عصامي يجمع بين دفء رمال الصحراء و برودة صخور قسنطينة جمع بين سحر الصحراء و شموخ صخر قسنطينة العتيق في لوحات اعتمد في ابتكار رسوماتها على رمل و صبر قال أنهما كل ما يحتاج إليه لتجسيد تحفه الفنية، إنه الفنان فاتح رقيق39سنة الذي جعل من الرمل مصدر رزق و إبداع منذ15سنة. اكتشف الفنان العصامي موهبته في فن الرسم خلال تأديته لواجب الخدمة الوطنية بالأغواط، أين استغل أوقات راحته في تعلم فن الرسم باستعمال الرمل بهذه المنطقة المعروفة بتميّز مبدعيها في هذا المجال، و أخذ عنهم أهم أسرارها ليجعل منها فيما بعد مصدر رزق له و لعائلته، حيث كان للقائه بكل من الفنانين عيسى قريشي و طاهر جديد عمالقة الرسم بالرمل كما وصفهما الأثر الكبير في تغيّر حياته، بفضل تشجيعهما له على ممارسة هذه الحرفة الفنية التي اجتهد في صقلها طيلة سنوات و لا زال حتى اليوم يسافر إلى عمق الصحراء لتعلم المزيد كما قال. و لقيت لوحات الفنان الذي شارك بها مؤخرا في صالون الصناعات و الحرف التقليدية بقصر الثقافة مالك حداد بقسنطينة، استحسان و إعجاب الكثير من الزوار الذين جذبتهم الألوان الرملية الهادئة التي طبعت أغلب رسوماته، سيّما تلك التي حاول من خلالها المزج بين دفء الصحراء و صلابة صخور قسنطينة، حيث أبدع في رسم مدينة الجسور باستعمال ألوان الرمل الطبيعية بذات البراعة و الدقة المسجلة عند الفنانين التشكيليين من مستعملي الألوان الزيتية أو المائية، مبيّنا قدرته العالية في التحكم في حبات الرمل التي يتنقل إلى عمق الصحراء لجمع و انتقاء أجمل ألوانها المختلفة و التي يتفنن في وضعها على تصاميم قال أنه يستوحيها من الطبيعة تارة و من أعمال أشهر الرسامين تارة أخرى، حيث أسر لنا بأنه استلهم من روائع الرسام نصر الدين دينيه تناغم الألوان الصادقة التي توحي بانسيابية واحدة شمولية التموّجات في حركة الحياة البسيطة بساطة أهل الصحراء:»كنت أستعمل الألوان الصاخبة في بداية مشواري، لكنني سرعان ما تخليت عنها باكتشافي لأعمال دينيه المفعمة بالعواطف و الأحاسيس» يقول الفنان إشارة إلى اعتماده الطريقة اللونية الواضحة و الأقرب للطبيعة. و بالإضافة إلى ولعه باستعمال الرمل في تجسيد أفكاره الإبداعية التي حملته إلى الجمع بين النحاس الذي اشتهرت به مدينته و ذهب الصحراء، أبدع الفنان في مجال رسم البورتريه،حيث تثير دقة و حدّة الملامح التي يرسمها إعجاب متأملي لوحاته التي قال عنها أنها مستوحاة من الواقع مؤكدا أنه لا يعيد رسم إلا ما يستهويه أو يفرض عليه رسمه. و بقدر تميّزه في استعمال الرمل بيّن فاتح قدرته العالية في استعمال الجلد و القطن في تجسيد بورتريهات تكاد تنطق لبراعته الفائقة في نقل أدق التفاصيل عن ملامح الوجه و التي لا تخفي هي الأخرى تأثيره الواضح بالرسام العالمي إيتيان دينيه من حيث الوضعيات التي يصوّر فيها شخصياته الغامضة الملامح. و يستعد الفنان للمشاركة في معرض فني بالجنوب يبدأه السبت القادم من الأغواط التي كانت و ستبقى من أهم محطاته الفنية كما ذكر. و عن ظروف عمله قال بأن كل ما يكسبه من لوحاته يذهب بين تكاليف الإيجار و مواد العمل لأنه يعمل بورشة صغيرة ببلدية الحامة بوزيان و يحلم بالاستفادة من برنامج دعم مشاريع الحرفيين الشباب لتوسيع نشاطه و التفرّغ لابتكاراته الفنية بشكل أفضل.