ما تراه الحكومة المقبلة مناسبا.