سكان تيفاش بسوق أهراس يتحسرون لأن وردة رحلت دون زيارة بلدة أبيها عاش أبناء ولاية سوق أهراس على وقع الصدمة بعد رحيل ابنة المنطقة وردة الجزائرية فارتباط هذه العملاقة بأرض سوق أهراس وبالضبط ببلدية تيفاش الواقعة على بعد 25 كلم من عاصمة الولاية حرك النصر ان تزور هذه المنطقة يوم تشييع وردة إلى مثواها الأخير، هذه الزيارة كشفت ان عدد كبيرمن سكان هذه البلدية رغم انهم عرفوا قيمة وردة الجزائرية الفنية والتاريخية الا انهم جهلوا بان هذه العملاقة تنحدر اصولها من هذه البلدية حيث البداية سألنا عن المشتة التي تعتبر مسقط رأس والدها محمد فتوكي فوجدنا اختلاف في الموقع بين مشتة فج الأبيض ومشتة صالح ذيب إلا أن كبار المنطقة ونحن نحاورهم أكدوا أن والدها ينحدر من مشتة صالح ذيب، المفاجأة في تسمية هذه المشتة انها سميت على المرحوم الصحفي صالح ذيب الذي ينحدر من هذه المنطقة والذي سقط في حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقل المرحوم محمد الصديق بن يحيى وزير الخارجية الأسبق . وقبل ان ننطلق الى هذه المشتة طفنا في مقاهي بلدية تيفاش بين دكاكينها ومقاهيها لنقف عند احساس اولاد البلاد هذا المصطلح الذي تحب المرحومة ان تتحدث به، لكن وجدنا شبابا يعرف بأنها عملاقة الطرب ومنهم من يحفظ اغانيها عن ظهر قلب لكنه لا يعرف بأنها تنحدر من هذه المنطقة، ونحن نبحث، التقينا بالشاب سفيان الذي يعتبر من المثقفين في هذه المنطقة اكد من جهته ان الكل يعرف ان المرحومة وردة الجزائرية لها وزنها الفني والتاريخي لكنهم ليست لهم فكرة نهائيا عن جذورها والمكان الذي تنحدر منه ببلدية تيفاش، فهناك يضيف سفيان من يقول ان المغفور لها اصولها تنحدر من بلديتنا ومن مشتة ذيب صالح لكن اغلبية الكبار سنا من المنطقة توفوا ، ونحن نجلس في مقهى نواصل حديثنا مع سفيان كان لجوارنا شيخ يسمى عمي صالح الذي كان يسترق السمع لحديثنا فسرعان ما دخل في الدردشة معنا ليؤكد من جهته ان والد المرحومة وردة الجزائرية ينحدر من مشتة ذيب صالح وقد غادر المنطقة في العشرينات في اتجاه فرنسا مشيرا الى ان هناك واحد من اقرباء عائلة المرحومة يدعى الربيع باجوج عرف هذه العائلة عن قرب يقطن في مدينة سوق اهراس، وقبل ان نواصل رحلة البحث عن جذور الفقيدة ونحن نطوف بهذه البلدية سجلنا شيء من الحزن بادية على بعض الوجوه حول رحيل هذه العملاقة خاصة جيل الثورة والاستقلال والذين شنفوا اذانهم بأغاني وردة الجزائرية وهناك من تحدث لنا عن وطينيتها التي لم تتخل عنها رغم الاغراءات فكانت دوما تحن للوطن وتلبي نداءاته عندما يحتاجها وتغنت به الى غاية اخر لحظة في حياتها وتمنت ان تنقل اليه في اللحظة التي ودعت هذه الدنيا، كانت احاسيس جميلة نقلها لنا مواطنو بلدية تيفاش عن ابنة بلدتهم وكان حزنهم اعمق لأنه لم يكتب لها زيارة مسقط رأس والدها وانهم حزنوا اكثر انهم لم يجدوا من يعلمهم بأنها تنحدر من هذه المنطقة خاصة الجيل الجديد الذين تمنوا من اعماقهم مشاهدة المرحومة وهي تحيي حفلا على ركح المسرح الروماني بخميسة او مادور لكن قضاء الله كان اقوى من الجميع، فمن جهتهم تمنى البعض الأخر ان يكون اسبوعا ثقافيا يخلد تاريخ هذه العملاقة تكون عاصمته بلدية تيفاش حتى يلتحم تاريخها مع الجيل الجديد. بعدها تحركنا الى مشتة صالح ذيب حيث مسقط رأس والد المرحومة كان الطريق صعبا لم نتمكن من مواصلة السير فالتقينا بعمي سليمان الذي نصحنا بعدم مواصلة السير لأن الطريق متدهور، لكننا لم نفوت الفرصة لنتحدث اليه عن المرحومة الذي قال بدوره انه سمع من والده ان والدها محمد فتوكي ينحدر من هذه المنطقة لكنه غادرها منذ زمن بعيد، وكان يتردد على المنطقة رفقة عائلته لكن وردة لم تكن معهم ولم تزر هذه المنطقة وقد دلنا كذلك عن السيد باجوج الذي يمكن ان يزودنا بمعلومات عن عائلة المرحومة وقد زادنا شغفا لمعرفة هذا الرجل ونحن نغادر المنطقة التي كانت النواة الاولى في ظهور عملاقة الطرب العربي تركنا وراءنا علامات من الأسى عند اغلبية من تحدثنا اليهم خاصة من ادرك ان وردة من هذه المنطقة الا بعد رحيلها. تحركنا نحو عاصمة