اتفاق على عقد قمة بين بوتفليقة وهولاند قريبا برزت بوادر "التحسن" في العلاقات الجزائرية-الفرنسية، منذ تولى الرئيس فرانسوا هولاند مفاتيح قصر الاليزيه، لتضع بذالك حدا لسنوات من الجمود خلال فترة حكم ساركوزي، وظهر ذلك جليا من خلال الإشارات التي أرسلتها كل من الجزائر وباريس، منذ إعلان نتائج الانتخابات الفرنسية، وكان آخرها المكالمة التي جرت بين الرئيسين بوتفليقة وهولاند مساء الأربعاء، والتي تم خلالها الاتفاق على الالتقاء في اقرب الآجال، بحيث من المنتظر أن يتم ترتيب زيارة بين قادة البلدين في الفترة المقبلة.أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، رغبة بلاده في تعزيز علاقات بلاده مع الجزائر، في اتصال هاتفي أجراه مساء الأربعاء مع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، حسب بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية، وأضاف البيان، بان هولاند أعرب للرئيس بوتفليقة انه يريد "تعزيز الشراكة الاستثنائية" القائمة بين البلدين. وأوضحت الرئاسة الفرنسية في بيان صدر الخميس، أن "رئيس الجمهورية أجرى بعد ظهر (الأربعاء) محادثة هاتفية مع الرئيس بوتفليقة. وعبر رئيس الدولة لنظيره الجزائري عن تمسكه العميق بعلاقات الصداقة الفرنسية الجزائرية". وعبر هولاند لبوتفليقة "عن رغبته في مزيد من تطوير الروابط العديدة القائمة بين فرنساوالجزائر وتعزيز الشراكة بين البلدين في كافة المجالات". وأضاف البيان أن "هذه الشراكة الاستثنائية يجب أن تعزز أكثر القرب الذي يوحد أصلا الشعبين الفرنسي والجزائري ويسهم في إقامة مجموعة (وحدة) المصير بين الدول في الفضاء الأوروبي المتوسطي". واتفق الرئيسان من جانب آخر "على الالتقاء في أفضل الآجال"، بحسب البيان. وهو ما يعنى إطلاق الترتيبات الدبلوماسية لتحضير اللقاء المرتقب. ويأتي هذا الإعلان في سياق مؤشرات تشير إلى بداية مرحلة الانفراج في العلاقات بين البلدين، بعد فترة الجمود التي استمرت عدة أشهر خلال فترة تولى الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وكانت باريس من أولى الدول التي أشادت بتنظيم الانتخابات التشريعية في الجزائر معتبرة أنها "جرت إجمالا في هدوء وبلا حوادث تذكر". وقبل ذلك حرص الرئيس بوتفليقة على تهنئة هولاند بمناسبة انتخابه رئيسا لفرنسا، معربا له عن استعداده للعمل معه من أجل تعاون جزائري فرنسي في مستوى إمكانيات البلدين، وأعرب بوتفليقة عن استعداده للعمل مع الرئيس الفرنسي الجديد، من أجل تعاون جزائري- فرنسي يكون في مستوى إمكانيات البلدين ويتساوق مع ما للعلاقات بين البلدين من بعد إنساني ومع الشراكة الاستثنائية التي قال " نطمح إلى بنائها". وطالب مؤرخون في الفترة الأخيرة على ضرورة "إعلان تهدئة فرنسية فيما يخص الذاكرة"، وقال المؤرخ المختص في تاريخ الجزائر ، بنجامين ستورا، مؤخرا، أنه ينبغي على الرئيس المنتخب الفرنسي فرانسوا هولاند القيام "بالتفاتة للتهدئة في مجال الذاكرة" مع الجزائر، مؤكدا أن الذاكرة شرط لتفادي أي اتهام بممارسات "استعمارية جديدة". وقال ستورا، بأنه قد سبق لهولاند أن دعا إلى تقديم فرنسا اعتذاراتها عن ماضيها الاستعماري و بأن تتم "إدانته دون تحفظ" كما قال متسائلا إذا كان يجدر بالرئيس المنتخب الإعتذار باسم فرنسا. و استرسل المؤرخ قائلا "لا بد من إعتراف رسمي بما جرى حقيقة في الماضي. في فرنسا الأمر تعدى الإعتذار. "إذ يتساءل الناس إلى أي درجة لا زلنا في مرحلة الإعتراف بالأحداث" مذكرا بأن فرانسوا هولاند قال بأنه "مستعد للقيام بالتفاتة".بالمقابل يرى محللون، بان تجاوز "مرحلة الجمود" في العلاقات، قد يكون بحاجة إلى مزيد من الوقت، لإزالة مخلفات حقبة ساركوزي، خاصة مع تنامي التيار اليميني المتطرف الرافض لأي "علاقات استثنائية" بين باريس والجزائر، وقد تحاول هذه الأطراف استغلال الذكرى الخمسين للاستقلال لتأجيج صراع الذاكرة بين البلدين، على غرار القرار الذي اتخذه عمدة بلدية ''إكس أون بروفنس'' بمرسيليا، بإلغاء نشاطات ثقافية بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر تتضمن عرض ''معركة الجزائر'' ومسرحية ''كانت ذات مرة جيرمان تيون''، ابتداء من 22 ماي المنصرم، بداعي أن التظاهرة تشكل ''خطرا على النظام العام''. وعلل رئيس البلدية المعروف بنزعة ''الحنين للجزائر الفرنسية''، في تصريح نقلته يومية ''لابروفنس'' الفرنسية، القرار قائلا: ''يستحيل الحديث عن الجزائر، بل من اللامسوؤلية التطرق لهذا الموضوع، لتفادي صدم الجالية المهمة من المرحّلين المقيمة ببلديتنا''.