قرية المتناقضات الغارقة في الأوحال و أزمة السكن حمام أولاد علي القرية السياحية الصغيرة التي تعدت شهرتها حدود الوطن بفضل مركباتها المعدنية الفخمة التي جعلتها على كل لسان ، قرية المتناقضات التي تعيش بوجهين أحدهما مشرق جذاب و ساحر و الآخر مظلم بائس يحيلك على القرى الريفية النائية التي يعاني أهلها في صمت. زرنا القرية التعيسة يوم اختيار المير الجديد الذي يعلق عليه أهالي حمام أولاد علي أملا كبيرا لتغيير الواقع المتردي يقولون بأنه ابن قريتهم الصغيرة يعرفهم و يعرفونه و يقولون أيضا بأنه قد تعهد بالبقاء معهم حتى و لو أصبح ميرا لبلدية هليوبوليس التي قال أهالي القرية بأنها أدارت ظهرها للقرية السياحية الصغيرة على مدى سنوات طويلة حتى تنامت مظاهر الحرمان و البؤس الاجتماعي القائم بذاته يقابلك أينما ذهبت عبر الأزقة الموحلة و الجدران المتداعية التي تخفي بداخلها حكايات بشر مازالوا يقيمون بسكنات برنامج الراحل أحمد بن بلة المنجزة قبل 50 سنة تقريبا بيوت من الترنيت الأحمر الذي قاوم عوامل الزمن و الطبيعة بما يكفي ثم بدأ في الانهيار منذرا القوم بضرورة الرحيل. دخلنا مركز التصويت بمدرسة القرية كان الإقبال كثيفا على غير العادة يريدون أن يخرج من بينهم ميرا جديدا يغير حالهم و حال قرية المتناقضات التي ثار أهلها ذات يوم من شهر أوت الماضي للمطالبة بحقهم في التنمية التف حولنا الأهالي و طالبونا بزيارة الوجه الآخر للجوهرة السياحية فكانت البداية من أمام ركز الاقتراع شوارع من التراب و الطين تحيط بها الأشواك و النباتات البرية الكثيرة الانتشار بالمنطقة جميع الأزقة على هذا الحال ترك أمرها للطبيعة تغرقها بالمياه و الأوحال شتاء ثم تحولها إلى غبار و نفايات متنقلة كلما اقترب الصيف أزقة بائسة و أطفال يلعبون وسط برك المياه و الأوحال و بقايا الصرف الصحي تعودوا على اللعب هنا و تعودوا أيضا على ارتداء الأحذية البلاستيكية المقاومة للماء و الوحل. يقول السكان بأن وضع الأزقة الترابية قد تدهور أكثر منذ إنجاز شبكة الغاز الطبيعي الذي يعد المكسب الوحيد الذي تحقق بقرية المتناقضات حتى الآن و يعود الفضل في ذلك إلى المركبات السياحية الفخمة التي تحرك أصحابها لجلب قنوات الغاز و كان للسكان نصيب. و يطالب أهالي حمام أولاد علي بضرورة إطلاق مشروع كبير لتعبيد الطرقات و الأرصفة و الساحات العامة و إنجاز نظام للصرف الصحي و تشغيل نظام الإنارة العمومية حتى تتخلص القرية البائسة من ليالي الظلام و شق طريق مزدوج وسط القرية يمتد من مدخلها الغربي إلى غاية المركبات السياحية التي يقصدها الزوار باستمرار من داخل و خارج الوطن. و يروي السكان قصة السياح الذين كانوا قاصدين القرية السياحية لقضاء أيام من الراحة و الاستجمام بمركباتها الفخمة و عندما دخلوا القرية عادوا أدراجهم معتقدين بأنهم أخطئوا الطريق فهذه ليست القرية الجميلة التي سمعوا عنها أكواخ من الصفيح و طرقات من التراب و مسلك واحد معبد غمرته الأتربة و النفايات ليست هذه الجنة الساحرة التي سمعوا عنها قرروا العودة و البحث عن حمام أولاد علي من جديد فأقنعهم القوم بأن هذه هي حمام أولاد علي و أشاروا عليهم بعبور الأزقة البائسة للوصول إلى الوجه الآخر للقرية حيث الفنادق الفخمة و المتنزهات الساحرة التي كلما دخلتها يخيل إليك بأنك هناك على الضفة الأخرى للمتوسط. تعيش الغالبية من سكان حمام أولاد علي بقريتين قديمتين الأولى بناها الراحل أحمد بن بلة مطلع الستينات و الثانية بناها هواري بومدين بداية السبعينات في إطار برنامج قرى الثورة الزراعية مرت سنوات طويلة على القريتين و بدأت المنازل في الانهيار على رؤوس أصحابها الذين لم يجدوا ملاذا آخر يهربون إليه يقول السكان بأن بعض المنازل الصغيرة بقرية هواري بومدين كما يسمونها تضم أربع عائلات حيث يعاني أهالي حمام أولاد علي من أزمة سكن خانقة و لم تحصل القرية لحد الآن على سكن اجتماعي واحد و حتى البناء الريفي ممنوع داخل ما يسمى بالمحيط العمراني للقرية التي يقول أهلها بأنها ذهبت ضحية التصنيف الذي وضعها في مصاف المناطق الحضرية بولاية قالمة. أزمة سكن خانقة أتعبت أهالي حمام أولاد علي و دفعتهم إلى ترميم مساكنهم بأنفسهم خوفا من سقوطها الشتاء القادم مطالبين بإعادة النظر في تصنيف القرية و السماح لأهلها بالحصول على إعانات البناء الريفي و بناء مجمع ريفي جديد يخلصهم من العذاب الطويل الذي سلب منهم كرامتهم و جعلهم يعيشون حياة بدائية بالقريتين البائستين.