جودي: الحكومة ستوقف رفع الرواتب ودفع جزء من المنح، وستعلق بعض المشاريع أكّد وزير المالية كريم جودي أن الحكومة ستلجأ لاعتماد إجراءات تقشفية في حال ثبوت استمرار أزمة منطقة اليورو واستمرار انخفاض أسعار النفط، ملمحا إلى أن هذه الإجراءات ستمس الجانب الاجتماعي عبر توقيف رفع الرواتب ودفع المنح والتعويضات الجديدة، وكذا وقف المشاريع المدرجة في مخطط الخماسي الحالي التي لم تنطلق بعد. لم يستبعد وزير المالية كريم جودي في تصريح هامشي له أمس بمجلس الأمة خلال اختتام الدورة الربيعية للبرلمان لجوء الحكومة "لمخطط تقشف في حال بقاء الأزمة متفاقمة في منطقة اليورو، واستمرار أسعار البترول في الانهيار، وقال جودي في هذا الإطار أن الحكومة كانت قد نصبت سنة 2008 لجنة خاصة لدراسة تداعيات أزمة ما عرف في ذلك الوقت بالرهن العقاري في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وواصلت اللجنة بعد ذلك دراسة انعكاسات الأزمة المالية التي تحولت إلى أزمة اقتصادية عالمية مست منطقة أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض البلدان الصاعدة، وهي الآن تواصل عملها لتحليل مدى انعكاس أزمة منطقة اليورو وانخفاض أسعار النفط على اقتصاد الجزائر. وفي حال ثبوت استمرار الأزمة في أوروبا وتواصل انخفاض أسعار الذهب الأسود فإن الحكومة – يضيف جودي- سوف تلجأ لاعتماد إجراءات تقشفية ستمس الجانب الاجتماعي عبر توقيف رفع أجور العمال والموظفين، ووقف دفع الجزء الثاني من المنح والتعويضات التي جاءت بها الأنظمة التعويضية الجديدة، وأيضا تعليق ما نسبته 10 بالمائة من مشاريع التجهيز المسطرة في مخطط النمو الخماسي الحالي التي لم تنطلق بعد، كون 87 بالمائة من المشاريع التنموية المدرجة في هذا المخطط قد انطلقت، مستبعدا توقيف هذه الأخيرة لأنها هي التي ستخلق التنمية والثورة ومناصب الشغل. وقال الوزير في نفس الاتجاه دائما أن الحكومة مجبرة على تبني مقاربة حذرة في تحديد سقف النفقات العمومية بالشكل الذي يوفق بين الظرف الدولي المتميز بالأزمة المعروفة وتراجع أسعار النفط وبين مؤشرات الاقتصاد الكلي للبلاد بما فيها حجم الدين العام الداخلي والخارجي وعائدات الجباية غير النفطية. وبالنسبة لكريم جودي فإن مصالح وزارة المالية ستعمل على وضع سلم أولويات في تنفيذ مشاريع الاستثمارات العمومية المدرجة ضمن مخطط النمو الخماسي 2010-2014 حيث كانت الحكومة قد سجلت ميزانية قدرت ب13,06 ألف مليار دينار لتغطية تكاليف أكثر من 87 بالمائة من مشاريع الاستثمار العمومية هذه ضمن قوانين المالية لسنوات 2010، 2011 و2012، وما تبقى أي أكثر من 10 بالمائة بقليل من المشاريع المسجلة ضمن المخطط الخماسي فإما ستنجز حسب الأولويات والضرورة، أو يعلق عدد منها في حال لجوء الحكومة لمخطط التقشف الذي تحدث عنه وزير المالية. ونشير أن تصريحات وزير المالية هذه التي تعتبر الأكثر جرأة منذ بداية الأزمة المالية في منطقة اليورو وتدهور أسعار الذهب الأسود تتناغم مع ما أكده خبراء بنك الجزائر قبل يومين خلال عرضهم التقرير الخاص بتطور المؤشرات الاقتصادية والنقدية للبلاد سنة 2011، حيث نبه هؤلاء إلى أن الحكومة ستكون مضطرة في حال استمرار تراجع أسعار النفط نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية في منطقة اليورو وبلدان الأخرى إلى تعليق العديد من المشاريع التنموية المسطرة في المخطط الخماسي الحالي. وبحسب خبراء بنك الجزائر فإن هذا المأزق الذي قد تجد الجزائر نفسها فيه راجع بالأساس إلى بقاء الاقتصاد الوطني أسير مصدر واحد ووحيد للمداخيل هو المحروقات، داعين إلى إطلاق مشاريع اقتصادية كبيرة بالأموال المخزنة في البنوك - خاصة في مجال الصناعة- قد تساهم في خلق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وتحرره من التبعية للمحروقات.