مفرقعات المولد النبوي تغيب للسنة الثانية على التوالي عن شوارع تيزي وزو عادة ما تمتلئ شوارع تيزي وزو على غرار باقي الولايات بأطنان المفرقعات بشتى أنواعها و أشكالها وتسمياتها الغريبة والتي تعرض عموما للبيع شهرا قبل مناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، غير أن الملفت هذه السنة غياب هذا النشاط التجاري حتى بالسوق السوداء، حيث غابت الألعاب النارية و المفرقعات على وجه الخصوص للسنة الثانية على التوالي وسط دهشة البعض و استحسان البعض الآخر. فولاية تيزي وزو بمدنها الكبرى عزازقة ،الأربعاء نايث ايراثن وعين الحمام ستعرف احتفاء هادئا مرة أخرى بعد منع تسويق المفرقعات و المراقبة الصارمة للجهات الأمنية المختصة التي يبدو أنها جنت ثمارها، حيث سيكتفي الأطفال بإشعال الشموع دون اللجوء إلى استعمال الألعاب النارية للتعبير عن فرحتهم بهذه المناسبة المباركة التي تدخل البهجة على قلوب العائلات التي تحتفل بها كل واحدة على طريقتها الخاصة. فعادة ما يحبذ الرجال والشيوخ وحتى الشباب فى مثل هذا اليوم السعيد التوّجه نحو المساجد للذكر و الابتهال والاستماع إلى المديح الديني، فيما تستيقظ الأمهات مبكرا لطهي الطمينة، وهي وجبة صباحية لذيذة يحبها الصغار، والمصنوعة من السميد المسقى بالسمن والعسل، يتداول الكثيرون بالمنطقة رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب أكلها، وإن لم يكن لذلك أصل في السيرة النبوية إلا أن الأسرة القبائلية تحافظ على هذه العادة و تعتبرها ضرورية لإحياء هذه الذكرى. كما تشهد الزوايا بدورها نشاطا متميّزا ومكثفا، يمكن اعتبار هذا اليوم عيدا خاصا للزوايا، حيث تقام أمسيات يحضرها الأهالي و الأقارب والأصدقاء للاستماع إلى القراء "الطلبة" وهم يرتلون آيات القرآن الكريم ترتيلا جماعيا، ويؤدون المدائح النبوية، ثم يتناولون وجبة العشاء التي تضم الطبق التقليدي الرئيسي الكسكسي، وشرب الشاي بالنعناع، قبل الدعاء لصاحب المأدبة ولسائر المسلمين بالخير. و تبدأ الجلسات بالذكر تخللها القصائد في تمجيد الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم. ورغم هذه العادات والطقوس، فإن الكثير من شيوخ الزوايا بالمنطقة على غرار زاوية الشرفة نبهلول بعزازقة و زاوية تفريت ناث الحاج،و كذا سيدي منصور...وغيرها يستقبلون المولد النبوي الشريف، بإلقاء الخطب والدروس والمواعظ و يحذرون فيها المسلمين عامة من البدع والخرافات والمخالفات الشرعية، ويؤكدون على أهمية تربية النشء على أخلاق الرسول الكريم واستلهام الدروس والعبر من سيرته العطرة، والاقتداء والتأسي به صلى الله عليه وسلم. و تلتقي النساء ببعض قرى تيزي وزو خاصة بضواحي الأربعاء نايث ايراثن في منزل الجارة الأكبر سنا لاحتساء الشاي الأخضر، وتتباهى كل منهن بالحلويات التي تتفنن في طهيها، وفي صبيحة المناسبة يرافق الأطفال الذين تم ختانهم آباءهم في جولة شبه استعراضية بأرجاء القرية أو المدينة ليراهم الجميع، وكأن الطفل يقول"ها أنا قد أصبحت رجلاً". ومن أجمل العادات التي ألفتها الأسرة القبائلية منذ عهود طويلة و التي تؤكد حب سكان المنطقة وتعلقهم الكبير بالرسول الكريم هو تسمية المواليد الجدد في هذه المناسبة السعيدة بأسماء مثل محمد ،مصطفى ،مولود ،وغيرها. ومن جهة أخرى تقوم بعض القرى بتُنظيم عمليات ختان جماعي للأطفال وذلك قصد ترسيخ مفاهيم الجماعة والاتحاد في نفوس البراءة. فيما تقوم قرى أخرى بإعداد "الوعدة" و توزيعها عبر المساجد وإطعام عابري السبيل. نوارة /ك