أسقطت تشريعيات 17 ماي، الأغلبية البرلمانية، بعدما كانت مفاتيحها بيد الأفلان، التي تدحرجت بفقدانها 63 مقعدا، وفي قراءة أولية لنتائج وأرقام الإقتراع، فإن أصوات الناخبين تشتتت بين 23 حزبا و111 قائمة حرة، ويسجل صعودا نسبيا لعدد من الأحزاب وسقوطا حرا لأحزاب أخرى، وريادة الأحرار، وتسلل عدد من التشكيلات المجهرية إلى البرلمان في سابقة هي الأولى من نوعها. بعدما كانت تسيطر على الأغلبية البرلمانية ب 199 مقعد من مجموع 389، نزلت الأفلان إلى 136 مقعد، وهو ما يجعلها الآن في مواجهة آثار فقدانها للأغلبية، بينما حقق الأرندي صعودا نسبيا، بحصوله على 61 مقعدا، بعدما فاز في تشريعيات 2002 ب 47 مقعد، متبوعا بحركة مجتمع السلم ب 52 مقعدا، بعدما كانت تسيطر على 38 فقط. هذه المقاعد الخاصة بأحزاب التحالف الرئاسي، تشير إلى أن المقاعد التي ضيعتها الأفلان(63) اغترف منها شريكيها، الأرندي(14) وحمس(14)، وإذا كانت "الترقية" التي تحصلا عليها هذين الأخيرين، لا ترقى لحد التضخيم والاحتفال بنشوة الانتصار، إلا أن "التراجع" الذي منيت به الأفلان، لا يمكن إخفاؤه أو تبريره بمبررات غير مقنعة. تراوح ثلاثي التحالف بين السقوط والصعود، قابله تحصل الأحرار على المرتبة الرابعة بمجموع 33 مقعدا، وهو ما يبرز "هروب" العديد من الناخبين باتجاه القوائم الحرة "كبديل" للأحزاب السياسية أو عقابا لها، وافتك حزب العمال 26 مقعدا، بعدما كان لديه 21 مقعدا فقط، أي بفارق 5 مقاعد جديدة، قد تقرأ تمسك قيادة هذه التشكيلة بالخطاب "المعارض" والمهاجم للسلطة. أما التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، فقد حصل على 19 مقعدا، وهو رقم مشجع و"حصاد وفير" بالنسبة للأرسيدي العائد إلى البرلمان بعد مقاطعة تشريعيات 2002، فيما إستفادت الجبهة الوطنية الجزائرية ب 13 مقعدا، بعد حصولها في 2002، على 8 مقاعد فقط، أي أنها عززت رصيدها ب 5 مقاعد ستوظفها مستقبلا للترويج لانتشارها وتفنيد ما قيل عن فوزها السابق عن طريق الصدفة وتشابه الأسماء. ومن مفارقات الانتخابات التشريعية، إلتحاق حركة الإصلاح الوطني، بحظيرة الأحزاب التي قال عنها رئيس الجمهورية ذات يوم بأنها لا ترقى لتكون ناد بتجميع كل كوادرها ومناضليها ومناصريها، حيث تحصلت الحركة على 3 مقاعد، بعد أن كانت تسيطر على 43 مقعدا في البرلمان السابق، أي أنها خسرت 40 مقعدا كاملا، وقد تساوت من حيث عدد المقاعد حاليا، مع حركة الإنفتاح والجبهة الوطنية للأحرار من أجل الوئام، التي ستدخلان لأول مرة البرلمان، حالها حال التحالف الوطني الجمهوري ب 4 مقاعد وعهد 54 والحزب الوطني للتضامن والتنمية والحركة الوطنية للأمل والتجمع الوطني الجمهوري ب مقعدين لكل منهم، وكذا التجمع الجزائري والجبهة الوطنية الديمقراطية والحركة الديمقراطية والاجتماعية بمقعد لكل واحد منهم. هذه المشاهد الغريبة، منحت الفرصة لأحزاب مجهرية، من أجل الصعود ومنافسة أحزاب كانت تدعي أنها "كبيرة"، حيث تحصلت الحركة الوطنية من أجل الطبيعة والتنمية على 7 مقاعد، وفازت الحركة من أجل الشبيبة والديمقراطية ب 5 مقاعد، مع حركة النهضة التي تحصلت في 2002 على مقعد يتيم، كما فازت حركة الوفاق الوطني وحزب التجديد الجزائري ب 4 مقاعد لكل منهما، بعدما تحصلا في 2002 على مقعد فقط. الأرقام الجديدة التي ترسم خارطة البرلمان الجديد، أسقطت إذن الأغلبية البرلمانية عن الأفلان، وقضت على "غرور" بعض الأحزاب، مثل الإصلاح "الجديدة"، وأعادت الأمل لأحزاب من عيار الأرندي وحمس، وفتحت الأبواب أمام أحزاب نملية لم تكن تحلم بنصف مقعد، وعززت مواقع تشكيلات أخرى مثل العمال والأفنا، وأبقت على "تماسك" الأحرار، ونقلت المقاطعون القدماء وعلى رأسهم الأرسيدي إلى "المواجهة" داخل البرلمان. جمال لعلامي:[email protected]