أنا جد محظوظة لأن صونيا آمنت بموهبتي و منحتني بطولة أهم أعمالها ليديا لعريني، ممثلة من الجيل الجديد من الفنانين المسرحيين الذين اقتحموا في وقت قصير عالم الاحتراف و أثبتوا وجودهم في الساحة الفنية. في هذا الحوار الذي خصت به النصر تحدثت عن بدايتها الموسيقية و عن إستمرار شغفها بالخشبة، التي تألقت فيها إلى جانب أسماء مهمة من كبار المخرجين المسرحيين، و على رأسهم الفنانة الكبيرة صونيا التي تعاملت معها في الكثير من الأعمال الناجحة التي حصدت جوائز مميزة و آخرها "إمرأة من ورق" الذي اختير للمشاركة في مهرجان المسرح المحترف قريبا. حدثينا عن بدايتك على ركح مسرح باتنة ، و الخطوات الأولى التي أوصلتك إلى الإحتراف في مجال التمثيل المسرحي دون المرور بمعهد الفنون الدرامية... بدايتي الفنية عكس ما يعتقده الجميع، لم تكن مسرحية بل موسيقية مع فرقة شابة كانت تؤدي اللون التونسي و كنت أنا مغنيتها الرئيسية طيلة سنوات ، غير أن المسرح كان حلمي الفني الأول. وعندما بلغت ال 14 من عمري ذهبت لدار الثقافة بباتنة و طلبت الإنضمام إلى إحدى الجمعيات المسرحية لأنني أريد أن أمثل ، و لكنني صرفت النظر عن الموضوع عندما صدمت برفض أسرتي انضمامي لهذا القطاع ، و سرعان ما عدت في سن التاسعة عشر للتعلق بالفن لكنني اخترت شكلا آخر منه و استشرت والدي فوافق و كانت الثقة التي منحها لي أكبر عامل شجعني . إلتحقت بفرقة موسيقية شابة، و شعرت في تلك اللحظة أن كل أبواب الحلم انفتحت أمامي مرة أخرى و لم أتردد في قبول أول عرض قدم لي في المسرح رغم أن الدور كان شخصية قطة في مسرحية للأطفال بعنوان "الحافر الفضي" للمخرجة العراقية فاتن الجراح التي اقتنعت جدا بأدائي. و من هنا بدأ مشواري الحقيقي في التمثيل مع مسرح باتنة الجهوي الذي قدمني للجمهور بنجاح في العديد من الأعمال كمسرحية "عروسة المطر" لمسعودة إيدامي، "الإمبراطور"، "يوم من زماننا"، " فوضى كالأبواب "قاضي الظل" و غيرها من الأعمال التي فجرت فيها طاقتي الإبداعية. على أي أساس تختار ليديا أدوارها المسرحية؟ قد يدهشك أن أخبرك أن المخرجين الذين أعمل معهم هم اللذين يختارونني عادة للأدوار التي يرونها مناسبة لشخصيتي، و لحسن الحظ كل الأعمال المسرحية التي قمت بها إلى الآن كانت ناجحة و موفقة إلى حد كبير. عندما بدأت العمل في المسرح الجهوي لباتنة كممثلة محترفة كنا ثلاثة ممثلات فقط و لم يكن لدينا الخيار و كنا نضطر لتجيسد كل الأدوار التي تعرض علينا مهما كان نوعها، و الحمد لله لم أندم إلى الآن على دور أديته من قبل لأنني وفقت إلى حد كبير في أدواري و أرجع هذا النجاح إلى رغبتي الكبيرة في العمل و تطوير نفسي أكثر، و لكنني طبعا أرفض أن يحصرني المخرجون في نفس الدور دوما لكي لا يمل مني جمهوري . أنا أعتبر نفسي ممثلة محظوظة جدا في الأعمال التي أقوم بها، حتى في الأدوار التي عوضت فيها ممثلات أخريات بسبب انسحابهن لسبب أو لآخر في اللحظة الأخيرة، و التي تحصلت من خلالها أيضا في مهرجانات مهمة على الجوائز قيمة كجائزة "القناع الذهبي" عن دوري في مسرحية للأطفال بعنوان "علاء الدين و المصباح السحري"، و غيرها. من الواضح أن علاقتك بالمخرجة صونيا قوية جدا لتصر على إختيارك لآداء أهم أدوار البطولة النسائية في أعمالها الأخيرة كمسرحية "أمام أسوار المدينة" و مسرحية "إمرأة من ورق" التي ستشارك في مهرجان المسرح المحترف في طبعته المقبلة، ما هو السر في ذلك؟ المخرجة صونيا فنانة ذات حس مرهف، و قد شرفتني كثيرا بإيمانها الكبير وثقتها بموهبتي و قد جسدت ذلك من خلال الأدوار المهمة التي منحتني إياها في أعمال مهمة جدا، لاقت كلها الإعجاب من طرف الجمهور و المختصين في مختلف المهرجانات المحلية و الوطنية و المنظمة خارج الوطن. بصراحة أنا لا أعرف بالضبط ما هو السر الذي يجعلها تختارني شخصيا في كل مرة لتجسيد البطولة أو أحد الأدوار الرئيسية في مسرحياتها العميقة التي تضج بأبعاد إجتماعية و فلسفية مهمة، بدءا بمسرحية "راس الخط"أسوار المدينة "، " الشهداء"، "عام لحبل"، " إمرأة من ورق" و غيرها من العروض الجادة و الهادفة التي جمعتنا سويا بإنسجام كبير و تنسيق رائع يشعر به الجمهور بقوة فوق الركح. إن نظرتها الثاقبة للممثلين الشباب و إيمانها القوي بموهبتي تحديدا خير حافز لي للعمل معها، و الاستفادة من خبرتها الطويلة في مجال التمثيل ،خاصة من خلال بعض الورشات التكوينية كالتي نظمتها في المسرح الجهوي لمدينة سكيكدة و التي إستفاد منها العديد من الممثلين الشباب في كل من التمثيل، الرقص، الموسيقى، الغناء و تاريخ المسرح و هي الجوانب التي يفتقد إليها الآن الكثير من ممثلينا. إلى جانب المسرح كانت لك مشاركات تلفزيونية في أعمال مهمة كمسلسل "دوار الشاوية" و مسلسل "جروح الحياة"، إلا انك بقيت رغم ذلك وفية للمسرح ... كممثلة بإمكاني العمل في كافة مجالات التمثيل و أشكاله كالسينما و التلفزيون غير أن المسرح يبقى أهم محور في حياتي فهو الفضاء الحقيقي الذي يحتضنني فنيا، و بدوري أسعى لاستثمار كل طاقاتي فيه و أحضر أدواري بعناية كبيرة. كما أفعل حاليا مع مشروع "إيزميرالدة و كازيمودو" مع الفنان جمال دراوي، صاحب النص الذي وعدني بدور الغجرية ، فاشتريت في سفري الأخير إلى الأردن كل أكسسوارات الغجريات من أحزمة و حلي و غيرها استعدادا له، لأنه من أكثر الأدوار التي تحمست كثيرا له. ما هو سر خفتك الكبيرة على الركح؟ أعتقد أن أهم شيء يعلم الممثل المسرحي الخفة على الركح هو الرقص و الكوريغرافيا، و أنا فنانة شغوفة بالتعلم من خلال الممارسة و لا أحب أبدا تضييع الفرص و أحاول تعلم أكبر قدر ممكن من الأشياء التي تفيدني في مهنتي، كما فعلت مع مصممة الرقصات مسعودة إيدامي التي علمتني في إحدى المسرحيات كيفية الحركة على المسرح بالإضافة إلى الموسيقي سليمان الحابس الذي رافقني منذ بداية مشواري الفني. ماهو جديد ليديا لعريني في الخشبة ؟ حاليا لدي مشروع مهم جدا مع الكاتب و الممثل مسعود بو حجيرة، بدأت التدرب عليه بمفردي لأنه عبارة عن مونودراما ، أحضر له بتأني كبير لأنني معجبة جدا بالنص الذي يتحدث عن كل ما هو تقليدي في مجتمعنا و خاصة عن العادات الشاوية.