الولاية نبحث عن السيد باجوج الذي استطعنا أن نصل اليه بعد المساعدة التي قدمها لنا جار لعائلة باجوج ، لننتقل إلى حي الفيبور وعند طرقنا الباب خرج لنا السيد كمال ابن سي الربيع قدمنا انفسنا بمساعدة صديقنا واخذنا منه الاذن لمحاورة والده عن المرحومة وردة الجزائرية في البداية طلب منا تأجيل المقابلة الى وقت اخر نظرا للظروف الصحية التي يعاني منها والده لكن الحاحنا عليه دفعه إلى استقبالنا في بيته فدخلنا على عمي الربيع باجوج الذي كان يجلس على كرسيه وقد انهكه المرض حيث كان يعاني من شلل نصفي ، وكانت نظرات الحزن بادية على ملامح وجهه،وعندما قدمنا له انفسنا فرح بنا كثيرا وكان أول ماسألناه قبل أن نعرف علاقته بوردة وعائلتها عن احساسه بعد رحيل وردة الجزائرية فقال وعيناه اغرورقت دمعا تمنيت ان اموت انا وتبقى هي ، فالجزائر مازالت تحتاجها، بهذه الأمنية الصعبة ادركنا ان عمي الربيع لم تكن علاقته بعائلة المرحومة هينة، بعدها لم يتوان عمي الربيع رغم ظروفه الصحية أن يسرد لنا ما يعرفه عن محيط هذه العائلة فقال ان ام والد المرحومة وردة وجده شقيقان وكانت تربطه علاقة وطيدة بهذه العائلة حيث تنقل الى فرنسا بباريس سنة 1947 ، ومكث سنة كاملة عند عائلة وردة التي كان وقتها سنها تسع سنوات فقال بأنها منذ صغرها كانت تحب الطرب وتعشق الألحان وكانت خفيفة الروح ومداعبة كثيرا ، حيث اكد ان العائلة كانت مضيافة معه الى درجة كبيرة متحدثا عن والدتها نفيسة ذات الأصول اللبنانية من اطيب الناس حيث لم يحس بالغربة وهو وسط العائلة وكان الضيف المدلل لمدة اثنى عشر شهرا كاملة طافت به العائلة كل ارجاء باريس ومكنته من زيارته حتى جامعة السوربون وبعد ماعاشه مع العائلة ومن حبه المفرط لها اطلق تسمية اعضاء هذه العائلة على اولاده البداية كانت من كمال الى وردة الى نفيسة ومسعود وهم اخوة وردة وامها نفيسة ويذكر عمي الربيع ان وردة كانت تحب الرقص على عزف شقيقها على الة القيتار، وان العائلة طافت بين الجزائر ولبنان وفرنسا وان اخوتها زاروا المنطقة مسقط رأس والدهمبمشتة ذيب صالح ، لكن وردة لم تنزل الى المنطقة ابدا ، حيث كانت بداية حياتها العائلية بزواجها من ضابط في الجيش الوطني الشعبي وقد عاشت مدة من الزمن في تونس وبعدها انتقلت الى القاهرة وان اتصاله بالعائلة لم ينقطع خاصة مع شقيقها الذي استقر به الحال بالعاصمة حيث كان يوجه له الدعوة من حين الى اخر الى المكوث في العاصمة ويذكر مرة انه تلقى مكالمة من المرحومة وردة وقد عبرت عن فرحتها بالحديث اليه وقالت له "راك عزيز علينا عمي الربيع راك من ريحة الوالد وريحة البلاد ونحنا نحب لبلاد" وهو يسرد هذه المشهد توقف عن الكلام برهة ليجمع انفاسه مرددا ربي يرحمها ربي يرحمها، حقيقة يقول عمي الربيع ان الجزائر فقدت عملاقة ساهمت في رفع هامة الجزائر عاليا بفنها وهي ترتب في المراتب العليا و من عمالقة الفن العربي ، ذاع صيتها في كل الأرجاء، اراد عمي الربيع ان يقول الكثير لكن جسمه المنهك بالمرض حال دون ذلك لكنه كان حزينا كثيرا لرحيل وردة قريبته وكان يتمنى ان يكون من ضمن المشيعين لجنازتها لكن المرض خانه فكان يتابع المشهد من وراء الشاشة وقد خيم الحزن على كل العائلة كمال مسعود وردة ونفيسة ونحن نودع عائلة باجوج أردنا أن نطوف بشوارع سوق أهراسالمدينة التي تمنت ان تحتضن ابنتها وردة على ركح مسرحها وتشنف أذانهم بكلمات بتونس بيك او في يوم وليلة او حبك قدر لكن المدينة استفاقت على رحيل ابنتها وهي تقول لهم بودعك. كان حزينا لأن المدينة لم تضم الى صدرها وردتها ورحلت الى الابد ليلتم شملها مع كاتب ياسين ومصطفى كاتب وسانت اوغستين، أبناء المنطقة حيث عبر الجيل الذي واكب وردة الجزائرية انها تركت رصيدا كبيرا وساهمت بشكل كبير في تخليد الوطن والثورة وواكبت كل مراحل البناء من الثورة الى الاستقلال وتمنى نخبة من المثقفين لو كرمت هذه العملاقة في مسقط رأس والدها، لكنهم دعوا الى تخليد ذكراها حتى يتسنى لأبناء الجيل الجديد معرفة مسارها الفني والتاريخي حتى تتمكن الولاية من احتضان ابنتها البارة وتعود اليها بعد رحيلها .