محسنون يحولون المساجد قبيل الإفطار إلى شبه مطاعم لا يكاد يخلو أي مسجد من مساجد ببلادنا، من مظاهر الإحسان المتمثلة في امتلاء بيوت الله قبيل الإفطار بما يجود بها المتصدقون من مختلف أنواع المأكولات، لكن غياب ثقافة النظافة لدى بعض من هؤلاء، جعل ما يقومون به يتحول دون وعي منهم، من نعمة إلى نقمة سببت الإزعاج للأئمة و المصلين على حد سواء. و بالرغم من أن إفطار الصائمين خلال شهر رمضان، يعد من الأفعال المحمودة في ديننا الحنيف، إلا أن الكثير ممن يقومون به حولوه إلى فعل يلحق الأذى بالمسجد و المصلين عن غير قصد أو وعي، حيث توزع الصدقات دون الحرص على نظافة المسجد، و ذلك بجلب مأكولات متنوعة ، كحلوى الزلابية و التمر و الحليب و وضعها في باحة المسجد أو بداخله، ليفطر عليها الصائمون من عابري السبيل و القادمين لأداء صلاة المغرب، الذين يجدون أنفسهم بعد تناولهم ما جادت به أيدي المحسنين، دون مناديل يمسحون بها أيديهم أو فمهم على الأقل.و قد نجد أحيانا متصدقين يجلبون صحونا أو علبا تحتوي على الطعام الذي ينوون التصدق به، فيتركونها في أمكنة عديدة من زوايا المسجد بعد إفطار الصائمين بها، قبل أن يذهبوا إلى منازلهم دون حملها أو تنظيف ما حولها، خاصة إذا تعلق الأمر بحلوى الزلابية المتشبعة بالعسل، ليتسخ بذلك سجاد المسجد ، و يجد المصلون أنفسهم يؤدون عبادتهم في مكان غير نظيف و مليء بمخلفات الأطعمة، رغم أن ذلك يتنافى مع قدسية المسجد الذي يعد من بيوت الله.و قد تركت هذه السلوكيات استياء كبيرا لدى بعض المصلين ممن تحدثنا معهم، حيث و إن لم يخفوا فرحتهم لما يقوم به المتصدقون من المساهمة في نشر صور التراحم و الإحسان بين المسلمين، أكدوا بأن الضرر الذي تسببه هذه الأفعال قد يكون أكثر من منفعتها. و هو الأمر الذي دفع بعدد من الأئمة و الخطباء إلى الإلحاح في كل مناسبة على ضرورة حرص المتصدقين على نظافة المسجد بعد جلبهم للمأكولات، و وضعها في الأماكن المخصصة لها.السيد يوسف عزوزة مدير الشؤون الدينية بولاية قسنطينة، اعترف من جهته بوجود الظاهرة و قال بأن جميع المساجد تعاني منها لكن بدرجات تختلف، و هو ما جعل مصالحه تصدر تعليمات بتخصيص أماكن لوضع مأكولات المتصدقين و المحسنين فيها، تبعتها خرجات تفتيشية شملت جميع المساجد خاصة منها التي تحتوي على مطاعم الرحمة، و ذلك بهدف الحفاظ على المساجد لتكون نظيفة و لائقة للعبادة دون أن يتخللها ما يشوه منظرها.